هل يمهد إعفاء وتثبيت مدراء عامين لتعديل وزاري في العراق

الحكومة العراقية تقرر تثبيت سبعة عشر مديرا عاما وإعفاء سبعة آخرين في أمانة بغداد بسبب إخفاقهم في معالجة آثار موجة الأمطار وتدني تقييمهم لأزمة الكهرباء.
الأربعاء 2025/03/19
قرارات حكومية في إطار التقييم الدوري لأصحاب الدرجات الخاصة

بغداد - أثار قرار مجلس الوزراء العراقي، تثبيت 17 مديرا عاما بعدد من الوزارات وإعفاء 7 آخرين، تساؤلات حول احتمالية إجراء تعديل وزاري مرتقب، خاصة بعد أن لوح رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بهذا الإجراء منذ تشكيل حكومته.

وبحسب مختصين فان التعديل الوزاري يأتي لحاجة ضرورية تهدف لتحسين الأداء بغية تحقيق فقرات البرنامج الحكومي، لا سيما مع وجود وزارات تعاني من التلكؤ في أدائها، ويمكن ان يتحقق ذلك بتوافق بين الفرقاء لتسهيل المهمة.

وذكر بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء أنه "قرر مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة، الثلاثاء، برئاسة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، إعفاء 3 مديرين عامين في أمانة بغداد من مسؤولياتهم الإدارية، بسبب إخفاقهم في معالجة آثار موجة الأمطار الأخيرة التي اجتاحت مختلف مناطق العاصمة بغداد، وكذلك التصويت على إعفاء 4 مديرين عامين في وزارة الكهرباء بسبب التقييم المتدني".

وأضاف البيان "كما صوت المجلس على تثبيت 17 مديرا عاما في مختلف الوزارات، استنادًا إلى ما قدمته اللجنة الخاصة بتقييم أصحاب الدرجات الخاصة أو شاغلي المناصب في الدوائر والمديريات العامة، وذلك ضمن نهج الحكومة في إجراء عملية التقييم الدوري لأصحاب الدرجات الخاصة".

وأكد السوداني أن "تثبيت المديرين العامين أصالة، لا يعني إعفاءهم من عملية التقييم والمحاسبة إذا ما تلكأوا في أداء واجباتهم أو أخفقوا في تنفيذ مهامهم الإدارية، بل إنّ عملية تقييم الأداء مستمرة وفق متابعة دقيقة من قبل اللجنة المختصة".

واعتبرت مصادر سياسية، اليوم الأربعاء، أن تثبيت المديرين العامين بالأصالة لدوائر الصحة في محافظتي المثنى والبصرة يعد أول تثبيت منذ سنوات.

ونقلت وكالة شفق نيوز" الكردية العراقية عن مصادر سياسية –لم تسمها-  إن "المجلس قرر تثبيت الطبيب الاختصاص مازن العكيلي مديرا عاما لدائرة صحة المثنى، بعد 15 عاماً من إدارتها بالوكالة".

وأضافت أن "المجلس وافق أيضاً على تثبيت الطبيب الاختصاص عباس خلف التميمي مديرا عاماً لدائرة صحة البصرة بالأصالة، بعد 7 سنوات من إدارته للدائرة بالوكالة".

وكان السوداني، قد تسلم منصبه، بعد تشكيل ائتلاف إدارة الدولة، بقيادة الإطار التنسيقي، وقد ضمت كابينته وزراء ينتمون للكتل السياسية المختلفة، وبعضهم قادة لكتل سياسية، وذلك وفقا لنظام المحاصصة القائم في البلاد، والذي يعتمد على ثقل كل كتلة نيابية وعلى أساسها تمنح حقائب وزارية.

وأكد قيادي في الإطار التنسيقي، في 5 ديسمبر الماضي، أنه تم طرح موضوع "التغيير الوزاري" خلال الجلسة "السرية" التي استضاف فيها البرلمان السوداني، مؤكدا أن هذا التغيير أصبح أمرا غير مجد.

ولطالما كانت التعديلات الوزارية في العراق موضوعا حساسا ومعقدا، وذلك بسبب التوازنات السياسية والطائفية التي تحكم تشكيل الحكومات.

وكان رئيس الوزراء العراقي قد كشف في 29 أكتوبر الماضي، عن إجراء تعديلات وزارية لضمان تحسين الأداء الحكومي وتلبية تطلعات المواطنين.

وقال السوداني خلال جلسة مجلس الوزراء بمناسبة مرور عامين على تشكيل الحكومة "سنجري تعديلا وزاريا وفق مؤشرات الأداء والعمل، وبناءً على برنامجنا الحكومي"، مشيرا إلى أنه "ليس قرارا سياسيا أو شخصياً".

وأشار الى ان "التعديل هو رغبة للوصول الى أداء أكثر فاعلية لتلبية متطلبات المرحلة وتطلعات المواطنين".

ولم تكن هذه المرة الأولى التي تحدث فيها السوداني عن التعديل الوزاري، إذ سبق أن طرح الأمر العام الماضي لكنه واجه معارضة سياسية من بعض الكتل، خاصة من قوى الإطار التنسيقي المسيطر على أغلب الوزارات، التي تتمسك بوزرائها وترفض استبدالهم.

ويرى بعض المتابعين للشأن العراقي أن قرار تثبيت وإعفاء المدراء العامين قد يكون جزءًا من عملية تقييم الأداء الحكومي، وربما يمهد لإجراء تعديلات أوسع في المناصب الوزارية.

في المقابل، يؤكد البعض الآخر أن هذا القرار قد يعكس رغبة رئيس الوزراء في تحسين أداء الوزارات من خلال تغيير القيادات الإدارية.

وتتباين الآراء حول احتمالية إجراء تعديل وزاري في الوقت الحالي، حيث يرى البعض أن الظروف السياسية غير مواتية لذلك، بينما يرى آخرون أن رئيس الوزراء مصمم على إجراء التعديلات اللازمة.

ويقول السوداني إن التعديل الوزاري ليس موقفا سياسيا تجاه هذه الكتلة أو هذا الحزب، وإنما رغبة للوصول إلى أداء أكثر فاعلية لتلبية متطلبات المرحلة وتطلعات المواطنين.

ويواجه رئيس الوزراء العراقي تحديات كبيرة في إجراء تعديلات وزارية، حيث يتطلب ذلك توافقا سياسيا واسعًا، وقد يواجه معارضة من بعض القوى السياسية لا سيما وأن الوقت المتبقي من عمر الحكومة قد يكون عاملا مؤثرا في اتخاذ قرار إجراء التعديل الوزاري.

وكان النائب المستقل جواد اليساري، توقع في تصريح لوسائل إعلام محلية أن "تواجه إجراءات التعديل الوزاري صعوبات، بالرغم من وعود السوداني بالأمر، وخاصة بعد انتخاب رئيس مجلس النواب، فالكتل والأحزاب السياسية تعارض هذا التعديل، كونه سوف يمس مصالحها، ولذا فإنها تريد استمرار الوضع كما هو عليه دون أي تعديل وزاري".

ولفت إلى أن "السوداني لا يستطيع إجراء أي تعديل وزاري دون وجود اتفاق مسبق بينه وبين الكتل والأحزاب التي تملك الأغلبية في مجلس النواب، فهي من سوف تصوت على هذا التعديل، وهي من سوف ترشح له البدلاء عن الوزراء، ولذا فهناك صعوبة في حسم الملف بالرغم من وعود السوداني التي يكررها منذ أكثر من عام ونصف".

وفي مايو الماضي، كشف مصدر مسؤول في مكتب السوداني، أن الأخير "جاد بقضية إجراء تعديل وزاري، وأنه سينفذ بعد إقرار مجلس النواب لقانون الموازنة، فهو حاليا لا يريد أي صدام سياسي مع الكتل والأحزاب بشأن تغيير الوزراء، ما قد يعرقل تمرير قانون الموازنة، وعلى الرغم من إقرار الموازنة إلا أن التعديل بقي مؤجلا".

ويذكر أن أبرز تعديل وزاري شهدته الحكومات العراقية، هو ما أجراه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، منتصف العام 2016، وذلك بعد تظاهرات واقتحام للبرلمان من قبل أتباع التيار الصدري، واعتصام زعيمه مقتدى الصدر بخيمة أمام المنطقة الخضراء في حينها.

ويعتبر التعديل الوزاري، أحد الفقرات التي تضمنها البرنامج الحكومي، وأشرها تقرير "السوداني ميتر" الإحصائي الخاص بتنفيذ الوعود الحكومية، حيث نص على "تقييم أداء الوزراء والمديرين العامين"، مع أكثر من وعد بهذا الشأن.