هل يمتلك العاهل الأردني خطة لإدماج الفلسطينيين إقليميا؟

عمان – دأب العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني على الدعوة إلى إدماج الفلسطينيين في المشاريع الإقليمية التي ترعاها الولايات المتحدة بين إسرائيل ومحيطها العربي. لكن لا يُعرَف ما إذا كانت تصريحات العاهل الأردني محاولةً لتسجيل المواقف ولفت الأنظار إلى وزن بلاده أم أنه يمتلك خطة واضحة ويتحرك لإقناع مختلف الأطراف بجدواها؟
ولم يفصح العاهل الأردني عن وجود خطة لديه بشأن إدماج الفلسطينيين في المشاريع الإقليمية الجديدة، ومن الواضح أن كلامه محاولة للفت النظر إلى امتلاك بلاده أوراقا تمنع تهميش الأردن وتفرض تشريكه في التوجّه الإقليمي الجديد بشكل أو بآخر.
وتشير أوساط أردنية وفلسطينية إلى أنه خلال لقاءات الملك عبدالله الثاني مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يتم التطرق إلى أي مبادرة أو خطة تفصيلية، وأن كل ما في الأمر أن الأردن يريد أن يكون شريكا في التفاهمات الإقليمية، وهو يوظف الورقة الفلسطينية كوسيلة لتحقيق المكاسب التي يبحث عنها.
وقال مراقبون إن الأردن صار يشعر بأنه على هامش مسار السلام الجديد بين إسرائيل والدول العربية، وأن لا أحد يطلب منه وساطة أو ترتيبات لعقد اللقاءات، ولأجل هذا تتحرك دبلوماسيته من أجل لفت الأنظار إلى ضرورة مراعاة الدور الذي لعبته المملكة الهاشمية في السابق كوسيط أو فضاء لعقد اللقاءات الخاصة بعملية السلام.
الهدف من كلام الملك لفت النظر إلى امتلاك بلاده أوراقا تمنع تهميش الأردن وتفرض تشريكه في التوجّه الإقليمي الجديد
وقفز مسار السلام الجديد على المحاذير القديمة، وأصبحت اللقاءات تتم بشكل مباشر بين المسؤولين الإسرائيليين ونظرائهم العرب، ولم يعد أحد يحتاج إلى الوساطات، وهو ما سيضعف دور الأردن، خاصة أن المسار الجديد للسلام يركز على التعاملات الاقتصادية والمشاريع الإقليمية الكبرى، وتحييد عمان عن هذا المسار سيكبّدها خسارة جسيمة.
وبدا التوتر على تصريحات المسؤولين الأردنيين بعد تهميش مبادرة الملك عبدالله الثاني الداعية إلى تشكيل ناتو عربي على هامش جولة الرئيس الأميركي جو بايدن في المنطقة، وهي المبادرة التي هدف منها الأردن إلى ضمان مكان متقدم في مسار السلام العربي – الإسرائيلي الجديد وتقديم نفسه شريكا إقليميا مؤثرا للولايات المتحدة.
وقال العاهل الأردني الأربعاء لرئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد في لقائهما بعمّان إن الفلسطينيين يجب أن يكونوا جزءا من المشاريع الاقتصادية الإقليمية التي ترعاها الولايات المتحدة لتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط.
ويقول مسؤولون أردنيون إن عمان تضغط على إسرائيل لضم الفلسطينيين في صفقات المياه مقابل الطاقة التي يبحثها البلدان والتي يمكن أن تساعد دول الخليج العربية في تمويلها.
لكن إسرائيل ودولا عربية أضْحتَا مقتنعتيْن بأن لا حاجة إلى وساطة أردنية أو غير أردنية؛ ذلك أن الفلسطينيين الآن صاروا مدعوين إلى أن يكونوا شركاء في مسار السلام بشكل مباشر ودون وسطاء أو وكلاء إقليميين، مع طمأنتهم بسلام اقتصادي يعود عليهم بالنفع مباشرة من خلال مشاريع واستثمارات وليس عبر تحويل أموال إلى القيادة السياسية كما كان يحصل سابقًا.
ووقعت إسرائيل والأردن معاهدة سلام في عام 1994، لكن الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني أثر على علاقاتهما الثنائية لمدة طويلة.

وجدد الملك عبدالله التأكيد لرئيس الوزراء الإسرائيلي، في أول اجتماع لهما بعد زيارة بايدن إلى المنطقة في وقت سابق من هذا الشهر، على أن إقامة دولة فلسطينية أمر ضروري للتوصل إلى سلام دائم بين العرب والإسرائيليين.
وجاء في بيان للحكومة الإسرائيلية أن الملك عبدالله ولابيد ناقشا مسألة تسريع إنجاز المشاريع الاقتصادية الثنائية في قطاعات المياه والطاقة والأمن الغذائي والنقل.
ولطالما سعت إسرائيل، التي تزود الأردن ببعض إمدادات المياه العذبة بموجب اتفاق السلام المبرم بينهما، لبيع المياه المحلاة أيضا.
لكن المملكة الأردنية تدفع إسرائيل في المقابل إلى تخفيف قبضتها عن تدفق الصادرات الأردنية إلى الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، وهي سوق طبيعية مجاورة تعرض فيها سلعها.
200
ميغاوات من الكهرباء ستوفره محطة الطاقة الشمسية لإسرائيل في حال تطبيق الاتفاق
ويقول مسؤولون أردنيون إن التحول في السياسة الأميركية في عهد الرئيس جو بايدن نحو الالتزام بحل الدولتين للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني خفف الضغط عن الأردن ، الذي يشكل الفلسطينيون أغلبية سكانه البالغ عددهم عشرة ملايين نسمة.
وقال مسؤول أردني إن الملك عبدالله ولابيد ناقشا نتائج زيارة بايدن إلى المنطقة، والتي دفعت خلالها واشنطن باتجاه المزيد من التطبيع في العلاقات الإسرائيلية – العربية لبناء جبهة ضد إيران العدو المشترك.
وتحسنت العلاقات الثنائية بين الأردن وإسرائيل اللذين يتعاونان منذ فترة طويلة على مواجهة التهديدات الأمنية منذ أن فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني السابق بنيامين نتنياهو في مسعاه لإعادة انتخابه العام الماضي بعدما قضى 12 عاما في المنصب.
ووقّع الأردن في الرابع والعشرين من نوفمبر الماضي في دبي إعلان نوايا مع إسرائيل برعاية أميركية للتعاون على إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وتحلية المياه.
وينص اتفاق النوايا على أن يعمل الأردن على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لصالح إسرائيل، بينما ستعمل الدولة العبرية على تحلية المياه لصالح الأردن الذي يعاني من الجفاف.
وفي حال تطبيق هذا الاتفاق ستوفّر محطة الطاقة الشمسية 200 ميغاوات من الكهرباء لإسرائيل، فيما ستزوّد إسرائيل الأردن بما يصل إلى 200 مليون متر مكعب من المياه سنويا.
وقالت وزارة المياه الأردنية، عقب التوقيع، إنه من الممكن أن تحصل المملكة من خلال إعلان النوايا على 200 مليون متر مكعب من المياه سنويا.