هل يمكن حكاية القصص من خلال الجسد

الجزائر - تسعى الباحثة الجزائرية سعاد صايبة عبر كتابها “جماليات الجسد في السرد” للبحث في إشكالية ما يحققه حضور الجسد من جماليات في السرد بتوظيف لغة الجسد، مستندة في ذلك على جملة من الإشكاليات الثانوية المتفرعة عنها؛ وتتبع إلى أي مدى يمكن الاستعاضة عن التعبير اللغوي اللساني بتوظيف لغة الجسد ووصف التعبير الجسدي في السرد، وهل يحقق السرد الجسدي ما يكفي من الحركية ليجعل الحدث يتنامى بوتيرة مقاربة للحركية التي يحققها الحوار.
كما تدرس الباحثة الجمالية الفنية التي يتوسم المؤلف الاحتفاء بها عن طريق توظيف لغة الجسد في عمله السردي مقابل ما يقوم به المتلقي من تأويل؛ بمعنى البحث في مدى قربها من الجمالية التي تحققها لدى المتلقي.
وقسمت صايبة هذه الدراسة إلى ثلاثة فصول، هي “الجماليات ولغة الجسد والسرد.. تعارف ومفاهيم”، و”السرد من خلال الجسد”، و”جماليات الجسد في القصص القصيرة”.
وتؤكد صاحبة هذه الدراسة الصادرة عن دار ميم للنشر بالجزائر، في تصريح لها على أن هذا الكتاب يبحث في معنى الجسد بعيدا عن طينيته التي بات محصورا فيها، والجسد في هذه الدراسة مجرد من جنسه وعمره، واجتهدت الدراسة في إخراجه من دائرة المبتذل إلى كونه أيقونة متعددة الأبعاد.
وتضيف الباحثة بالقول “إن الأدب فن، والفن يفقد قيمته إذا انسلخ عن قيمه الراقية، ولا يحقق النص جماليته إلا إذا اختلطت بقيمته، فالنصوص نوعان؛ غث ممجوج هزيل، وسمين ثمين مكتنز، والمساواة بينهما ضرب من الجور على الأدب”.
وتشير صايبة في تقديم كتابها إلى أن الجسد هو حلقة الوصل بين الواقع المحسوس في مختلف تجلياته، والواقع النصي المجرد عبر دواله اللغوية؛ ما يمنح إمكانية العبور من دراسة اللغة والجسد اللغوي إلى تناول الحضور الجسدي في تفاعله وتواصله؛ جسد مادي له امتداداته في الواقع، ومنه في الفعل السردي.
وتضيف مؤلفة هذه الدراسة النقدية أن من سمات السرد أنه يوفق بين المشاهد الحركية الممثلة في الحوار والحركة، والمشاهد الساكنة، الممثلة بالوصف والتعليق، وبين الاثنين يجمع الجسد بلغته، فتتنامى الأحداث، وتفعل الدينامية السردية وفق الترتيب الزمني في خطيته وتنافراته على نحو متناغم ومنسجم.
من جهة أخرى، تشير الباحثة إلى أن ظاهر الجسد كيان مادي، وواقعه أنه مركب من كيانات متكاملة، يتحكم بعضها ببعض، في ما يشبه النظام؛ من كيان اجتماعي، وديني، وثقافي، ونفسي، وأيديولوجي، وبيولوجي، إذ يملك قدرة هائلة على الكشف بالظاهر عن الباطن بالتعبير الجسدي، وبكيفيات تفاعله وانفعاله ووجوه فعله، وعموم علاقاته التواصلية مع غيره، لاسيما التعبير الجسدي اللاواعي، والواعي الذي تحول بفعل التكرار إلى العادة والتلقائية، وهي سمات الشخصية التي تعرف وتتميّز بها.