هيونداي تنضم إلى قافلة مبتكري الحافلات دون سائق

انضمت شركة هيونداي الكورية الجنوبية إلى حلبة سباق القيادة الذاتية بعدما بدأت في تسيير حافلات صغيرة عبارة عن صناديق ذكية، حيث يكتفي السائق بالجلوس خلف المقود دون تدخل، مع تصميم مميز ممزوج بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
سيول - شكل إطلاق مجموعة من الحافلات الصغيرة آلية القيادة في شوارع العاصمة سيول مؤخرا منعطفا جديدا في عالم المركبات الذكية والتي يسعى لها معظم المصنعين مقتنعين بأنها المستقبل.
والتجربة التي أجازتها الجهات التنظيمية تأتي بعدما أجبرت التكنولوجيا الشركات على تغيير معادلات التنقل لتجسيدها واقعيا رغم الشكوك في قدرتها على توفير السلامة المطلوبة بعد سلسلة من الحوادث القاتلة كانت طرز تسلا الأكثر تسببها فيها.
وتنظر هيونداي التي ركّزت خلال سنوات كغيرها من المنافسين مثل تويوتا وفولكسفاغن وفولو على ابتكار مركبات توفر تجربة ممتعة للقيادة، إلى ما وراء سيارات الاستخدام الشخصي بسبب تحوّل الصناعة مع وصول تقنيات القيادة الذاتية والسيارات الكهربائية.
ولدى المطورين في الشركة الكورية قناعة بأن الذكاء الاصطناعي له القدرة على إحداث تغيير جذري خاصة للمركبات، التي لا تحوي مقودا وخزانات الوقود والأجزاء الرئيسية الأخرى، مما يوفّر خيارات تصميم مرنة لملاءمة أغراض متنوعة. وتم تطوير الحافلات من قبل شركة النقل المستقل 42 دوت الناشئة، والتي استحوذت عليها شركة هيونداي في أغسطس الماضي.
ويمكن للحافلة آلية القيادة أن تحمل سبعة ركاب وستتنقل مبدئيا في حلقة يبلغ طولها 3.4 كيلومتر حول جيونغجي، وهي منطقة سياحية وتجارية مزدحمة في وسط مدينة سيول.
وكإشارة ترحيب أتاحت الجهة المسؤولة عن استخدام هذه الحافلات مجانية ركوبها خلال فترة الإطلاق التي انطلقت الأسبوع الماضي، حيث تمكن الجمهور من الصعود في محطتين على طول الطريق بعد حجز مقعد على تطبيق الهاتف المحمول.
وأقام عمدة سيول أوه سي هون والمسؤولون التنفيذيون من شركة هيونداي و42 دوت حفل إطلاق الخميس الماضي، حيث استعرضوا الخدمة للمسؤولين الحكوميين وأعضاء وسائل الإعلام.
وقال سي هون عند الإطلاق "لقد بدأت خطوتنا الأولى الهادفة إلى جعل سيول المدينة الرائدة للقيادة الذاتية". وأضاف "بدءا من اليوم، سنقدم أكبر قدر ممكن من الدعم لتجميع الكثير من البيانات لتأخذ المدينة زمام المبادرة في تعزيز القيادة الذاتية".
وفي نوفمبر الماضي، بدأت سيول تشغيل أول خدمة تجارية لسيارات السيدان ذاتية القيادة، وفي يونيو أطلقت المدينة مشروعا تجريبيا لسيارات الأجرة الآلية في حي جانجنام المزدحم.
ووضعت سيول خارطة طريق طموحة تتضمن بنية تحتية على مستوى المدينة لتمكين المركبات المستقلة من العمل على جميع الطرقات من مسارين أو أكثر بحلول عام 2026، مع خطط لأكثر من 400 حافلة وسيارة أجرة لتكون في الخدمة بحلول ذلك الوقت.
وتم تجهيز هذه الحافلات بقرابة 12 كاميرا وستة أجهزة استشعار للرادار لقراءة إشارات المرور وتخطيط الصور في الوقت الفعلي للمركبات والمشاة.
وقال جيونغ سيونغ جيو، مدير تطوير الأعمال بشركة 42 دوت إن “هذه الحافلات قادرة على القيادة الذاتية من المستوى الرابع، مما يعني أنها تستطيع القيادة الذاتية في معظم الظروف".
ومع ذلك، سيبقى السائق دائمًا في السيارة من أجل السلامة. وقال جيونغ إن “الشركة وبلدية سيول اتفقتا على أن يتولى السائق السيطرة اليدوية على الحافلة في جزء مزدحم من الطريق حيث تملأ الشوارع شاحنات التوصيل والدراجات النارية والمشاة الذين يمشون على الطريق".
ولم يغفل المطورون عن وضع بصمتهم الفريدة في تصميم الحافلة إذ تم تجهيزها بنوافذ كبيرة وفتحة سقف بانورامية وهي مخصصة لمشاهدة معالم المدينة بقدر ما تستخدم في النقل. ومن المتوقع أن تصبح خدمة هذه الحافلات وجهة نقل مستقبلية للسياح.
وتراهن كوريا بشكل كبير على مستقبل القيادة الذاتية كصناعة نامية للبلد البارع في التكنولوجيا. وتستثمر الحكومة حوالي 875 مليون دولار لتطوير البنية التحتية ذاتية القيادة والأطر التنظيمية وتهدف إلى تسويق المركبات من المستوى الرابع بحلول 2027.
كما ينفق القطاع الخاص على التنقل في المستقبل. ففي أبريل الماضي أعلنت هيونداي أنها ستستثمر 50 مليار دولار بحلول 2025 على مجموعة واسعة من التقنيات والشركات الجديدة، من أجهزة الشحن والمركبات إلى السيارات ذاتية القيادة إلى التنقل الجوي في المناطق الحضرية.
وفي وقت سابق هذا الشهر، نصح الرئيس الكوري يون سوك يول الرئيس التنفيذي لشركة تسلا ومؤسسها إيلون ماسك على بناء مصنع للسيارات في بلاده أسوة بما فعله في الصين وألمانيا.
ومن المتوقع أن يتم إضافة حافلة ثالثة إلى الخدمة في أوائل ديسمبر المقبل، وسيتم تمديد الطريق في النصف الأول من العام المقبل. كما ستطلق المدينة بالتزامن مع ذلك حافلات بدون سائق مجانية للمواطنين والسياح بالقرب من المقر الرئاسي السابق في ضاحية تشيونغ وا داي.
وتعكف العديد من الشركات العالمية حاليا على توفير حافلات كهربائية صديقة للبيئة ذاتية القيادة بمختلف المدن الأوروبية وحتى العربية في رحلة طويلة لتطوير نظام النقل العام المستقبلي.
وهناك حافلات تجوب الشوارع في إطار التجارب ومنها ما بدأ العمل بالفعل، مع العلم أن في كل حافلة سائقا يجلس للتدخل في حالات الطوارئ أو الخروج عن السيطرة. ومن بين من اقتحموا المضمار شركة إي.جي.أو الألمانية الناشئة، والتي أدخلت الحافلة الكهربائية آلية القيادة مرحلة الإنتاج القياسي في 2019.
وحافلة الشركة، التي تتخذ من مدينة آخن مقرا لها، هي مشروع مشترك مع شركة زد.أف الألمانية التي تريد إظهار خبرتها في الأنظمة المتعددة كشريك في الشركة الناشئة.
وكانت هيئة الطرق والمواصلات في دبي قد دشنت في فبراير 2018 بالتعاون مع شركة نكست فيوتشر ترانسبورتيشن الأميركية، التجارب لأولى وحدات تنقل ذاتية القيادة في العالم، مما اعتبره خبراء أحد أهم الإنجازات في هذا المضمار.