هل ينعم الصومال بالاستقرار بعد انتخابات البرلمان

يتجه الصومال لطي صفحة الأزمة السياسية التي عصفت باستقراره الهش مع انتخاب رئيسي مجلسي النواب والشيوخ، ما يمهد الطريق لإجراء الانتخابات الرئاسية المتعثرة والتي يطالب بها المجتمع الدولي بشدة لمواصلة دعم البلاد المأزومة اقتصاديا.
مقديشو – انتخب أعضاء مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) بالصومال الثلاثاء النائب عبدي حاشي عبدالله رئيسا للمجلس للمرة الثانية على التوالي، ما يقرّب مقديشو من نهاية أزمة سياسية مستفحلة عصفت باستقرار البلاد الهش.
وجرت الانتخابات في خيمة حلني بمطار مقديشو الدولي، بتنافس بين عبدالله وصالح أحمد جامع وعثمان أبوبكر دبي.
وحصل عبدالله على 28 صوتا، مقابل 24 لأحمد جامع، وصوتين لأبوبكر دبي، من إجمالي 54 وهو عدد أعضاء مجلس الشيوخ.
ومن المقرر إجراء انتخابات رئيس مجلس الشعب (الغرفة الأولى) ونائبيه الأربعاء.
محمد آمين: مقبلون على انفراجة سياسية بعد انتهاء المرحلة العصيبة
ويمهد انتخاب رئيسي مجلس الشعب والشيوخ في البرلمان الصومالي الطريق لبدء إجراءات الانتخابات الرئاسية في البلاد وتحديد موعد نهائي لها.
وأعرب محللون ونواب صوماليون عن تفاؤلهم بأن تسلم البرلمان الجديد مهامه رسميا يمهد لانفراجة تنهي الأزمات السياسية والأمنية في البلاد.
وعانى الصومال من انسداد انتخابي سياسي وصراع في أعلى هرم السلطة كاد يطيح باستقرار نسبي في بلد يتعافى من تداعيات حرب أهلية.
والعملية الانتخابية في الصومال معقدة، إذ تختار مجالس المناطق مع مندوبين من العشائر النواب الذين يعيّنون بدورهم رئيس البلاد.
واستغرقت انتخابات البرلمان أكثر من عام، وشهدت فوضى اتسمت بالعنف وصراعات بين الرئيس ورئيس الوزراء وأخرى بين الحكومة المركزية وبعض محافظات البلاد.
ورسميا، بدأت هذه الانتخابات في التاسع والعشرين من سبتمبر 2021، واستمرت حتى أبريل الجاري.
وجرى انتخاب 307 أعضاء من أصل 329 يتكون منهم البرلمان بمجلسيه الشعب والشيوخ، ومن المتوقع استكمال انتخاب 22 عضوا في الأيام المقبلة.
وبعد انتخابات تأجلت أكثر من خمس مرات، أدى النواب اليمين الدستورية في الخامس عشر من أبريل الجاري، وعقدوا الأسبوع الماضي أول جلسة برلمانية.
وقال رئيس الوزراء محمد حسين روبلي خلال حفل اليمين الدستورية “توجب علينا أن نواجه تحديات ومحاولات لمنعنا من الوصول لهذا اليوم، لكنني سعيد جدا”.
وتابع “أهنئ المشرعين الجدد الذين آمل أن يساعدوا البلاد في التغلب على الوضع الحالي الصعب”.
ووصف رئيس البلاد محمد عبدالله فرماجو، عبر تويتر، هذا الحدث بأنه “تاريخي”.
وقال الرئيس المؤقت لمجلس الشعب عبدالسلام حاج أحمد إن الضغوط الدولية والوضع الإنساني المزري في البلاد لا يسمحان بإضاعة المزيد من الوقت. وأردف “علينا البدء باستكمال إجراءات الانتخابات الرئاسية”.
وفي فبراير 2021 انتهت ولاية فرماجو دون التمكن من إجراء انتخابات. ولم يتحدد بعد موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية.
وقال المحلل السياسي والنائب البرلماني السابق محمد آمين إن “البلاد مقبلة على مرحلة انفراجة سياسية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية العصيبة”.
محمد إبراهيم: الانتخابات الرئاسية ستضع حدا للفوضى السياسية
وأضاف أن “الأرضية السياسية كانت مهيئة لكل الاحتمالات خلال المرحلة الانتقالية، فالأمور كانت في يد ما يُسمى المجلس التشاوري الوطني”.
وأشار إلى أن هذا المجلس “يضم رؤساء الأقاليم الفدرالية والحكومة الفدرالية المكلفة بإيصال البلاد إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية”.
واعتبر أن “الاضطرابات السياسية والأمنية كانت محاولة لعرقلة العملية الانتخابية من قبل جهات سياسية تحاول تحقيق مصالح سياسية على حساب آخرين”.
ورأى أن “الصراع الأبرز كان يحوم حول انتخاب أعضاء البرلمان الذين سيحسمون الانتخابات الرئاسية المتوقعة مطلع مايو المقبل”.
وقال آمين إن “أداء النواب اليمين الدستورية يعني وجود إحدى أبرز المؤسسات الرسمية، وهي المؤسسة التشريعية”.
وتابع “وهذه الخطوة تطوي صفحة المرحلة الانتقالية التي خلفت أحداثا سياسية وأمنية كادت أن تعيد البلاد إلى مربع عدم الاستقرار الأمني والسياسي”.
ويتعافى الصومال من تداعيات حرب أهلية اندلعت إثر انهيار الحكومة المركزية عام 1991.
وبحسب الدستور المؤقت للصومال، فإن انتخاب البرلمان ينهي مرحلة الفراغ الدستوري كونه أكبر مؤسسات البلاد.
وأكد النائب البرلماني محمد إبراهيم أن “مرحلة عدم الاستقرار طوال العام الماضي (2021) كانت نتاج إجراءات تتعلق بالاستحقاق الانتخابي الرئاسي والبرلماني”.
وأضاف إبراهيم، وهو أيضا المتحدث باسم الحكومة، أن “القوى السياسية الطامعة بكرسي الرئاسة كانت تسيس القوات المسلحة وتستخدمها في غير أغراضها”.
وتابع أن “هذه القوات كثفت من تواجدها في الأقاليم التي كانت تُجرى فيها الانتخابات وهو ما كان يخلق حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني”.
وأردف “يجب التعاطي بإيجابية مع جهود البرلمان لانتخاب رئيس البلاد، فهذا هو الحل السحري لإنهاء الأزمات السياسية والفوضى الأمنية والمساهمة بإعادة الاستقرار”.
واعتبر المحلل السياسي بالمركز الصومالي للدراسات محمد نور، أن “مؤشرات انتهاء مرحلة الانسداد السياسي والأمني بدأت بالفعل”.
القنوات التلفزيونية تواصل بث حملات الدعاية للمرشحين وسط حالة من التفاؤل بأن تتراجع الأزمات وينعم الصومال أخيرا بالاستقرار
وعدّد أبرز هذه المؤشرات وهي أن “المؤسسات الأمنية شرعت في سحب القوات المسلحة من الأقاليم”.
كما استشهد بـ”توقف السياسيين عن تبادل الاتهامات عبر وسائل الإعلام المحلية، ما يعني أن حالة من الانفتاح السياسي ستبدأ في المرحلة المقبلة”.
ومن أبرز المرشحين المحتملين للرئاسة: الرئيس فرماجو، والرئيس السابق حسن شيخ محمود، والرئيس الأسبق شريف شيخ أحمد، بالإضافة إلى وزير الداخلية السابق والرئيس السابق لمحافظة جلمدغ (وسط) عبدالكريم حسين جوليد، ورئيس الوزراء الأسبق حسن علي خيري.
ومنذ أيام تشهد العاصمة مقديشو حراكا سياسيا من جانب المرشحين المحتملين للرئاسة في محاولة لكسب تأييد أعضاء البرلمان.
وتواصل القنوات التلفزيونية ووسائل التواصل بث حملات الدعاية للمرشحين وسط حالة من التفاؤل بأن تتراجع الأزمات وينعم الصومال أخيرا بالاستقرار.
وقالت النائبة البرلمانية خالي أحمد ديرية إن “البرلمان مُصر على استكمال ما تبقى من الإجراءات للانتخابات الرئاسية”.
وتابعت “نتشاور حول تشكيل لجان للإعداد لإجراء الانتخابات الرئاسية بأقرب وقت”.
وأضافت أن “المرشحين للرئاسة بدأوا الاجتماع مع النواب لتسويق برامجهم الانتخابية، وهذا مؤشر حقيقي لتوجه البلاد إلى انتخابات رئاسية تنهي جميع أزماتها”.