هل يمضي قيس سعيد نحو حل المجلس الأعلى للقضاء

الرئيس التونسي يريد إنهاء العمل بدستور 2014.
الثلاثاء 2021/12/14
تونس تحبس أنفاسها عشية قرارات مرتقبة لقيس سعيد

تونس - تصاعد في الساعات الماضية الجدل في تونس بشأن إمكانية حل الرئيس قيس سعيد للمجلس الأعلى للقضاء خاصة بعد تلميحه لعزمه تعليق العمل بالدستور ما سيفرز مباشرة وضع حد للعديد من المؤسسات والهيئات المنبثقة عنه.

وبالرغم من أن رئيس المجلس يوسف بوزاخر قال إن الرئيس سعيد لم يتحدث عن حل مجلس القضاء أو إلغائه خلال لقائهم الأخير به، إلا أن شخصيات قانونية حشدت لوقفة احتجاجية الاثنين رفضا للمساس بالسلطة القضائية وعلى رأسها المجلس الذي يواجه انتقادات حادة من دوائر سياسية ومتابعين.

وقال بوزاخر “إن رئيس الجمهورية لم يتحدث عن إلغاء المجلس أو حله، ومع ذلك إذا تم حله أو إلغاؤه عندئذ تحدد الخطوات المقبلة”.

وأضاف “نحن لا نرفض إصلاح القضاء لكن الإصلاح لا يمكن أن يتم في ظل الظرف الاستثنائي”، مشيرا إلى أنه “لا يمكن  التنازل عن مكتسبات القضاء المستقل الذي ورد في الباب الخامس من دستور 2014” وهو دستور قال الرئيس سعيد إنه لم يعد صالحا للعمل به.

رضا لاغة: المجلس لم ينجز المهمة المنوطة بعهدته بعد اختراق تركيبته

يأتي ذلك في وقت يواجه فيه المجلس الأعلى للقضاء انتقادات حادة بشأن ما تصفه أوساط تونسية باختراقه من قبل الأحزاب التي شكلت المشهد السياسي قبل الخامس والعشرين من يوليو في إشارة إلى حركة النهضة الإسلامية.

واعتبر القيادي في حركة الشعب رضا لاغة أن “المجلس الأعلى للقضاء لم ينجز المهمة المنوطة بعهدته، لذلك لم لا تتم مراجعة تركيبته خاصة بعد الاختراقات التي حصلت في أعضائه”.

وتابع لاغة في تصريح لـ “العرب” أن “رئيس الجمهورية إذا ذهب نحو إنهاء العمل بدستور 2014 فستسقط بالضرورة المؤسسات والهيئات الدستورية المنبثقة عن هذا الدستور ومن هذا المنطلق ينبغي علينا إطلاق إصلاحات سياسية كبرى تتعلق أيضا بهيئة الانتخابات وغيرها من أجل ضمان شفافية الاستحقاق المقبل، وأعتقد أن أطرافا سياسية ستضع معوقات لعملية الإصلاح تحت شعارات الديمقراطية لكن ليقول هؤلاء ما يشاؤون”.

وكان الرئيس سعيد قد انتقد بشدة في وقت سابق ما وصفه بتسلل السياسة إلى قصور العدالة مشددا على ضرورة تعديل قانون المجلس الأعلى للقضاء، منبها من التباطؤ الذي يحدث في معالجة العديد من الملفات الحساسة على غرار تقرير محكمة المحاسبات الذي يدين أحزابا سياسية على غرار حركة النهضة وقلب تونس بخصوص التمويل الأجنبي وغيره في الانتخابات الأخيرة.

وبعث الرئيس التونسي مؤخرا برسائل مفادها أنه سيعلق العمل بالدستور في وقت لاحق، وقد يقوم بذلك في السابع عشر من ديسمبر الجاري أي يوم الجمعة حيث من المقرر أن يلقي كلمة بمناسبة عيد الثورة في ولاية (محافظة) سيدي بوزيد مهد الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

وإذا تم إيقاف العمل بالدستور فمن المتوقع أن يتم معه حل المؤسسات والهيئات الدستورية المنبثقة عنه على غرار المجلس الأعلى للقضاء، والهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

وتدعو أوساط تونسية إلى حل المجلس متهمين بعض أعضائه بموالاة أحزاب معينة، ما يؤثر على استقلالية القضاء الذي يواجه اليوم اختبارات جدية في ظل الحملة ضد الفساد وفتح قضايا تخص الاغتيالات السياسية على غرار إعادة محاكمة متورطين في قتل القيادي بنداء تونس لطفي نقض.

أحمد صواب: لا مجال للمس بمجلس القضاء، فرغم الانتقادات يبقى مكسبا مهما

ودعا سامي بن سلامة المنسق العام لمنظمة “23 - 10 لدعم مسار الانتقال الديمقراطي” إلى حل المجلس قائلا إن هناك أربعة أسباب على الأقل تدفع نحو ضرورة اتخاذ هذه الخطوة.

وأوضح أن “المجلس غير شرعي باعتبار أنه لا يمثل جميع قطاعات المنظومة القضائية، بالإضافة إلى أنه يجب تقليص عدد أعضائه (45)، كما يجب إنهاء وجود أعضاء متحزبين ضمن تركيبته”.

وفي المقابل، ترفض دوائر قضائية حل المجلس واستبقت أيّ خطوة محتملة في هذا الصدد بالتصعيد حيث دعا القاضي أحمد صواب إلى عدم المساس بالسلطة القضائية في الظرف الاستثنائي الذي تعيشه بلاده.

وقال صواب الاثنين إن “لا مجال للمسّ بالمجلس الأعلى للقضاء، رغم الانتقادات يبقى المجلس مكسبا مهما كانت شرعية ومشروعية الرئيس قيس سعيد”.

ومساء الأحد أصدرت جمعية القضاة التونسيين بيانا تؤكد فيه تمسكها باستقلال القضاء والفصل بين السلطات مشيرة إلى تمسكها “بالمكسب الديمقراطي للمجلس الأعلى للقضاء كمؤسسة مستقلة لنظام الفصل بين السلط والتوازن بينها يضمن حسن سير القضاء واستقلاله، ويسهر على حماية الهيئات القضائية من الوقوع تحت أيّ ضغوطات أو تدخل في المسارات المهنية للقضاة، بما يضعف ويقوّض دورهم في حماية الحقوق والحريات ودولة القانون بالنزاهة والاستقلالية المستوجبة”.

وبدوره، رفض اتحاد القضاة الإداريين المساس بالمجلس قائلا في بيان صادر عنه الاثنين إن “الاتحاد يؤكد أن المجلس الأعلى للقضاء، رغم هناته، يظل مكسبا دستوريا لا يجوز المساس به تحت أيّ مسمى، إضافة إلى أن تعديل القانون المتعلق به يجب أن يتم بصفة تشاركية”.

4