هيئة تحرير الشام تصعد ضد الحراك بعد فشل المفاوضات

الهيئة ترفض الخضوع لمطالب المحتجين الذين يصرون على المضي قدما في حراكهم حتى تلبية جميع مطالبهم.
الثلاثاء 2024/05/28
إدلب مفتوحة على كل الاحتمالات

إدلب (سوريا)- تشن هيئة تحرير الشام حملة اعتقالات واسعة في صفوف النشطاء المناوئين لها، بعد فشل المفاوضات بين قائد التنظيم الجهادي أبومحمد الجولاني وممثلي الحراك الشعبي، وسط تحذيرات من تدحرج الأوضاع في إدلب نحو الأسوأ.

وتواجه هيئة تحرير الشام التي تسيطر على مناطق واسعة في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، وأجزاء من ريف حلب الغربي والشمالي الغربي، وريف اللاذقية الشمالي الشرقي على الحدود السورية التركية، احتجاجات شعبية منذ أشهر، تطالب بإسقاط الجولاني ورفع القبضة الأمنية وتفكيك ما يسمى بجهاز الأمن العام، وتبييض السجون، وتحسين الأوضاع الاجتماعية.

واتخذت مطالب الحراك منحى سياسيا حيث يطالب البعض بالتداول على السلطة في المناطق “المحررة”.

◄ تنظيمات تريد أن يكون لها دور مستقبلي في حكم إدلب والمناطق الواقعة تحت سيطرة الهيئة، وهو ما يرفضه الجولاني

وحاول الجولاني منذ تفجر الأحداث احتواء الحراك بأساليب تراوحت بين التهديد والترغيب، لكن لم ينجح حتى الآن في امتصاص غضب الشارع.

وأجرى زعيم الهيئة مفاوضات مع ممثلين للحراك الأحد لكن لم يحقق أي اختراق، لتستأنف حملة الاعتقالات التي طالت حتى الاثنين العشرات من النشطاء، فيما بدا أن الهدف من ذلك ترهيب المتظاهرين، وثنيهم عن النزول إلى الشارع.

ودعا الطبيب محمد فاروق كشكش، أحد منسقي الحراك في إدلب، في تسجيل صوتي تم تداوله على نطاق واسع على شبكات التواصل الاجتماعي النشطاء إلى الانتباه من حملة الاعتقالات، لافتًا إلى أن الأمور في إدلب مفتوحة على كل الاحتمالات.

وجاء التسجيل في أعقاب مشاركة كشكش في الاجتماع الذي عقد مع الجولاني، الأحد، والذي حاول فيه الأخير استعراض الإصلاحات التي أجرتها الهيئة وذراعها التنفيذية “حكومة الإنقاذ”، لكن كشكش اعتبر أن تلك الإصلاحات لا تزال دون المأمول، مشددا على أن المطلب الرئيسي هو تداول سياسي حقيقي للسلطة.

وذكر كشكش أن أعضاء الحراك جاهزون للحوار بعد ترتيب بنية الحراك التنظيمية، لكن “الجولاني” رفض لأن الأمر تأخر، وطلب توقف المظاهرات مقابل الإفراج عن المعتقلين، ليجيب كشكش أن الناس لهم مطالب ولا يمكن أن يمنعهم أحد من الخروج.

ويشارك في الحراك الشعبي عدد من المكونات الاجتماعية، والتنظيمات وبينهم حزب التحرير، ويرى مراقبون أن المعضلة تكمن في أن تلك التنظيمات تريد أن يكون لها دور مستقبلي في حكم إدلب والمناطق الواقعة تحت سيطرة الهيئة، وهو ما ترفضه الهيئة بشكل مطلق وهي مستعدة لاستخدام القوة المفرطة إن اقتضى الأمر.

◄ الجولاني حاول منذ تفجر الأحداث احتواء الحراك بأساليب تراوحت بين التهديد والترغيب
الجولاني حاول منذ تفجر الأحداث احتواء الحراك بأساليب تراوحت بين التهديد والترغيب

وسبق وأن شنت هيئة تحرير الشام حملة تصفية لتنظيمات قريبة منها أيديولوجيا وفكريا مثل حراس الدين وغيرها من الفصائل الجهادية في شمال غرب سوريا، حتى تضمن الهيمنة الكاملة على المنطقة الخاضعة لنفوذها، وبالتالي فإن الهيئة لن تقبل اليوم التنازل.

وقبل حوالي أسبوعين قال الجولاني إن “الهيئة” استخدمت خلال الأشهر الثلاثة الماضية “لغة الحوار”، ولديها 50 “كرتًا” (بطاقة) لم تستخدم واحدًا منها، مضيفًا “من هان عليه المحرر فقد هان علينا، ولن نتهاون مع أي شخص أو تجمع أو حزب أو فصيل يريد إيذاء المحرر”.

ويرجح المراقبون أن تتصاعد حملة الاعتقالات للنشطاء، حيث من الواضح أن الهيئة لن تقبل بمطالب المحتجين، فيما هم مصرين على المضي قدما في حراكهم.

وقالت وزارة الداخلية في حكومة “الإنقاذ” إن الاعتقالات تتم وفق إذن من النائب العام، وبررت أسباب الاعتقال بأن الأشخاص المعتقلين مارسوا إرهابًا فكريًا على المتظاهرين المحقين، وعملوا على تشويه من يسعى إلى الإصلاح، وجر المنطقة إلى المجهول، وشق الصف والعودة إلى الاقتتال الداخلي وتضييع ما بذل من جهد لبناء المؤسسات.

وأضافت أن الأشخاص المعتقلين لهم دور كبير في التشجيع على حمل السلاح والأحزمة الناسفة، عدا السب والشتم والقذف والإساءة إلى المسؤولين والموظفين، والتسبب بتعطيل عمل المؤسسات في كثير من الأوقات.

ورفض “تجمع الحراك الثوري” التبريرات التي ساقتها حكوم الإنقاذ. وقال التجمع إن المعتقلين لم تصدر عنهم دعوة واحدة للعنف أو استخدام السلاح، ولم تعرف عنهم إلا المظاهرات السلمية الحضارية، وأن تصريحات وزارة الداخلية تدل على نية مبيتة لاعتقال الناشطين في الحراك.

ووفق مصادر إعلامية فإن الحملة الأمنية التي يشنها جهاز الأمن العام التابع للهيئة منذ الأحد وحتى الاثنين طالت أكثر من 90 شخصاً بينهم ست نساء، وشملت كل من مخيم البردغلي ومخيم أطمة ومخيم ديرحسان ومخيم كللي بأرياف إدلب.

ونقلت تلك المصادر عن قياديي جهاز الأمن العام قولهم إنهم مصممون على “ملاحقة المحرضين والفوضويين”.

وبحسب معطيات غير رسمية فقد اعتقلت هيئة تحرير الشام أكثر من 500 شخص خلال مايو الجاري.

2