هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: مجرد ذكر اسمها في السعودية يكفي

الرياض - أحيت الدراما الرمضانية في المملكة العربية السعودية ذكريات مريرة للسعوديين مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو ما يعرف بـ”الشرطة الدينية” التي كانت صاحبة سلطة مطلقة في المملكة خلال عقود طويلة، قبل أن يجري تحجيمها في السنوات الأخيرة تماشيا مع المسار الإصلاحي الذي دشنته المملكة في العام 2016.
ويقول نشطاء سعوديون إنه ورغم التحول الذي طرأ على مستوى عمل الهيئة والذي يكاد يقتصر على عقد ندوات للإرشاد والتوعية، لكن لا يزال مجرد الإتيان على ذكر اسمها، أو استعراض ممارسات بعض عناصرها في السابق حتى وإن كان ضمن قالب درامي، يثير الخوف والرهبة في نفوس السعوديين، خصوصا أولئك الذين ذاقوا مرارة الصدام مع عناصرها.
وشكل ظهور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المملكة في فترة الثمانينات والتجاوزات التي ارتكبها عناصرها أحد المحاور التي تطرق لها مسلسل “العاصوف” في جزئه الثالث، الذي أنتجته مؤسسة “أم.بي.سي”، ويحظى بنسب مشاهدة عالية ليس فقط في السعودية بل وأيضا في باقي دول الخليج العربي.
ومن بين المشاهد التي لاقت متابعة كبيرة، تلك التي تظهر عناصر الهيئة وهم يجوبون الشوارع والساحات العامة بسياراتهم رباعية الدفع مدججين بالعصي، لرصد ما يبدو من وجهة نظرهم إخلالا بالمظهر العام، كعدم ارتداء النساء للعباءات السوداء الفضفافة، أو اعتماد الشباب لقصات شعر تبدو غريبة.
كما يراقب عناصر الهيئة مدى تطبيق قواعد منع الاختلاط بين الجنسين، والتأكد من إغلاق المحلات خلال أوقات الصلاة، إلى جانب قواعد أخرى لا تنتهي، ويتعرض أي مخالف للضرب من قبل عناصر الهيئة، إلى جانب إجراءات أخرى تصل إلى السجن وفرض غرامات.

تركي الحمد: ما عرض هو غيض من فيض. كانت أيام إرهاب بكل معنى الكلمة
ويرى الأكاديمي السعودي تركي الحمد أن ما يعرضه المسلسل هو “غيض من فيض”، ويقول في هذا الصدد “الكثير من متابعي مسلسل العاصوف يشككون في صدقية الأحداث التي يعرضها المسلسل حول وحشية الهيئة أيام ‘الصحوة’، ولكن تلك أيام عشناها ولا يقال ‘قيل لنا'”.
ويضيف الأكاديمي السعودي “ما عرض هو غيض من فيض. ببساطة، كانت أيام إرهاب علني بكل معنى الكلمة، وكان المجتمع عاجزا عن المقاومة في ظل تغلغلهم في أجهزة الدولة”.
وتفاعل الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الطرح الذي قدمه مسلسل العاصوف حيال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بين مؤيد لما عرضه المسلسل داعيا إلى ضرورة حل هذه الهيئة، وعدم الاقتصار فقط على تحجيم نفوذها، وبين فريق يرى أن هناك مبالغة كبيرة وعملية شيطنة لها.
وقال أحد المغردين على تويتر “من يتعرض لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويظهر الكراهية لها علنا ويتصيد أخطاءها أكيد له ماض معها، وما العداء الموجه للهيئة ليس سوى تصفية حسابات شخصية”.
وصرح آخر “إن ما عرضه مسلسل العاصوف يندرج في إطار التمهيد لإلغاء جهاز الهيئة.. وبكل صراحة أنا مع إلغائها وتحويل المؤهلين من موظفيها للعمل في وزارة الشؤون الإسلامية”.
وتراجع دور هيئة الأمر بالمعروف تدريجيا خلال السنوات الأخيرة، لاسيما بعد قرار صدر في أبريل 2016، يقضي بتعديل صلاحياتها طبقا لقانون أقره مجلس الوزراء، على إثر تشكيات بتجاوزات ارتكبها عناصرها.
وينص القانون على أنه ليس من حق أعضاء الهيئة القيام بإيقاف الأشخاص أو التحفظ عليهم أو مطاردتهم أو طلب وثائقهم أو التثبت من هوياتهم أو متابعتهم، وأن دورهم يقتصر على إبلاغ أفراد الشرطة أو إدارة مكافحة المخدرات عن الاشتباه في شخص معين.
ويلزم القانون أعضاء الهيئة بالاستظهار بهوياتهم التي تتضمن أسماءهم ومناصبهم في الهيئة وساعات عملهم الرسمي عند الحديث مع أي شخص، ولا يجوز لهم أن يقوموا بذلك خارج توقيتات عملهم الرسمية.