هيكلة الظهير السياسي لا يحمي الحكومة السودانية من خطر التفكك

43 حزبا ومنظمة وتكتلا سياسيا وقعوا على الإعلان السياسي لوحدة تحالف قوى الحرية والتغيير وتدشين هياكل تحالفية لقيادة المرحلة المقبلة.
الجمعة 2021/09/10
مسار ثوري متعثر

الخرطوم - تكررت محاولات السلطة في السودان لتوحيد صفوف الظهير السياسي للحكومة الانتقالية ممثلا في قوى الحرية التغيير، غير أن جميع المحاولات تركت ثقوبا عديدة ما زالت تهدد البنية الأساسية لحكومة تمر بعثرات مختلفة منذ تشكيلها، ما يزيد من هشاشة المرحلة الانتقالية التي تعاني جراء تصدعات بعض القوى السياسية.

ووقع أكثر من 43 حزبا ومنظمة وتكتلا سياسيا على الإعلان السياسي لوحدة تحالف قوى الحرية والتغيير الأربعاء، وتدشين هياكل تحالفية لقيادة المرحلة المقبلة.

ولن تتمكن هذه الخطوة من إنهاء حالة التشظي وإقناع كافة القوى الموقعة على ميثاق التحالف الأساسي، فما زالت هناك قوى وأحزاب وحركات لديها تحفظات بما يضع المزيد من الأشواك على طريق إعادة هيكلة التحالف الحاكم وتفعيل أدواره.

ويتوقع متابعون أن تستمر معاناة الحكومة، حيث وجدت نفسها بلا ظهير يدعمها ويراقب أعمالها ويدفعها نحو تنفيذ الرؤى والخطط التي أعلن عنها رئيس الحكومة عبدالله حمدوك مرارا.

البشرى الصائم: اختطاف القرار تسبب في عدم القدرة على لم الشمل

واعتبر رئيس الحكومة أن الإعلان السياسي الجديد “خطوة تاريخية جريئة في الاتجاه الصحيح، وتتسق مع مبادرته الوطنية (الطريق إلى الأمام) في طريق الوحدة”.

ورفضت قوى فاعلة في قوى الحرية والتغيير التوقيع على الإعلان السياسي بالرغم من محاولات إقناعها بالحضور، منها أحزاب فاعلة في كتلة نداء السودان، واللجنة الفنية لإصلاح قوى الحرية والتغيير التي تضم 28 حزبا ومنظمات من المجتمع المدني، بجانب حركات فاعلة في الجبهة الثورية.

وتعددت أسباب الرفض بين قوى رأت أن الإعلان الجديد انحياز لمجموعة من الأحزاب والحركات التي تشارك في الحكومة باعتباره يضع سلطة اتخاذ القرار بيد المجلس المركزي الذي يضم 21 حزبا فقط من أصل 79 حزبا وحركة وتنظيما سياسيا، فضلا عن عدم الوصول إلى صيغة توافقية للإعلان تضمن التوافق على أسس مبدئية للخطوات المقبلة بالمرحلة الانتقالية.

وقال عضو اللجنة الفنية لإصلاح قوى الحرية والتغيير، البشرى الصائم، إن “اختطاف القرار من جانب حفنة من الأحزاب تمثل المجلس المركزي تسبب في عدم القدرة على لم شمل جميع القوى المنضوية داخل التحالف، وجرى التراجع عن النقاط المشتركة المتفق عليها ومنها عقد مؤتمر تأسيسي كان من المقرر أن يعيد هيكلة التحالف ويناقش القضايا التي تمر بها فترة الانتقال، ويضع خططا واضحة لمعالجة الخطوات المتبقية من المرحلة الانتقالية”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “القوى التي وقعت على الإعلان السياسي لديها رغبة في عقد مؤتمر تداولي يحدده المجلس المركزي فيما طرحت قوى غير ممثلة في المجلس الرجوع إلى الميثاق الأساسي للتحالف، وهو أمر لم تتم الاستجابة له”.

وهناك مجموعة داخل التحالف تحاصر رئيس الوزراء بالمحاصصة التي جرى على أساسها تشكيل الحكومة الثانية، ولا يجد حمدوك قدرة على استيعاب كافة القوى، وإن لم يكن هناك تعديل على طريقة إدارة التحالف الحكومي فالتفكك سيكون مصيره، خاصة أن السير في المسار الحالي قاد إلى تفتيت الجبهة الثورية التي تضم حركات مسلحة وتنظيمات سياسية.

وحذرت قوى عديدة رفضت التوقيع على الإعلان السياسي حمدوك من إمكانية حدوث انقسامات كبيرة، مؤكدة أن الخطوة تتنافى مع مبادرته التي حاول بها لمّ الشمل، واستمرار الخلافات المدنية – المدنية، والمدنية - العسكرية والصراعات القبلية والجهوية سوف تقود إلى تفكيك الحكومة ذاتها.

ويجد حمدوك نفسه أمام حاضنتين، الأولى تتمثل في الأحزاب والحركات المسلحة التي لديها وزراء يشكلون حكومته ويمثلون أولوية بالنسبة إليه، لأنه يستهدف عدم إثارة أزمات معها تؤثر على عمل الحكومة.

عمار عوض: الإعلان السياسي مبادرة ترمي إلى لملمة صفوف التحالف الحاكم

وأضحت الحاضنة الثانية وهمية وليس لها حضور في الواقع وتتكون من أطياف متباينة تمثل القوى الموقعة على ميثاق قوى الحرية والتغيير، ويريد حمدوك السيطرة عليها لكن لم تعد لديه القدرة على استيعابها سياسيا.

وقد تواجه الحكومة تيارات جديدة معارضة لها من نفس القوى التي كانت تدعمها، على غرار الحزب الشيوعي وتجمع المهنيين بما يساهم في اتساع دائرة المعارضة وتعريض الحكومة لضربات يصعب الصمود أمامها بسبب هشاشة هياكلها الداخلية.

وحاولت الأحزاب الموقعة على الإعلان الدستوري، وأبرزها حزب الأمة القومي، وحزب المؤتمر والبعث الاشتراكي والتجمع الاتحادي والحركة الاتحادية وبعض حركات ومنظمات الجبهة الثورية، مغازلة لجان المقاومة بتأكيدها العمل معها وتوسيع دائرة المشاركة ومعالجة قضايا الشباب ومتابعة قضايا الشهداء والجرحى والمفقودين.

وأوضح المحلل السياسي عمار عوض أن ما يسمى بـ”حراك توحيد القوى السياسية” يسير في طريقين، “الأول يرتبط بالإعلان السياسي الذي يستهدف جمع حزب الأمة والجبهة الثورية وباقي القوى الممثلة في المجلس المركزي في جبهة واحدة، حتى لا يكون هناك تعارض في سياسات الحكومة وتوجهاتها”.

وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى أن “المسار الثاني يتمثل في مبادرة حمدوك بهدف تأسيس حاضنة سياسية للحكومة تحت رايته، وأن الإعلان السياسي هو جزء من المبادرة التي ترمي إلى لملمة صفوف التحالف الحاكم وتوسعته لتحصين الحكومة، غير أن فشل كلا الطريقين سوف يؤثر بشكل مباشر على تماسك الحكومة”.

2