هواة أوكرانيّون يغيّرون المعادلة في الحرب بطائراتهم المسيّرة

لفيف (أوكرانيا) - في موقع طيّ الكتمان في مدينة لفيف في غرب أوكرانيا، يعمل هواة بحماس على صنع مسيّرات فتّاكة مخصّصة للاستعمال على جبهات القتال مع روسيا.
على طاولة كبيرة مزدحمة بالقطع، يتربّع هيكل طائرة مسيّرة محاطا بكمّ من المراوح البلاستيكية وأكياس البراغي متناهية الصغر.
ومن المرتقب أن تحلّق هذه المسيّرة عمّا قريب مزوّدة بقنبلة مضادة للدبّابات قادرة على اختراق المدرّعات الروسية التي بدأت بعضها الانسحاب من عدة مناطق.
وزوّدت طائرتان من هذا النوع بمراوح وقنابل مصغّرة لاستهداف قوّات المشاة الروس ومساعدة الأوكرانيين على الدفاع عن أراضيهم في شمال البلد وشرقه.
وستستخدم مسيّرة أخرى بحجم طائر حوّام وبشكل قاذفة قنابل خفيّة في مهمات استطلاع لرصد الأهداف الواجب ضربها.
ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، صنعت جماعة “نيبيسنا كارا” (التي يعني اسمها “الجزاء السماوي”) حوالى أربعين طائرة مسيّرة من هذا النوع لحساب الجيش الأوكراني.
منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير، صنعت جماعة نيبيسنا كارا أربعين طائرة مسيّرة لحساب الجيش الأوكراني
وقبل الحرب، كان أعضاء هذه الجماعة مجرّد أصدقاء يحلو لهم أن يشاركوا في مسابقات الطائرات من دون طيّار.
لكن “للأسف، تغيّرت الأحوال”، على ما يقول أليكس الذي يفضّل عدم الإفصاح عن شهرته لأسباب أمنية.
وبحسب تقديرات الخبراء، يفتقر الجيش الأوكراني إلى العديد والعتاد مقارنة بالروس. غير أن دفاعهم المستبسل القائم على معرفتهم بالميدان وهجمات خاطفة وتكنولوجيات تخريبية يؤتي بثماره.
وفي بداية الغزو، بدت العاصمة كييف مهددة بالسقوط أمام قافلة المدرّعات الزاحفة نحو العاصمة من شمال البلد والممتدّ طول موكبها على 65 كيلومترا.
ويبدو أن فرقا متنقّلة مزوّدة بطائرات مسيّرة لعبت دورا محوريا في صدّ هذا الهجوم من خلال رصد أهداف لضربات جوية، ما تسبب بتشتّت الموكب.
ويقول ديميتري، وهو من أعضاء جماعة “نيبيسنا كارا” إنها “تقنية لاستطلاع الموقع وتكييف ضربات المدفعية”، مشيرا إلى أن “الطلب يزداد راهنا على هذه الأجهزة التخريبية”.
وتستعين هذه الجماعة بمشورة 10 أعضاء آخرين ومعارف 877 شغوفا بهذه التقنية عبر خدمة دردشة إلكترونية وتتلقّى طلبات من خبراء عسكريين في مواقع النزاع.
وهي تصنع أجهزتها الطائرة من مجسّمات تباع في المتاجر وقطع تطبع بطابعة ثلاثية الأبعاد ومكوّنات تشتريها من تاجر صيني على الإنترنت.
ويبسط أعضاؤها القطع على طاولة كبيرة في القاعة وسط أسلاك ومحركات كهربائية.
وحظي الجيش الأوكراني بتبرّعات كثيرة ساعدته على الدفاع عن البلد. وقدّمت له بلدان أجنبية “مساعدات فتّاكة” ووجّه نداء إلى المدنيين لتقديم مساعدات مالية.
وبحسب أليكس، يعمل برنامج المسيّرات العسكرية بطريقة مماثلة. ويوجّههم خبراء حول كيفية تشغيل المسيّرات وهم يكلّفون بصنعها حسب الطلب بفضل حملات تمويل تشاركي.
ويعرض ديميتري على هاتفه شريط فيديو صوّرته مسيّرة حلّقت فوق خندق روسي كاشفة عن مواقع الأسلحة المخبّأة فيه.
ويقول أليكس “إذا ما كان الطيّار معتادا على تسيير هذا النوع من الأجهزة، يمكنه أن يعبر بالطائرة فوق الخندق في خلال خمس دقائق ويحصل على كلّ المعلومات التي يحتاجها”.
ويشير إلى أن “هاتفا من طراز آيفون يكلّف أكثر من المسيّرة”.
وتوضَّب في جزء من القاعة علب فيها مسيّرات وقطع غيار.
ومن المرتقب إرسال إحدى العلب إلى ميكولاييف حيث استهدفت غارة الثلاثاء مبنى للإدارة المحلية، مودية بحياة حوالى 30 شخصا.
ويحمل الصندوق رسالة مدوّنة بالأحمر والأزرق قد تكون موجّهة إلى الطيّار الأوكراني أو إلى الجنود الروس المتمركزين خارج المدينة كُتب فيها “قبلات حارة من نيبيسنا كارا”.
ويأتي ذلك في وقت تواصل في روسيا إعادة تنظيم صفوفها في مسعى على ما يبدو لتعزيز الضغط على القوات الأوكرانية في شرق وجنوب البلاد.
وأكّدت أوكرانيا السبت أن القوات الروسية “تنسحب بسرعة” من منطقتي كييف وتشيرنيهيف في شمال البلاد بهدف “تثبيت أقدامها” في الشرق والجنوب حيث كان من المقرر أن تجري عمليات إجلاء مدنيين جديدة خلال النهار.
وفرّ أكثر من ثلاثة آلاف شخص من ماريوبول في حافلات وسيارات خاصة على ما أعلنت السلطات الأوكرانية، بينما استعد الصليب الأحمر السبت لمحاولة تنفيذ عملية إجلاء جديدة من هذه المدينة الساحلية المحاصرة والمدمرة بعد فشل محاولة أولى.
وفيما تتراجع القوات الروسية من محيط كييف وتشيرنيهيف، تمكّنت القوات الأوكرانية من استعادة السيطرة على “أكثر من 30 بلدة” والاستيلاء على “عدد كبير من المركبات العسكرية المتروكة بدون وقود”، حسبما أكّد أوليكسي أريستوفيتش، وهو مستشار رئاسي أوكراني، في مقطع فيديو بثّته الرئاسة الأوكرانية السبت.
وكتب ميخايلو بودولياك أحد مستشاري الرئيس الأوكراني على تليغرام “بعد انسحاب سريع للروس من المناطق المحيطة بكييف ومن تشيرنيهيف (…) يتّضح تمامًا أن روسيا اختارت أن تعطي الأولوية لتكتيك مختلف” يقضي بـ”الانعطاف نحو الشرق والجنوب والحفاظ على السيطرة على الأراضي الواسعة المحتلّة وتثبيت أقدامهم هناك بطريقة قوية”.