هيئة الانتخابات في تونس تطمئن المؤسسات الإعلامية: لن نمر مباشرة إلى الإجراءات الزجرية

قلق حيال حرية الصحافة والإعلام في تونس وسط دعوات لرئاسة الجمهورية إلى ضرورة فتح حوار مع الأطراف المعنية بالقطاع.
الاثنين 2024/07/29
قلق في أوساط الصحافيين من التدخل في المضامين الإعلامية

تونس - سعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس إلى طمأنة المؤسسات الإعلامية والعاملين فيها حيال الإجراءات الرقابية التي ستتخذ خلال الحملة الانتخابية، مشيرة إلى أنها ستعتمد مبدأ التدرج في ما يتعلق بوسائل الإعلام المخالفة.

وكشفت هيئة الانتخابات في وقت سابق عن تشكيل خلايا لرصد أي “إخلالات” أو “خروقات” تقوم بها وسائل الإعلام بكافة أصنافها أثناء الحملة الانتخابية. وضاعف ذلك من حجم القلق حيال تدخل الهيئة في المضامين الإعلامية، وسط تساؤلات حول المعايير التي ستعتمدها الخلايا التي تم إنشاؤها في رصدها للإخلالات.

وأوضح رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر أن مسألة مراقبة الهيئة لوسائل الإعلام لا تمر مباشرة إلى الإجراءات الزجرية بل تتدرج عبر مراحل من لفت النظر إلى التنبيه، وفي حالة التمادي في الخرق تحيل الهيئة ملف الوسيلة الإعلامية إلى القضاء الاستعجالي أو تتوجه إلى النيابة العمومية لوقف بث أو ترويج أي محتوى إعلامي فيه مساس بقواعد الحملة الانتخابية.

وأضاف بوعسكر في تصريح لإذاعة موزاييك المحلية أن للهيئة الكفاءات والخبرات اللازمة لرصد وسائل الإعلام وهي من تقوم باقتراح الإجراءات التي يجب اتخاذها في حالات الخرق.

وكانت نقابة الصحافيين عبرت بشكل غير مباشر عن رفضها لأسلوب تعاطي هيئة الانتخابات مع العمل الصحفي. وقالت النقابة في بيان لها إنه لا يمكن للصحافيين الحديث عن مسار انتخابي حقيقي دون توفر جملة من الشروط كضمان حرية العمل الصحفي واستقلالية الخطوط التحريرية للمؤسسات الإعلامية.

فاروق بوعسكر: للهيئة الكفاءات والخبرات اللازمة لرصد وسائل الإعلام
فاروق بوعسكر: للهيئة الكفاءات والخبرات اللازمة لرصد وسائل الإعلام

وطالبت بالاكتفاء في تنظيم العمل الصحفي بالقوانين الخاصة (المرسومان 115 و116)، وتعليق العمل بالمرسوم 54 الذي اعتبرت أنه أصبح أداة لترهيب الصحافيين وتصفية الحسابات السياسية.

وبينت النقابة أنّ تجميد عمل الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري( الهايكا) خلّف فراغا كبيرا على مستوى ضمان شروط التعدد والتنوع في وسائل الإعلام السمعية والبصرية، وهو ما من شأنه المساس بمصداقية التغطية الصحفية للانتخابات، موضحة أنّ ما عاينته من تجاوزات وشكاوى تتعلق بصنصرة مضامين في وسائل الإعلام العمومية يدعو إلى إعادة التفكير في ضمان استقلالية هذه المؤسسات حتى تكون فضاء لمختلف الحساسيات الفكرية والسياسية.

وعلى مدار العامين الماضيين شهدت العلاقة بين هيئة الانتخابات والصحافيين هزات، كان آخرها ما جد في فبراير الماضي، حيث أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين تعليق تنسيقها مع الهيئة، على خلفية لفت نظر وجهته الأخيرة بخصوص مقال نشره موقع إخباري.

ويتعلق الأمر بمقال رأي في موقع “نواة” عنوانه “قضايا التآمر على أمن الدولة: وظيفة القضاء خدمة للسلطة السياسية”. واعتبرت نقابة الصحافيين أنّ المقال يندرج في صميم العمل الصحفي لفتح النقاش وإثارة الجدل حول قضايا تهم الشأن الوطني ولتكريس مبدأ حرية الرأي والتعبير على أرض الواقع.

ورأت النقابة أن ما قامت به هيئة الانتخابات آنذاك يُعدّ تدخلا سافرا في المضامين الإعلامية ورقابة غير مبرّرة على الصحافيين في تجاوز واضح لصلاحياتها، كما أنّ تهديدها باللجوء إلى المرسوم 54 يُعدّ توجها ممنهجا لضرب حرية الصحافة واستقلالية الإعلام.

وتستعد تونس لانتخابات رئاسية في السادس من أكتوبر المقبل، هي الأولى بعد مسار الخامس والعشرين من يوليو 2021 الذي خطه الرئيس قيس سعيد، والذي مر بجملة من المحطات كان أبرزها إقرار دستور جديد أنهى النظام البرلماني وأعاد النظام الرئاسي للبلاد.

ويوجد قلق حيال حرية الصحافة والإعلام في تونس وسط دعوات لرئاسة الجمهورية إلى ضرورة فتح حوار مع الأطراف المعنية بالقطاع، وتوجيه رسائل طمأنة لأهل المهنة، أهمها إنهاء العمل بالمرسوم 54 الذي تحول إلى سيف مسلط على رقاب الصحافيين.

5