هل ينهي دخول الرئاسي الليبي على خط أزمة الزاوية عقد الميليشيات

طرابلس – يأمل سكان محافظة الزاوية أن تنتهي سنوات من "عربدة" الميليشيات المسلحة، بدخول المجلس الرئاسي الليبي على خط الأزمة وتكليفه رئيس الأركان العامة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، الفريق أول ركن محمد الحداد، بوضع خطة عاجلة لمحاربة الجريمة والانفلات الأمني بالمدينة الواقعة في غرب البلاد.
وتسيطر على مدينة الزاوية ميليشيات مسلحة تضم بين صفوفها شخصيات مدرجة على قوائم الإرهاب ومطلوبين دوليا بتهم تتعلق بالاتجار بالبشر والتهريب.
وتعتبر هذه المدينة مسرحاً لاشتباكات متكررة وأعمال عنف بين تلك الميليشيات، التي ترتبط بعلاقات متوّترة وتتصارع على مناطق النفوذ ومسالك التهريب.
وشهدت مدينة الزاوية خلال الفترة الأخيرة توترا أمنيًا غير مسبوق وارتفاع معدلات الجريمة بمختلف أنواعها وسط منافسة وتبادل اتهامات عن المسؤولية بين القوى الفاعلة والجماعات المسلحة بالمدينة، وهو ما اضطر الأهالي إلى الاحتجاج على هذا الوضع والمطالبة بوضع حد للانفلات الأمني.
وأغلق المتظاهرون صمامات مصفاة "الزاوية"، نتيجة لما يقولون عنه "الوضع الأمني المتردي" للمدينة، وأعلنوا العصيان المدني اعتراضا على الوضع الأمني والاشتباكات التي تتم بين وقت وآخر، بين المجموعات المسلحة المنتشرة في المدينة.
وتحركت السلطات الليبية ممثلة في المجلس الرئاسي من أجل معالجة الأزمة المزمنة في مدينة الزاوية.
وأعلن "حراك تصحيح المسار الزاوية الكبرى" وهو التجمع القائم على تنظيم الاحتجاجات في المدينة موافقة المجلس على مطالبهم.
وخلال احتجاجاتهم طالب سكان الزاوية بإيقاف المجلس البلدي ومحاسبة أعضائه وإجراء انتخابات بلدية جديدة وإيقاف مدير أمن الزاوية ومثوله أمام القضاء وإنهاء ظاهرة السيارات المسلحة ونقل المقرات العسكرية التابعة للميليشيات المسلحة خارجها.
كما دعوا، ضمن مطالب أخرى بشأن ضبط الأوضاع الأمنية في المدينة، إلى تشكيل لجنة بأسرع وقت ممكن من الأجهزة الأمنية المشهود لها بالكفاءة والنزاهة تكون تحت توقيع مشايخ قبائل الزاوية لرفع الغطاء الاجتماعي عن المجرمين.
وناقش المجلس الرئاسي أزمة المدينة في اجتماع عقد الثلاثاء في ديوان المجلس الرئاسي بطرابلس حضره رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية وزير الدفاع عبدالحميد الدبيبة ورئيس الأركان العامة بحكومة الوحدة ورئيس المخابرات التابع لها بحضور اللجنة العسكرية من ضباط الزاوية و"تنسيقية حراك تصحيح المسار" والأعيان والقيادات الاجتماعية بالمدينة.
وقال المجلس الرئاسي الليبي في بيان إنه (المجلس الرئاسي) بصفته القائد الأعلى للجيش كلف رئيس الأركان العامة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية محمد الحداد بوضع خطة عاجلة لمحاربة الجريمة والانفلات الأمني وتحسين الوضع المعيشي والأمني في مدينة الزاوية.
ويتضمن التكليف تشكيل فريق أمني من القيادات العسكرية من أبناء المدينة لتنفيذ خطة عاجلة لتحسين الأمن، فيما قدم رئيس الأركان إحاطة عن زيارته للمدينة ولقاءاته وملامح الحل الأمني المتخذ.
وشهد الاجتماع كذلك الاستماع لممثلي الحراك المدني ومطالبهم، الذين أكدوا ضرورة التعامل مع مسببات التدهور الأمني وعلاجها والتصدي لها بشكل كامل وفورا.
وشدد المجلس الرئاسي الليبي على دعمه الكامل لكل ما يحقق الاستجابة الفورية والبدء في العمل على تنفيذ مطالب المحتجين وتحسين أمن المدينة وكل ربوع ليبيا.
ومن جانبه، قال الدبيبة إن هدف اللجنة العسكرية المشكلة لمتابعة الأوضاع في مدينة الزاوية هو "بسط الأمن داخل المدينة، ودعم جهود الحراك وتنفيذ مطالبه"، مشددًا على ضرورة "التنسيق مع الأجهزة الأمنية المختلفة لمعالجة كافة الظواهر السلبية بالمدينة، وأن تكون اللجنة في اجتماع مستمر".
وأصبحت مدينة الزاوية، وهي رابع أكبر المدن في ليبيا، على صفيح ساخن على وقع احتجاجات مستمرة ضد ما قال عنه السكان إنه "تفشي للجريمة"، وتسببت الاشتباكات أيضا في قطع طرق فرعية ورئيسية.
وتداول نشطاء مقطع فيديو من مدينة الزاوية يظهر تعرض الشبان للتعذيب داخل إحدى مقار المرتزقة الأفارقة، وكذلك تعرضهم للسباب، في الوقت الذي تداول فيه أهل المدينة أخبارا عن مقتل أحد ضحايا الفيديو نتيجة التعذيب.
ولا تزال معضلة الميليشيات تواجه الدولة الليبية، خاصة مع تلقيها دعما من بعض الدول الإقليمية والدولية، رغم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار والاتفاق السياسي القاضي بحل الميليشيات ونزع سلاحها.
وتشهد مناطق الغرب الليبي، خاصة العاصمة طرابلس، من وقت إلى آخر، اشتباكات مسلحة بين الميليشيات التي تسيطر على المنطقة، في ظل العجز الحكومي عن إيقاف مثل هذه الأعمال الخارجة عن القانون.
ويأتي ذلك، في ظل انقسام كبير يسود ليبيا مع وجود حكومتين متنافستين، الأولى في طرابلس جاءت وفق اتفاق سياسي قبل عام ونصف العام برئاسة عبدالحميد الدبيبة الرافض لتسليم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة، والثانية برئاسة فتحي باشاغا عينها برلمان طبرق (شرق) في فبراير الماضي، ومنحها الثقة في مارس.
وكلفت حكومة الدبيبة بمهمة أساسية هي تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية كانت مقررة في ديسمبر الماضي، غير أن الخلافات بين الفرقاء السياسيين، لاسيما على القانون الانتخابي، أدت إلى تأجيلها إلى أجل غير مسمى، رغم أن المجتمع الدولي كان يعلّق عليها آمالا كبيرة لتحقيق الاستقرار في البلاد.
وثمّة مؤشرات على إمكانية امتداد القتال وتوسعه إلى مناطق أخرى في مدينة الزاوية، التي تحتوي على أكبر مصفاة لتكرير النفط في البلاد، والتي سبق وأن تعرضت إلى أضرار جسيمة جراء الاشتباكات، حيث تمّ رصد وصول تحشيدات عسكرية من الجانبين للمشاركة في الاشتباكات.
وتعتبر مدينة الزاوية من أكثر مدن الغرب الليبي تواجدا للميليشيات المسلحة، التي أعلنت كلّها اصطفافها إلى جانب حكومة الوحدة الوطنية بقيادة الدبيبة، وشاركت العام الماضي في طرد عدّة ميليشيات متحالفة مع فتحي باشاغا، حاولت الدخول إلى العاصمة طرابلس لتمكينه من السلطة.