هيئة الرقابة الليبية تدعو لوقف الإيفاد الدراسي والتوظيف بالقطاع العام

طرابلس - أصدرت هيئة الرقابة الإدارية الليبية، سلسلة من القرارات التي تستهدف تحسين الأداء المؤسسي والحد من الفوضى الإدارية التي أرهقت الخزانة العامة، في خطوة تعكس محاولاتها المستمرة لضبط النظام الإداري والمالي في البلاد.
وأوقفت هيئة الرقابة الإدارية جميع قرارات عبدالحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية الولاية، بالإيفاد الدراسي بالداخل والخارج. وفق بيان نشرته عبر صفحتها على فيسبوك.
وجاء القرار على خلفية توسّع وزارة التعليم العالي، وما سبقها من وزارات، في إصدار قرارات إيفاد ترتبت عليها التزامات مالية هائلة، لم تستطع الخزانة العامة الوفاء بها.
وأشار رئيس هيئة المراقبة المالية عبدالله قادربوه، إلى أن هذه القرارات أدت إلى الدخول في منازعات قضائية وأحكام مالية، وهو ما دفع بالهيئة إلى التدخل لوقف هذا النزيف المالي.
وتقول أوساط ليبية إن معظم قرارات الإيفاد جاءت دون دراسة جدوى واضحة أو تنسيق مع الجهات المعنية، مما خلق أزمات إضافية في تنفيذ الالتزامات المالية.
وأكدت الرقابة الإدارية أن الإيفاد لا يمكن أن يستمر دون تسوية الديون القديمة وضمان الالتزام بالمخصصات المحددة في الميزانية العامة.
وفي قرار آخر يسلط الضوء على الأعباء المالية المتزايدة، دعت هيئة الرقابة الإدارية إلى تعليق الإجراءات المتعلقة بشغل الوظائف العامة في الدولة سواء بالتعيين أو التعاقد وذلك نظرا لارتفاع كلفة الرواتب.
وقالت الهيئة المكلفة بمراقبة أداء الحكومة إن عدد العاملين بالقطاع العام في ليبيا بلغ مليونين و99200 موظف، فيما بلغ إجمالي كلفة الرواتب 372 مليار دينار ليبي خلال السنوات الاثني عشرة الماضية.
وقال البنك الدولي في تقرير صدر العام الماضي، استنادا إلى مسح أجري في 2022، إن نحو 89 بالمئة من قوة العمل في ليبيا موظفون في القطاع العام.
ونشرت الهيئة النداء عبر صفحتها على فيسبوك، موجها إلى رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة وإلى كل الهيئات والمؤسسات التابعة لحكومته. ولم ترد الحكومة بعد.
وتشير بيانات البنك المركزي إلى أن رواتب القطاع العام في الدولة المنتجة للنفط قفزت 104 بالمئة خلال السنوات الأربع الماضية إلى 67.6 مليار دينار ليبي (نحو 13.70 مليار دولار) العام الماضي مقارنة مع 33.1 مليار دينار في عام 2021.
وقالت هيئة الرقابة الإدارية "عليه وللأهمية ولما تقتضيه المصلحة العامة يطلب منكم إيقاف كافة إجراءات شغل الوظيفة العامة (التعيين - التعاقد) حتى إعادة النظر فيها".
ويقع المقر الرئيسي لهيئة الرقابة الإدارية في طرابلس، وتشمل صلاحياتها الاعتراض على التعيينات في المناصب العامة وتحسين المساءلة والشفافية في الحكم في ليبيا.
وقالت الهيئة إن ارتفاع أعداد موظفي القطاع العام ورواتبهم جاء نتيجة "إجراءات عشوائية، وهو ما رتب التزامات مالية على الخزانة العامة عجزت الدولة عن الوفاء بها".
كما أشار التقرير إلى أن بعض الجهات العامة أعفت موظفيها من إثبات الحضور والانصراف بحجة عدم صرف مرتباتهم، مما أسهم في تفاقم الفوضى الإدارية.
وشددت الرقابة الإدارية على أن التنظيم الفوري لهذه التعيينات أصبح ضرورة ملحة لضمان استقرار الجهاز الإداري.
واضطر الكثير من الليبيين إلى الانتظار في طوابير أمام البنوك للحصول على النقود منذ الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011 بدعم من حلف شمال الأطلسي، وما تلا ذلك من انقسام السلطة بين فصائل في شرق ليبيا وأخرى في غربها في عام 2014.
وقطاع النفط والغاز هو عماد الاقتصاد الليبي ويمثل الجزء الأكبر من إيرادات الحكومة والصادرات.
وتكشف القرارات الأخيرة للرقابة الإدارية حجم التحديات التي تواجهها الدولة في ضبط الأداء الإداري والمالي، وفي الوقت ذاته، فإن وقف الإيفادات الدراسية والتعيينات العامة يُعد خطوة نحو كبح الهدر المالي. لكن، هذه القرارات تحتاج إلى آليات تنفيذ صارمة وإجراءات متابعة لضمان عدم تكرار الأخطاء الماضية.