هيئة الانتخابات في تونس تربط إجراء الانتخابات البلدية بشروط معينة

تونس - ربطت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس إجراء الانتخابات البلدية بجملة من الشروط، أبرزها تنقيح “مجلة الجماعات المحلية” أو إصدار قانون أساسي جديد.
وتجمع الأوساط السياسية في تونس على أن القوانين التي تعمل بها المجالس البلدية الحالية لم تعد تتلاءم مع نصوص دستور 2022، وهو ما يحتّم تنقيح القانون المنظم للمجالس البلدية ضمن “مجلة الجماعات المحلية” التي تعود إلى سنة 2018، الأمر الذي يمثل خطوة مهمة نحو تحديد موعد الانتخابات.
وأكّد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس فاروق بوعسكر تنظيم انتخابات مجالس بلدية، وفق ما نص عليه دستور سنة 2022.
وبيّن بوعسكر في تصريح لإذاعة موزاييك أنّ إجراء هذه الانتخابات مرتبط بمسألة أولية وهي إما تنقيح “مجلة الجماعات المحلية” أو إصدار قانون أساسي جديد للبلديات، وهي مسألة تعود إلى الوظيفة التشريعية.
وأضاف أنّ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من الناحية اللوجستية ستكون جاهزة لتنظيم هذه الانتخابات شرط صدور قانون ينظم المجالس البلدية الجديدة وصدور أمر دعوة الناخبين، لأنه وفق الدستور الجديد لا يمكن للهيئة الشروع في أي موعد انتخابي إلا بعد صدور أمر دعوة الناخبين.
ويبلغ عدد البلديات في تونس 350 بلدية، كانت إلى حدود نهاية 2014، 264 بلدية فقط، وتم إنشاء 86 بلدية إضافية في 2015 و2016 بهدف تغطية كامل تراب البلاد بالنطاق البلدي استعدادا للانتخابات البلدية التونسية 2018.
وكثيرا ما يثير نشاط المجالس البلدية في تونس الجدل، حيث مازالت تلك المجالس تعتمد أساليب تقليدية في التعامل مع المواطن في ظل غياب المشاريع والإنجازات، فضلا عن التدخل السياسي الذي أهمل الدور الجوهري للبلديات، وهو ما أفرزته انتخابات عام 2018.
وقال المحلل السياسي المنذر ثابت إن “ما رآه فاروق بوعسكر منطقي بالنظر إلى إرساء أسس الجمهورية الثالثة، كما أن المجالس المحلية تتجاور إلى حد التداخل مع البلديات، وهذا مطروح كمهمة عاجلة.”
وأكد في تصريح لـ”العرب” أنه “لا يمكن الذهاب إلى انتخابات بلدية بالقانون القديم والتقسيم القديم، ولا بدّ من رسم حدود فاصلة بين المجالس المحلية والمجالس البلدية.”
وتابع ثابت “وجبت مراجعة دور البلديات في علاقة بالاقتصاد التضامني والخدمات الموجهة للمواطن، وهذا مجال يحتاج إلى المزيد من التنظيم والتقنين.”
وأثار الشأن المحلي في تونس جدلا واسعا خلال الفترة الأخيرة، بسبب عدم توضيح العلاقة بين المجالس البلدية ونظيرتها المحلية، خاصة أن الأخيرة جرى استحداثها مؤخرا.
وسبق أن أكد سامي الرايس، نائب رئيس لجنة تنظيم الإدارة والرقمنة ومقاومة الفساد بمجلس النواب، والعضو في الكتلة الوطنية المستقلة، أنه “منذ حل المجالس البلدية في سنة 2023، شهد العمل البلدي عدة صعوبات، كنا ننتظر أن تنتظم الانتخابات البلدية بسرعة.”
واعتبر أن بلدية تونس مرت بالعديد من الإشكاليات والإخلالات الإدارية الناجمة عن عدم إجراء الانتخابات في ظل الضغط الكبير على الكتاب العامين، مضيفا “لا بد من مراجعة كافة المنظومة، لا بد من المرور في أقرب وقت إلى الانتخابات البلدية.”
كما بين أن تنقيح “مجلة الجماعات المحلية” ليس أمرا هينا، معتبرا أن فيها بعض الثغرات ولكنها لم تؤثر على العمل البلدي، والإشكال متعلق أساسا بالتنظيم الإداري.
ونظمت تونس أول انتخابات بلدية بعد ثورة الرابع عشر من يناير 2011، التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، في عام 2018. وهو استحقاق نجحت خلاله حركة النهضة الإسلامية في اكتساحه بعد أن حلت في المرتبة الأولى بـ28.68 في المئة، فيما حل حزب الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي نداء تونس ثانيا بـ20.85 في المئة، وحل التيار الديمقراطي ثالثا بـ4.19 في المئة.
لكن بسبب الصراعات السياسية دخلت المجالس في خلافات شديدة على خلفية الانتماءات السياسية لأعضائها، انتهت بحل عدد منها وإجراء انتخابات جديدة.