هيئة الإعلام التونسية تقاضي الحكومة لتعيينها مديرة للإذاعة دون توافق

تونس - عبرت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري في تونس (الهايكا) عن رفضها لقرار الحكومة تعيين رئيسة مديرة عامة على رأس مؤسسة الإذاعة التونسية بشكل أحادي، معلنة أنها قررت مقاضاتها.
وصدر قرار حكومي، بتسمية هندة بن علية الغريبي رئيسة مديرة عامة لمؤسسة الإذاعة التونسية، ونشر في الرائد الرسمي (الجريدة الرسمية). كما صدر قرار يقضي بإنهاء تكليف سفيان بن عيسى بمهام تسيير مؤسسة الإذاعة.
وتعمل الغريبي صحافية بمجلة الإذاعة والتلفزيون منذ سنة 1997 لتلتحق بعد أربع سنوات بقسم الأخبار بالإذاعة الوطنية، وأنتجت وقدمت عددا من البرامج الإذاعية. وعرفت المؤسسة التي تضم 12 محطة إذاعية فراغاً إدارياً لعدة أشهر تم على إثره تعيين بن عيسى مديراً عاماً للإذاعة التونسية بشكل مؤقت.
واعتبرت الهايكا في بيان أصدرته السبت أن قرار التعيين “ينسف القواعد الدنيا لاستقلالية الإعلام العمومي خدمة للصالح العام ويؤشر إلى عودة جليّة وصريحة لمنظومة الإعلام الحكومي المؤتمر بأوامر السلطة التنفيذية”.
وأضافت أن القرار يمثل “خرقًا واضحًا لمقتضيات المرسوم 116 وخاصة الفصل 19 منه المتعلّق بالاستشارة الوجوبية للهيئة والتي لا يمكن من خلالها للحكومة التعيين على رأس مؤسستي التلفزيون والإذاعة التونسيتين إلا وفقًا للرأي المطابق للهيئة”.
وقررت “الهايكا” رفع دعوى قضائية لدى المحكمة الإدارية ضدّ رئيسة الحكومة، وذلك بهدف “إبطال هذا القرار المتعارض مع نص القانون، وقد قامت الهيئة بتكليف محام لاستكمال الإجراءات القانونية الضرورية في الغرض”. ودعت “الهايكا” جميع الصحافيين إلى “التمسك باستقلاليتهم وعدم الرضوخ للتعليمات المتنافية مع قواعد مهنتهم وأخلاقياتها”.
وقال عضو الهيئة هشام السنوسي إن “الإعلام العمومي بدأ يتحوّل إلى إعلام حكومي”. وأضاف أنه “رغم التصدي لمحاولات السياسيين في السنوات الماضية للسيطرة على الإعلام إلاّ أننا أصبحنا نتراجع إلى الوراء، والفاعل السياسي اليوم يُحاول التدخل في الخط التحريري لبعض المؤسسات على غرار ما حدث مع إذاعة المنستير”.
واعتبر السنوسي أن “المؤشرات الحالية تُشير إلى أن مستقبل حرية الإعلام غامض ومُهدّد بأتم معنى الكلمة”.
وتساءل عن مآل “الهايكا” والمرسومين 115 و116 وهل توجد تشريعات جديدة بهذا الشأن، لافتا إلى أنه يلاحظ اليوم وجود المرسوم عدد 54 وهو مؤشر سلبي في علاقة بحرية الإعلام.
يذكر أن مؤسستي الإذاعة والتلفزيون قد نفذتا إضرابا عاما في ديسمبر الماضي تضمّن مقاطعة كل التنقلات الخارجية، ومقاطعة كل البرامج المباشرة، وتأمين نشرات إخبارية موجزة، والتذكير بالإضراب وقراءة بيانات النقابات التابعة للقطاع حول الإضراب.
وقد التزمت الإذاعات الجهوية مثل إذاعة الكاف، وتطاوين، والمنستير، وإذاعة تونس الدولية والإذاعة الثقافية وإذاعة الشباب بتراتيب الإضراب، بينما قدمت الإذاعة الوطنية تغطية عادية، كما نظم التلفزيون الوطني تغطية عادية للانتخابات ونقلا خارجيا مباشرا. وجاء هذا الإضراب من أجل إصدار الأمر الخاص بتنقيح النظام الأساسي لمؤسستي الإذاعة والتلفزيون.
وتعاني مؤسسة الإذاعة مثل العديد من وسائل الإعلام في تونس من أزمات عديدة على المستوى الإداري والاقتصادي والمهني، وبعض الإذاعات لا تتوافر فيها شروط المؤسسة الإعلامية المتعارف عليها، خاصة على مستوى الهيئات الصحفية. وتسبب ذلك في اضطراب كبير في النظام الإعلامي، وهذا الاضطراب هو جزء من اضطراب شامل يشمل كل المنظومة المؤسسية في تونس..
ويرى أهل القطاع أن أزمات قطاع الإعلام استفحلت بسبب أخطاء شارك في ارتكابها عاملون في المؤسسات الإعلامية ومشرفون عليها، منها الانخراط في الحسابات السياسية. وكان من نتائجها حسب أستاذ الإعلام والاتصال المنجي المبروكي الخلط بين “الحريات الصحفية” و”الفلتان الإعلامي والأمني”.