هل يلجأ الأردنيون إلى الملك لردّ قانون الجرائم الإلكترونية

البرلمان يقر القانون المثير للجدل رغم الاعتراضات والانتقادات.
الخميس 2023/08/03
جاري التحميل

رغم إقرار البرلمان الأردني لمشروع قانون الجرائم الإلكترونية المثير للانتقادات، لا تزال أمام الأردنيين فرصة أخيرة لرده وتعديل البنود الخلافية وذلك عبر اللجوء إلى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.

عمان - قالت مصادر مطلعة إن إقرار مشروع قانون الجرائم الإلكترونية سيزيد الضغوط على النظام الأردني بدل تحصينه، إذ تتوقع المصادر أن يناشد المواطنون العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ممارسة صلاحياته لرد مشروع القانون وإعادة النظر في بنوده الخلافية والمثيرة للجدل.

وتحرج المناشدة العاهل الأردني؛ إذ أن جزءا من البنود الخلافية يتعلق بتحصين الملك وأسرته المباشرة من “التحريض” والخوض في سياساتهما الداخلية والخارجية، تحت ما يسميه مشروع القانون بـ”تقويض الوحدة الوطنية”.

ويقول مراقبون إن مصطلح ” تقويض الوحدة الوطنية” جاء فضفاضا بما يمكّن السلطات القضائية والإدارية من تفسيره حسب أهوائها، وهو ما يمهد للمزيد من التضييق على الخوض إلكترونيا في كل ما يتعلق بالأسرة الهاشمية الحاكمة.

وأقر مجلس النواب الأردني الأربعاء مشروع قانون الجرائم الإلكترونية المُعاد من مجلس الأعيان كما ورد من مجلس الأعيان.

يحيى شقير: الألفاظ الفضفاضة يمكن استخدامها لمعاقبة أي شخص
يحيى شقير: الألفاظ الفضفاضة يمكن استخدامها لمعاقبة أي شخص

وذكرت قناة المملكة الأردنية أن المجلس وافق على التعديلات التي أدخلها مجلس الأعيان في ثلاث مواد، مشيرة إلى أن المجلس قرر أن تكون العقوبات في المواد الثلاث إما الحبس أو الغرامة أو بكلتا العقوبتين وتخفيض الغرامة.

وقال الخبير الإعلامي يحيى شقير إن “خطورة هذا القانون تكمن في الغرامات التي يمكن أن تصل إلى 100 ألف يورو أو الحبس لأي مواطن أو صحافي بسبب أخطاء بسيطة”.

وذكر شقير أنه لا يزال من غير المعروف كيف سيفرق هذا القانون بين وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، محذرا من تحول الأردن إلى ما وصفه بـ”مملكة الصمت”.

وتابع “لا يمكن التضييق على الحريات الإعلامية في الأردن، ويجب مراجعة البنود التي تتحدث عن العقوبات المالية والسجن”، مضيفا “الألفاظ الفضفاضة يمكن استخدامها لمعاقبة أي شخص بذريعة الدعوة إلى الكراهية أو غير ذلك من التهم”.

ويفرض مشروع القانون عقوبات بالحبس و بالغرامات على أفعال عدة، منها ما ورد في المادة 15 المتعلقة بـ”إرسال أو إعادة الإرسال أو النشر بقصد، الأخبار الكاذبة أو قدح أو ذم أو تحقير أي شخص عبر الشبكة المعلوماتية أو أنظمتها أو الموقع الإلكتروني أو من خلال منصات التواصل الاجتماعي”، وكذلك تجريم أفعال من قام “قصدا” في المادة 17 باستخدام الشبكة المعلوماتية في إثارة الفتنة أو النعرات أو الحض على الكراهية أو استهداف السلم المجتمعي أو الدعوة إلى العنف أو تبريره أو ازدراء الأديان”.

وتنص عقوبة المادة 15 بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة تتراوح بين 5 و20 ألف دينار أردني ( نحو 7 – 28 ألف دولار أميركي)، تم تخفيضها في اللجنة القانونية بعد أن وصلت إلى 40 ألف دينار ( نحو 56 ألف دولار)، كما نصت عقوبة المادة 17 بالحبس بمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن 3 سنوات وبغرامة مالية لا تقل عن 5 آلاف دينار أردني، ولا تزيد عن 20 ألف دينار بعد أن كان حدها الأعلى قبل التخفيض 50 ألف دينار أردني ( نحو 70 ألف دولار).

كما يعاقب أولئك الذين ينشرون أسماء أو صور ضباط الشرطة على الإنترنت، ويحظر طرقًا معينة للحفاظ على إخفاء الهوية عبر الإنترنت.

وكان رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة أكد أن مشروع قانون الجرائم الإلكترونية يوفر حماية عامة لجميع الأردنيين وللمثلَّث الذَّهبي “العرش والجيش والشَّعب” ولمشروع الدولة التَّحديثي بمساراته السِّياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة.

وقال الخصاونة، خلال جلسة الثلاثاء لمجلس الأعيان بهدف مناقشة مشروع قانون الجرائم الإلكترونية لسنة 2023، إن “مشروع قانون الجرائم الإلكترونيَّة لا يحدُّ مطلقاً من النَّقد البنَّاء، والحماية التي يوفِّرها عامَّة للجميع وليست لموظَّف السُّلطة العامَّة أو الموظَّف العام”.

وتلفت الحكومة الأردنية، في سياق تبريراتها، إلى أن عدد الشكاوى الإلكترونية ارتفع بشكل يدعو إلى القلق ويستوجب تشريعات جديدة.

وأعلنت وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية التابعة لمديرية الأمن العام الأردنية تزايد نسبة هذا النوع من الجرائم بستة أضعاف منذ عام 2015.

وأشارت المديرية إلى ظهور أساليب جرمية حديثة تم التعامل معها مثل أساليب الشعوذة الرقمية، والاستغلال الجنسي عبر مواقع التواصل، وسرقة المحافظ الإلكترونية، وغيرها، لافتة إلى تزايد قضايا الاحتيال الإلكتروني التي بلغت 2118 قضية في عام 2022، وفي نفس الوقت تزايدت القضايا المتعلقة بأساليب الابتزاز الإلكتروني إذ بلغت 1285 قضية، في حين بلغت قضايا الذم والقدح والتحقير 3769 قضية، أما قضايا التهديد فوصلت إلى 3466 قضية. وبلغت قضايا الاختراق 2115 قضية.

ويتوقع محللون أن يتمهل العاهل الأردني في المصادقة على مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب؛ إذ أنه لا يصبح نافذا ما لم يختمه الملك وينشر في الجريدة الرسمية.

ويشير هؤلاء إلى أن رد مشروع القانون سيكون رهن كم الضغوط التي ستمارس على السلطات الأردنية.

وتراجعت حرية التعبير على مدى السنوات القليلة الماضية حيث تستهدف السلطات الأردنية المعارضين السياسيين والمواطنين العاديين بالاعتماد على سلسلة من القوانين لإسكات الأصوات المنتقدة، بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش.

وانتقدت واشنطن، المانح الرئيسي للأردن، الإجراء قائلة إنه قد يؤثر على حرية التعبير. وتعتبر واشنطن الأردن حليفا رئيسيا في منطقة الشرق الأوسط.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل الأسبوع الماضي “مثل هذا القانون، بما يحتوي عليه من تعريفات ومفاهيم غامضة، يمكن أن يقوض جهود الإصلاح الاقتصادي والسياسي في الأردن ويقلص بصورة أكبر الحيز المدني الذي يعمل فيه الصحافيون والمدونون وغيرهم من أعضاء المجتمع المدني في الأردن”.

2