"هنا لندن سيداتي وسادتي".. بي.بي.سي عربي تغلق ميكرفونها

لندن - أثار إعلان هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) وقف البث الإذاعي بعدة لغات من أبرزها اللغة العربية تفاعلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر كثيرون عن حزنهم لهذا الخبر، مودعين “صوت لندن” الذي رافقهم لسنوات طويلة.
وقالت بي.بي.سي الخميس إنها قررت وقف البث الإذاعي بـ10 لغات، من بينها العربية والفارسية والصينية والبنغالية، إلى جانب إلغاء المئات من الوظائف عبر الخدمة العالمية. وأضافت في بيان أنها “تعتزم إلغاء 382 وظيفة بالخدمة العالمية في إطار جهودها الرامية لتوفير 28.5 مليون جنيه إسترليني من المدخرات السنوية لخدماتها الدولية”. وأوضحت أن “التضخم المرتفع وارتفاع التكاليف أديا إلى خيارات صعبة للهيئة”. وأضافت الهيئة البريطانية أن خطط الخدمة العالمية تدعم إستراتيجيتها لإنشاء “منظومة حديثة، وقيادة رقمية”.
وبحسب تقرير لموقع “بي.بي.سي” بدأ القسم العربي في الشبكة بإذاعته العريقة منذ 84 عاما، وملأت أصوات مذيعيه الأثير وانتشرت شهرة برامجه الإخبارية والثقافية والترفيهية في أصقاع العالم العربي.
وكانت الإذاعة آنذاك سيدة المشهد.ولم تقتصر “بي.بي.سي عربي” على الصوت بل تعاملت مع الكلمة المكتوبة أيضا، وذلك عبر مجلاتها الشهيرة “المستمع العربي” و”هنا لندن” و”المشاهد السياسي”.
وعرفت إذاعة “بي.بي.سي عربي” نخبة من كبار المذيعين العرب الكبار عبر 8 عقود من مسيرتها ومنهم أحمد كمال سرور أول مذيع يقرأ نشرة في “بي.بي.سي العربية” في عام 1938، وحسن الكرمي الذي التحق بالقسم العربي في الشبكة مراقبا للغة حتى عام 1968، كما أعد وقدم برنامجه المعروف “قول على قول” والذي استمر في تقديمه ثلاثين عاما متتالية بالإضافة إلى مديحة المدفعي مذيعة الأخبار في أوائل الستينات وغيرهم.
واستعاد مغردون مقطع فيديو لأول بث إذاعي لراديو “بي.بي.سي عربي” بصوت المذيع المصري سرور عام 1938.
وعلق صحافي في “بي.بي.سي”:
بعد 84 عاما من العطاء… وداعا للذكريات! أول بث إذاعي لبي.بي.سي باللغة العربية بصوت أحمد كمال سرور عام 1938.
ويسمع صوت سرور وهو يقول بصوت هادئ “سيداتي وسادتي نحن نذيع اليوم من لندن باللغة العربية لأول مرة في التاريخ”. وأضاف “يسرنا أن نخاطب المستمعين في الشرق الأدنى بلسانهم العربي”، وبدت خلال البث استديوهات “بي.بي.سي” بأجهزتها القديمة.
وصارت بعدها الافتتاحية الشهيرة “هنا لندن، سيداتي وسادتي…” التابعة لدقات “بيغ بين” عند تمام كلّ ساعة.
ويشار إلى أن سرور كان أحد نجوم الميكرفون اللامعين في مصر والعالم في الثلاثينات والأربعينات. وهو الذي أذاع نعي الملك فؤاد على العالم وخبر تولي فاروق عرش مصر، ونبأ إبرام معاهدة عام 1936، وغيرها من أخبار هامة في تلك الفترة.
وضمن هاشتاغات #BBCArabic و#بي_بي_سي و#بي_بي_سي_عربي، جاءت معظم التفاعلات، واعتبر صحافيون كثر إغلاق هذا الصرح الإعلامي المهم بمثابة خسارة لا تعوض.
وقال الكاتب والصحافي محمد اليحيائي:
عبر إذاعة بي.بي.سي، ولدتْ ثلاثة من أحلامي الكبيرة: أن أصبح كاتبا، وأن أصبح صحافيا، وأن أجول العالم الذي كنت أراه من خلال بي.بي.سي، أتعرف إليه وأراه رؤية العين.
بي.بي.سي ليست مجرد إذاعة، ودقات بيغ بين ستبقى ترن في الأعماق.
وغرد كاتب كويتي:
MAlNughaimish@
أفل نجم إذاعة بي.بي.سي العربية بعد 84 عاما من البث الإذاعي، صدمة في الأوساط الإعلامية بعد قرار إغلاق نصف خدمات اللغات غير الناطقة بالإنجليزية.. العالم يشهد تغييرا كبيرا ولا كبير في المشهد الإعلامي وتحدياته وداعا بي.بي.سي.
وغرد الإعلامي المصري محمد موافي:
هذه مدرسة لو تعلمون عظيمة…
حفظت للغة العربية نصاعتها وتمشّت على وقع رشاقتها.
لسنوات أيام الثانوي والجامعة، كانت بي.بي.سي المصدر الوحيد المؤكِّد للأخبار.. أمام عين الذاكرة تمر الأصوات الجليلة، يهمس علي أسعد ويجهر رشاد رمضان ويشدو محمود المسلمي…
رحم الله أيامنا وأيام الرائعين.
وقال الصحافي السوري ياسر الأطرش:
مع إطفاء ميكرفون BBC عربي، تنطفئ مرحلة وذاكرة أجيال، أنا منها.. مرحلة عشق المذيعين والمذيعات من أصواتهم، المصدر الوحيد للخبر عند كثيرين.. وسأتذكر دائما صوت جارنا الختيار الذي كان يقول لمجادليه منهيا الجدال: بي.بي.سي قالت.
وقالت الصحافية اللبنانية ليليان داوود:
بعد 84 عاما بي.بي.سي عربي تغلق محطتها الإذاعية الراديو. خبر يترك غصة في القلب، هذه الإذاعة التي شكلت وعينا وشغفنا لمهنة الصحافة والإعلام، منبر كان مدرسة خرج العشرات من المذيعين والإعلاميين المرموقين، وكان لي شرف خوض هذه التجربة مع أساتذة علمونا المهنة بأمانة وسنظل مدينين لهم. #BBC
وحاول آخرون قراءة ما وراء الخبر. وكتب إعلامي:
توقف إذاعة #بي_بي_سي العربية عن البث بعد 84 عاما مؤشر واضح لضرورة الانتقال إلى #الإعلام_الإلكتروني والاستثمار فيه بالشكل الصحيح وصناعة محتوى خاص بالمنصات، وليس نشر محتوى إذاعي أو تلفزيوني لا يتناسب مع خصائص هذه المنصات والتي تعتبر أسرع نموا ونضجا من تجربة الإعلام التقليدي.
وغرد الإعلامي حسن شبكشي:
عبارة هنا لندن التي اعتادت آذاننا سماعها كانت توقفت منذ زمن، والآن إذاعة بي.بي.سي العربية ستتوقف عن البث، ستغلق أبواب استوديوهاتها للأبد في مطلع عام 2023 القادم بعد 84 سنة إذاعة. وسبب التوقف هو التركيز على تكنولوجيا الإعلام الرقمي.
نهاية حقبة مؤثرة ومهمة وتأكيد على أن الإعلام يتغير.
واعتبر إعلامي لبناني:
طي صفحة إذاعة القسم العربي في هيئة الإذاعة جرح مؤلم في الذكريات والعواطف، مع أنه كان مرتقبا منذ فترة. تعلمت منه المهنة قبل أن أدخل في خريف 1979 لأول مرة مبنى “بوش هاوس” في ##لندن، وأتشرف هناك بصداقة أساطين ومراجع ومدارس.
تحية امتنان حارة لهم جميعا.
وقال الكاتب الصحافي اليمني عبدالسلام القيسي “نجحت ‘بي.بي.سي’ في البقاء محل المصدر الأول للخبر في المجتمعات المتهالكة والعالم الثالث (…)”. وأضاف “بعد سقوط جسر لندن بوفاة الملكة إليزابيث الثانية توقفت عبارة هنا لندن التي كانت مبتدأ كل صباح ونهاية كل يوم من إذاعة ‘بي.بي.سي’ بالعربية، أنجزت بريطانيا مهمتها في عصر الإذاعة، وجهت هذا الراديو إلى العالم العربي والعوالم غير الناطقة بالإنجليزية، ويبدو الآن أن شكل التأثير هو ما تغير بتغير وسائله، ولم تعد الإذاعة مجدية (…)”.
يذكر أن ليليان لاندور مديرة خدمة “بي.بي.سي” العالمية قالت “لم يكن دور ‘بي.بي.سي’ أكثر أهمية من أي وقت مضى كما هو اليوم”، مضيفة أن “الشبكة حظيت بثقة مئات الملايين من الأشخاص للحصول على أخبار عادلة ونزيهة، خاصة في البلدان التي تعاني من نقص في المعروض”.
وتابعت “تتغير الطريقة التي يصل بها الجمهور إلى الأخبار والمحتوى ويتزايد التحدي المتمثل في الوصول إلى الناس في جميع أنحاء العالم وإشراكهم بجودة الصحافة الموثوقة”.
يذكر أن مراقبين وصفوا إيقاف الإذاعات بأنه “ضربة حقيقية لأقدم إذاعة في العالم في فجر مئويتها”.