هياكل صحفية تونسية تنافس هيئة الانتخابات على قواعد تغطية السباق الرئاسي

تونس - تحشد الهياكل الإعلامية المهنية في تونس من أجل منافسة هيئة الانتخابات لتغطية السباق الرئاسي 2024، ووضع نسختها الخاصة من القواعد والشروط التي تحكم عمل الصحافيين.
وبعد اجتماع نظمته النقابة الوطنية للصحافيين الأربعاء بالتنسيق مع مجلس الصحافة وبمشاركة ممثلي هياكل المهنة من صحافيين ورؤساء مؤسسات إعلامية وخبراء، قررت اتخاذ إجراءات حمائية وآليات عمل تساعد الصحافيين على تغطيتهم للانتخابات الرئاسية 2024.
ودعت صحافييها إلى العمل على تحضير مخطط تغطية الصحافيين للانتخابات الرئاسية 2024 بهدف الاستئناس به داخل المؤسسات الإعلامية استنادا إلى ورقة توجيهية كانت أصدرتها مؤخرا حول القواعد المعتمدة في العملية الانتخابية أعدتها بالتنسيق مع مجلس الصحافة وعدد من المنظمات الوطنية المعنية بالشأن الإعلامي.
ورغم أن القواعد والشروط التي وضعتها هيئة الانتخابات تضمنت تأكيدا على أخلاقيات العمل الصحفي والحياد والنزاهة في تغطية السباق الرئاسي، وشددت على المساواة بين المرشحين الرئاسيين في وسائل الإعلام، عادت نقابة الصحافيين إلى تكرار نفس التعليمات، وحثت العاملين في وسائل الإعلام على أداء دورهم في الوصول إلى الحقيقة مع احترام أخلاقيات المهنة والمواثيق التحريرية وتنويع الأشكال الصحفية وعدم الاقتصار على الأخبار حتى لا ينساق الإعلام وراء الدعاية السياسية والسعي إلى المساواة بين المترشحين، مطالبة المؤسسات الإعلامية بعقد اجتماعات التحرير بصفة دورية.
كما دعت مؤسسات الإعلام العمومي إلى القيام بدورها الأساسي كمرفق عام يوفر للمواطنين المعلومة المستنيرة والموضوعية وألا يكون بوقا للدعاية السياسية التي تضرّ بمصداقية الانتخابات.
ووضعت النقابة طاقما يتألف من 10 محامين على ذمة الصحافيين والمؤسسات الإعلامية طيلة الفترة الانتخابية، ودعت الصحافيين إلى اعتماد استمارة الشكوى التي تمّ إعدادها لتوثيق التجاوزات والضغوط التي يتعرضون لها خلال أدائهم لمهامهم الصحفية وتيسير عملية المتابعة والرصد.
وأعلنت عن تكوين فريق من الأخصائيين القانونيين تُعهد إليهم مهمة إنجاز قراءة قانونية للقرارات التي أصدرتها هيئة الانتخابات واقتراح مسارات التناول القضائي في هذا الخصوص.
وعادت النقابة إلى مهاجمة هيئة الانتخابات، قائلة إن “إسناد الولاية العامة على المشهد الإعلامي لنفسها وانخراطها ‘الفاضح’ في إسداء التعليمات وممارسة الضغوطات المباشرة على رؤساء التحرير، يعد تناقضا صارخا مع أهدافها والقوانين الجاري بها العمل لتنظيم المشهد الإعلامي وتغييب الهايكا”.
وكان المتدخلون خلال الاجتماع تحدثوا عن الصعوبات التي تعترضهم خلال ممارساتهم المهنية، في ظل ما أسموه الضغوط وتوجيه المضامين.
وقال نقيب الصحافيين زياد دبار “إن قطاع الصحافة ليس قاصرا حتى تتحكم فيه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات”، مشيرا إلى أن هناك أسئلة جوهرية حول مدى الالتزام بأخلاقيات المهنة في مجال تغطية نشاطات رئيس الجمهورية.
وانتقد ما أسماه الرقابة القبلية لهيئة الانتخابات على المضامين الصحفية خلال الحملة الانتخابية، معتبرا أن الولاية العامة للهيئة على الإعلام غير منطقية، وأن الهيئة ليس من مجال اختصاصها البت وإبداء الرأي في الأجناس الصحفية.
وشدد على أن هيئة الانتخابات ليست لها الأهلية لتقييم العمل الصحفي وتوجيهه، وهو ما أنتج ضغطا كبيرا على وسائل الإعلام التي تلقت 13 تنبيها خلال الفترة الانتخابية، على خلفية أعمال صحفية ناقدة للهيئة، مؤكدا على أن الصحافيين التونسيين لديهم الخبرة الكافية لتغطية الانتخابات بالتعددية والنزاهة المطلوبتين.
من جانبه قال عضو مجلس الصحافة منوبي مروكي “إن العقوبات التي وضعتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لمراقبة الصحافيين غير مقبولة وهو تهديد لحرية الإعلام، خاصة أن الهيئة طلبت من العديد من الإذاعات والصحف مخططا تفصيليا لتغطية الانتخابات دون العودة إلى الهياكل التمثيلية”، داعيا إلى التمسك بالمواثيق الداخلية للمؤسسات.
ويأتي الجدل حول تغطية الانتخابات التونسية بعد أن صادق مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس على تنقيح قرار الهيئة المتعلق بضبط القواعد والشروط التي يتعين على وسائل الإعلام التقيد بها خلال الحملة الانتخابية وحملة الاستفتاء.
ويتضمن القرار أربعة أبواب، يتناول الباب الأول الأحكام العامة، ويُعنى الباب الثاني بالقواعد العامة المتعلقة بوسائل الإعلام، ويهتم الباب الثالث بالقواعد الخاصة المتعلقة بوسائل الإعلام المكتوبة والإلكترونية، في حين يتطرق الباب الرابع إلى العقوبات.
وكان الناطق الرسمي باسم الهيئة محمد التليلي المنصري أفاد في تصريح سابق بأن المقصود برقابة “الفضاء العام” خلال الفترة الانتخابية هو رقابة شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المكتوبة والسمعية والمرئية والإلكترونية الخاصة والعمومية، وذلك استعدادا للانتخابات الرئاسية، مشددا على أن ما ورد في بيان الهيئة بخصوص موانع الفضاء العام خلال الفترة الانتخابية لا يتعلق بالنقد البناء لعمل الهيئة.
وأضاف أن هذه الرقابة التي تنطلق شهرين قبل الحملة الانتخابية “مضبوطة بالقانون الانتخابي والقرارات الترتيبية الصادرة عن الهيئة” وهي تخص منع الإشهار السياسي وتحجير بث ونشر نتائج سبر الآراء التي لها صلة بالانتخابات، إلى جانب منع تخصيص رقم هاتف مجاني بوسائل الإعلام أو موزع صوتي أو مركز نداء لفائدة مرشح أو حزب.
ومع هذا الإعلان يبدو أنه لم تعد هناك سلطة للهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري (الهايكا) في الإشراف على وسائل الإعلام في ما يتعلق بالانتخابات القادمة، وهو ما كان سببا في نشوب معارك قضائية بين الهيئتين.
وكانت الهايكا تقوم برصد التغطية الإعلامية وتصدر تقريرا مفصلا حول أداء مختلف المؤسسات، مع فرض عقوبات مالية على وسائل الإعلام السمعية والبصرية التي لم تراعِ ضوابط وشروط التغطية، لكن هيئة الانتخابات تعتبر أن هذه المهمة من صلاحياتها في فترة الانتخابات لتصبح هي المشرفة على التغطية الإعلامية وهي التي تتولى وضع الشروط والضوابط.
وسبق أن طالبت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بـ”استرجاع السلطة الكاملة في مجال مراقبة وسائل الإعلام بمختلف أصنافها بما فيها الرقابة على الشبكات الاجتماعية”.
وشرعت وحدات رصد الفضاء العام التابعة للهيئة في “رصد كل المظاهر المخلة بسلامة المسار الانتخابي” على غرار الخطابات التي تتضمن الدعوة إلى العنف والكراهية، أو تضليل الناخبين ونشر الأخبار والإشاعات الكاذبة، أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالهيئة الانتخابية أو بالغير، أو تشويه السمعة أو النيل من العرض أو الكرامة أو الشرف. وأكد المنصري أن “هذه الإخلالات مجرمة بالقانون العام”