"هيا الروح" يهتم بذوي الاحتياجات الخاصة وحضورهم في المجتمع

المسلسل يمتاز في طرحه لقضية ذوي الاحتياجات الخاصة بتفكيكه للعقد الاجتماعية المتوارثة جيلا تلو الآخر بإيقاع سريع.
الخميس 2022/08/04
مسلسل يشرّح واقع فئة معينة

الكويت - لم تكن الدراما الخليجية والكويتية خاصة تهتم خلال السنوات الماضية بطرح مسلسلات تهتم بعالم ذوي الاحتياجات الخاصة وتفاعلهم مع المجتمع وأوجه حضورهم وسطه. لكنها في العام الحالي خصصت مسلسلا لهذه الفئة من المجتمع، لا يحضر أفرادها بأدوار ثانوية وإنما يهتم بهم كموضوع رئيسي.

"هيا الروح"، مسلسل كويتي يحتفي بذوي الاحتياجات الخاصة الذين يمثلون شريحة منسية دراميا في حركة الإنتاج الخليجي، ويتوقف عندها بالكثير من الرصد الفني لواقعهم الاجتماعي والثقافي وحتى الاقتصادي.

عرض المسلسل لأول مرة في السباق الرمضاني الماضي، وهو متاح للمشاهدة على منصة "شاهد" السعودية. والمسلسل هو التجربة الأولى للكاتبة الكويتية الشيخة مريم ناصر الصباح، التي أظهرت إلماما بالموضوع وقدرة على تطوير القضية ومسار الشخصيات، وكذلك المزج بين الخط الاجتماعي والرومانسي للعلاقات داخل المسلسل.

"هيا الروح" يتوقف عند ذوي الاحتياجات الخاصة بالكثير من الرصد الفني لواقعهم الاجتماعي والثقافي وحتى الاقتصادي

وتقول الكاتبة إنها تهدف من وراء المسلسل إلى التشجيع على “دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع، لاسيما أن الثقافة المنتشرة والسائدة في المجتمع الخليجي والعربي عامة تتسم برفض اندماج ذوي الاحتياجات الخاصة داخل المجتمع، حتى أنه يطلق عليهم مسمى المعاقين”.

وتضيف “أرى من وجهة نظري ومن خلال رسالة العمل ومحتواه أن ذوي الهمم هم الذين يسطرون النجاح في كل المجالات، ويساهمون في بناء الوطن، ويعملون بكل تفان وإخلاص وجهد وإرادة من أجل تحقيق طموحاتهم المستقبلية في تحسين حياتهم وخدمة المجتمع”.

وأضافت الصباح أن المسلسل “ذو إيقاع إنساني اجتماعي، يتناول قصة فتاة يتيمة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهي بطلة بلعبة الرماية، ورغم أن شقيقها يتولى رعايتها ودعمها والشد من أزرها، لكن في الوقت ذاته تتعرض للكثير من الظلم الذي تعايشه وتقاسيه في مختلف النواحي، من خلال النظرة المجتمعية لها، لأنها معاقة، لكن إرادة الله فوق كل اعتبار، إلى جانب العزيمة القوية لتلك الفتاة التي تتحدى كل الظروف والمتغيرات”.

والمسلسل من إخراج حمد البدري، وهو مخرج كويتي يعتبر من أبرز مخرجي الدراما المحلية والخليجية، وهو صاحب بصمة فنية حقيقية، تنوعت أعماله وناقشت الكثير من القضايا الاجتماعية. كما يعد أول مخرج كويتي يعمل بالدراما السعودية، حيث قام بإخراج "الساكنات في قلوبنا" الذي عرض على قناة "أم.بي.سي"، بالإضافة إلى العديد من التجارب الدرامية ومنها “خذيت عمري وعطيت”، و”روز باريس”، و”غريب بين أهله”، و”حضن الشوك”، و”صاحبة الامتياز” وغيرها.

ويحكي المسلسل قصة الشابة "هيا" التي تجسدها الفنانة ليلى عبدالله، وهي فتاة جامعية يتيمة تتحدى الظروف وتصارع من أجل إثبات الذات، حيث إنها متفوقة بالجامعة وكذلك بطلة في لعبة الرماية، تمتلك شخصية قوية وتأمل في تحدي الإعاقة لتحقيق ذاتها بصفتها امرأة كويتية وخليجية ناجحة.

تتعرض هيا للكثير من الظلم كونها من ذوي الاحتياجات الخاصة، فرغم تصالحها مع وضعها الجسدي وإدراكها مكامن القوة والضعف فيه، وتأقلمها مع طبيعة حياتها المفروضة عليها منذ الولادة، إلا أن المجتمع لا يشجعها ويسمح لها بعيش حياة طبيعية، لاسيما إن بلغت أحلامها الحب والارتباط العاطفي والزوجي، حيث تصطدم قصة حبها لابن عمها الشاب “فهد”، الذي يجسده الفنان بدر الشعيبي، برفض العائلة والمجتمع، رغم قرارهما تحدي الجميع.

المسلسل يحكي قصة الشابة "هيا" الجامعية اليتيمة التي تتحدى الظروف وتصارع من أجل إثبات ذاتها

يمتاز المسلسل في طرحه لهذه القضية، بتفكيكه للعقد الاجتماعية المتوارثة جيلا تلو الآخر، بإيقاع سريع، وبنظرة سوسيوثقافية مصغرة للمجتمع الكويتي، ومنه المجتمع الخليجي والعربي الذي لم يتصالح بعد مع فكرة عيش المرأة ذات الاحتياجات الخاصة مع رجل سليم جسديا، رغم أن المجتمع نفسه يقبل أن يحدث العكس وأن يرتبط رجل من ذوي الهمم بامرأة سليمة جسديا فتعينه على كل متطلبات حياته.

ونجح المسلسل في توجيه رسالة للمجتمع وخاصة جيل الشباب، مفادها أن ذوي الاحتياجات الخاصة من حقهم عيش حياة طبيعية، يختارونها بحرية، كما من حقهم الاندماج داخل المجتمع المطالب بمنحهم الحق في اكتشاف قدراتهم وأثرهم ودورهم في النسيج الاجتماعي وتفهم احتياجاتهم من أجل مجتمع متماسك سليم.

ويجمع المسلسل الذي يحمل رسالة تغيير لفكر بائد، ممثلين من جيل الشباب في الدراما الخليجية، كما يتضمن العمل أبطالا من الكويت والمملكة العربية السعودية، مثل إبراهيم الحربي، والفنان الشاب بدر الشعيبي، الذي حقق شعبية كبيرة بين فئة الشباب المؤثرين حاليا، وفي العمل أيضا عبدالله التركماني، ونور، وفي الشرقاوي، وناصر عباس، وعبدالله الطراروة، وكفاح الرجيب، وغرور، وإيمان جمال، بالإضافة إلى ضيف الشرف الفنان عبدالعزيز اللويس.

ويذكر أن الدراما الخليجية اهتمت هذا العام بالتوثيق لفترات تاريخية مهمة، حيث وثقت المسلسلات فترة الحرب العالمية الثانية وحرب الخليج وتحرير الكويت من الغزو العراقي، كما وثقت بعض الأعمال فترات الأربعينات والستينات، في حين جاءت بعض المسلسلات جريئة تكسر الصورة النمطية للدراما الخليجية التي تعمل وفق ضوابط وحدود دقيقة ومشددة، فأثارت غضب الجمهور الخليجي والعربي، في حين يعد “هيا الروح” المسلسل الوحيد الذي يتطرق إلى حياة ذوي الاحتياجات الخاصة، ويقدم موضوعا مختلفا وطرحا دراميا جديا.

15