هل يلغي التماس شعبي على الإنترنت بريكست

ألفا شخص يوقعون على العريضة كل دقيقة مسقطين مزاعم الصحف اليمينية ومواقع التواصل الاجتماعي.
الاثنين 2019/04/01
الضغط يزداد

أكثر من 6 ملايين يوقعون على عريضة إلغاء بريكست. ويتعين على البرلمان أن ينظر في كل التماس يوقع عليه أكثر من مئة ألف مواطن. ويأمل بريطانيون معارضون للخروج من الاتحاد الأوروبي في أن تقلب العرائض الإلكترونية الموازين، خاصة أن بريطانيا برأيهم تعرضت إلى خدعة كبيرة من اليمين الذي حشد الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي.

لندن - وقع أكثر من 6 ملايين شخص على العريضة الإلكترونية التي تطالب بإلغاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست”. ووصل عدد الموقعين إلى 6 ملايين، و9 آلاف و493 شخصا.

ويأتي ذلك عقب رفض البرلمان البريطاني، للمرة الثالثة، الجمعة الماضية، خطة “بريكست” المقدمة من رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، ما يفتح الطريق أمام تأجيل العملية إلى 12 أبريل المقبل.

وتدعو العريضة الموجود نصها على موقع الحكومة البريطانية الإلكتروني، إلى إلغاء المادة الـ50 (من معاهدة لشبونة/ متعلقة بالخروج من التكتل) والبقاء في الاتحاد الأوروبي. وذكرت صحيفة “الإندبندنت”، الأحد، أنّ نحو ألفي شخص يوقعون على العريضة كل دقيقة. كما وصفت الصحيفة العريضة بأنها “الأكثر شعبية” مما نشره موقع البرلمان البريطاني.

وبحسب نص العريضة التي نشرت إلكترونيا نهاية فبراير الماضي، فإن البرلمان البريطاني ينظر في جميع العرائض التي تحصد أكثر من 100 ألف توقيع، وأن الحكومة تستجيب للعرائض إذا حصلت على أكثر من 10 آلاف توقيع.

وأطلقت العريضة المحاضرة الجامعية السابقة مارغريت آن جورجيادو، وتبقى مفتوحة لتوقيع المشاركين لـ6 أشهر.

واتخذت لندن قرار الخروج من الاتحاد عبر استفتاء أجرته في 23 يونيو 2016.

المظاهرات الرافضة لبريكست تتواصل
المظاهرات الرافضة لبريكست تتواصل

ورفضت اللجنة المسؤولة عن الالتماس الشائعات القائلة إن أشخاصا غير مخولين كانوا بين الموقعين، ورفضت التعليق على التدابير الأمنية التي جرى اتخاذها لتأمين الالتماس. وأوضحت اللجنة أن 96 بالمئة من الموقعين ينحدرون من المملكة المتحدة وهو ما يفوق التوقعات.

رغم ذلك، أكدت ماي، في خطاب ألقته في “داونينغ ستريت”، أنها تقف إلى جانب الناس الذين يرغبون في إتمام بريكست. وهو ما أثار استياء أولئك الذين وقعوا على الالتماس.

ومنذ ثمانينات القرن الماضي، حافظت غالبية الصحف البريطانية على سلوك معاد للاتحاد الأوروبي ما عدا صحيفتي فايننشيال تايمز والغارديان، فهما الصحفيتان الوحيدتان اللتان اتخذتا موقفا داعما للبقاء في الاتحاد، غير أن عدد قراء هاتين الصحيفتين قليل للغاية، فضلا عن أن هؤلاء القراء مؤمنون أصلا وبقوة بضرورة البقاء.

فيما اتخذت صحيفة تايمز موقفا حياديا من الحدث على خلاف الصحف الثلاث الأخرى تلغراف وديلي ميل وذا صن التي تميزت بالتعبير عن موقف صارخ في عدائيته للاتحاد، مرددة أن بريطانيا تدفع للاتحاد أسبوعيا 350 مليون جنيه إسترليني، وأن تركيا ستنال عضويته، وأن المهاجرين يحطمون منظومة البلاد الاجتماعية، إضافة إلى أن بريطانيا بعد خروجها ستصل إلى السوق الأوروبية المشتركة من دون أن تستقبل اللاجئين والمهاجرين.

وتميزت صحف روبرت مردوخ في بريطانيا بموقفها الداعم للخروج من الاتحاد الأوروبي، فقبل أيام معدودة من الاستفتاء كتبت صحيفة تايمز مقالا افتتاحيا ساوت فيه بين خروج بريطانيا من الاتحاد وعملية هروب من السجن.

وقادت الصحف حملات ضارية، مستغلة مواقع التواصل الاجتماعي للتخويف من المهاجرين والمسلمين تحديدا ومن أضرار بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي تحت مسوغات بريطانيا العظمى والاقتصاد القوي والمستقبل والعمالة التي استولت على فرص العمل من البريطانيين.

فيسبوك متورطة بخرق قانون البيانات خلال الاستفتاء الوطني الذي قرر خروج بريطانيا
فيسبوك متورطة بخرق قانون البيانات خلال الاستفتاء الوطني الذي قرر خروج بريطانيا

ونادرا ما تأتي الأخبار عن المسلمين في الصحف البريطانية إيجابية، لكنها وافرة طوال الوقت. ودرست صحيفة الغارديان البريطانية عناوين إخبارية منشورة على مدار شهر عادي قبل عام 2016.

ففي صحيفة ذي تايمز يوم 9 نوفمبر 2016، نُشرت مقالة بعنوان “مدرسة إسلامية تفصل بين الفتيان والفتيات”. وورد في موقع دايلي إكسبرس بعد 9 أيام “تصاعد الغضب إثر انضمام أقل من ثُلث الدول الإسلامية إلى التحالف ضد داعش”.

أما الموقع الإلكتروني لصحيفة الصن، فذكر يوم 1 ديسمبر “السر في أمان: نصف المسلمين البريطانيين لن يذهبوا إلى الشرطة إذا علموا بصلة شخص ما بداعش”. وكتب موقع دايلي إكسبرس في اليوم التالي “العملة الجديدة من فئة 5 جنيهات إسترلينية يمكن حظرها بواسطة المجموعات الدينية إثر عدم قدرة البنك على تأكيد كونها حلالا”.

وذكرت آي.تي.في.نيوز في نفس اليوم “نصف مسلمي المملكة المتحدة لن يبلغوا عن المتشددين”. وبعد يومين، ورد في صحيفة صنداي تايمز “معاقل الإسلام ترى المملكة المتحدة عبارة عن دولة مسلمة بنسبة 75 بالمئة”. ونشر موقع ذي مايل أو صنداي التقرير في اليوم نفسه. كما نشره أيضا موقع صحيفة الصن.

ولا تتعرض جالية أخرى داخل بريطانيا لمثل هذه السيول من النقد المستمر في الصحف. لكن هذا ليس الشيء الأفظع بشأن هذه المقالات. ففي الحقيقة، كل واحدة منها مضللةٌ للغاية، لكن الفرضية الرئيسية لكل منها، التي تُذكر في العنوان الرئيسي، عادة ما تكون خاطئة تماما، حسب صحيفة الغارديان البريطانية.

وفي كل حالة منها، اضطرت الصحف إلى تصحيح مقالاتها أو سحبها أو إعادة كتابتها. وفي كل مرة تنتشر المقالات الأصلية قبل تصحيحها على موقع فيسبوك.

على طرفي نقيض
على طرفي نقيض

وفي أوساط الصحافيين، يقر قليل منهم نسبيا بأن الصحافة تغذي التعصب دون انقطاع. ويدرك الأكاديميون وجهات الرقابة على الصحافة واللجان الحكومية، لكن لا يوجد توافق على طريقة معالجة الأمر. هناك الكثير على المحك هنا. يجب أن تتمتع الصحافة بحريتها، ويجب التفريق بين الإساءة وخطاب الكراهية، علاوةً على أن وسائل الإعلام تتشكل عن طريق المجتمع الذي تعمل داخله. وتقف هذه القضايا الكبرى كعقبة تسد أي طريق للتحرك.

وقد أظهرت العديد من الدراسات أن الأخبار الملفقة التي غالبا ما تكون أكثر إثارة من المعلومات الحقيقية، تنتشر بسرعة أكبر على الإنترنت، نظرا إلى إتاحة الانتشار السريع والواسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وأفاد تقرير صدر عن معهد “ماساتشوستس للتكنولوجيا” بأن “الأخبار الكاذبة انتشرت بشكل أعمق وعلى نطاق أوسع، ووصلت إلى عدد أكبر من الناس، وكانت أكثر انتشارا من أي فئة أخرى من المعلومات الكاذبة”.

وقد تقصى بحاثة المعهد 126 ألف شائعة نشرها 3 ملايين شخص. ووجدوا أن عدد الأشخاص الذين وصلت إليهم الأخبار الكاذبة كان أكبر ممن تلقوا الأخبار الصحيحة. ووجد التحليل أن الحقيقة احتاجت إلى وقت أكبر بستة أضعاف من الأخبار الكاذبة لتصل إلى 1500 شخص.

وكتب الباحثان في جامعة أوكسفورد سامانثا برادشو وفيلب هوارد “السرعة والحجم اللذان ينتشر فيهما المحتوى ‘على نطاق واسع يتزايدان بسرعة كبيرة، بغض النظر عما إذا كانت المعلومات التي يحتوي عليها صحيحة أم لا”.

وقد خلص جهاز الرقابة البريطاني إلى أن شركة فيسبوك متورطة بخرق قانون البيانات خلال الاستفتاء الوطني الذي قرر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ودعا نواب بريطانيون هذا الشهر إلى تعزيز الأنظمة المستخدمة في مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا فيسبوك، للحؤول دون نشرها أخبارا كاذبة، والتصرف “كعصابات رقمية”.

19