هل يكون مؤتمر "استقرار ليبيا" الفرصة الأخيرة لحسم التدخل الأجنبي؟

طرابلس - يأمل الليبيون أن يكون "مؤتمر استقرار ليبيا" الذي سيعقد الخميس المقبل في العاصمة طرابلس، بمثابة الفرصة الأخيرة، في حال نجح في إقناع الأطراف الدولية بإنهاء تدخلاتهم السياسية، وخاصة العسكرية.
وتكمن أهمية "مؤتمر استقرار ليبيا" في طرابلس، في توقيته الحساس قبل شهرين على الانتخابات العامة، وبالتزامن مع تعثر تنفيذ بنود مهمة في الاتفاقات السياسية قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع، بينها اتفاق خروج القوات الأجنبية وبعض الخلافات حول التشريعات والقوانين المنظمة للعملية الانتخابية.
ومن المتوقع أن يشهد المؤتمر مشاركة دولية واسعة، بحسب البيانات الصادرة عن الكثير من الدول المدعوة للحضور، التي لعب بعضها أدوارا مختلفة ومؤثرة في سياق النزاع الليبي، في مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وألمانيا وتركيا ومصر، مع وفود بارزة من غالبية المنظمات الدولية والإقليمية.
وقالت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مساء الأحد "أطلقنا مبادرتنا نحو استقرار كامل لوطننا، ندشن بها مسيرة مستقبل واعد جديد، ولأجل ذلك نحن على موعد مع مؤتمر داعم يلتئم بطرابلس في الحادي والعشرين من أكتوبر الجاري".
وأضافت في كلمة مصورة نشرتها الوزارة عبر موقعها الإلكتروني "نهدف من خلال هذه المبادرة إلى أن تكون ليبيا ساحة للمنافسة الاقتصادية الإيجابية، بهدف إيجاد آلية وطنية وموقف دولي وإقليمي موحد داعم ومتسق مع هذه الرؤية".
ويشارك في المؤتمر الذي تساعد الأمم المتحدة في الإشراف عليه، ممثلو الجامعة العربية والاتحادان الأوروبي والأفريقي، ويعمل على تفعيل مبادرة استقرار ليبيا، التي أطلقتها حكومة الوحدة الوطنية في مؤتمر "برلين 2"، وتنفيذ بنودها، إضافة إلى وضع آليات محددة وعملية لتنفيذ بنود مؤتمري برلين الأول والثاني، وقراري مجلس الأمن رقمي 2570 و2571 الخاصين بالأزمة الليبية.
وكشفت المنقوش أن مبادرة استقرار ليبيا تعمل على المسارات العسكرية والأمنية والاقتصادية، إذ يعدّ المساران الأمني والعسكري بمثابة التحدي الأكبر الذي يواجه ليبيا اليوم، لاسيما مع تقدمها نحو الانتخابات الوطنية العامة.
وقالت المنقوش إن المبادرة ستقدم "الدعم السياسي والتقني اللازم للتنفيذ الأمثل لاتفاق وقف إطلاق النار ودعم مخرجات لجنة 5 + 5، وكذلك دعم وتشجيع الخطوات والإجراءات الإيجابية التي من شأنها توحيد الجيش الليبي تحت قيادة واحدة".
وفي الثامن من أكتوبر الجاري، اتفقت مجموعة 5 + 5 الليبية على انسحاب تدريجي متوازن للمقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا الذي أعلنت عنه الأمم المتحدة، ويعتبر مسألة مهمة في انتقال ليبيا إلى ما بعد الحرب الأهلية التي مزقت البلاد.
ويعد ملف المقاتلين الأجانب والمرتزقة من أهم العقبات أمام تنفيذ خارطة الطريق في ليبيا، المأمول أن تكلل بانتخابات نهاية العام الجاري.
وأضافت المنقوش أن المبادرة ستقدم أيضا "الدعم الفني في ملف فك ودمج العناصر المسلحة غير المتورطة في أعمال إرهابية وإجرامية وتأهيلها أمنيا ومدنيا"، موضحة أنها تهدف في هذا المسار إلى "انسحاب كافة المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية".
أما عن المسار الاقتصادي والتنموي، فأكدت المنقوش أن المبادرة "تهدف إلى الدفع بعجلة الاقتصاد وتحسين مستوى معيشة المواطن الليبي وتوفير الخدمات اللازمة للعيش بكرامة وعزة على أرضه"، مشيرة إلى "برنامج عودة الحياة" الذي أطلقته حكومة الوحدة الوطنية مؤخرا.
واعتبرت المنقوش أن "سياسة التهميش والمركزية سياسة تأصلت منذ خمسين سنة مضت"، مبينة أنها "تركة نعاني منها وعلينا التزام ومسؤولية معالجتها"، لكن ذلك يتطلب "استقرارا أمنيا واستراتيجيات وخططا طويلة الأمد لخلق مؤسسات متوازنة وتوزيع عادل للموارد".
ورأت المنقوش أن معالجة هذه المشكلات لا يمكن أن تكون "بحركات انقسامية أو إشعال نار الفتن أو استغلال شعارات وطنية رنانة، الغرض منها إفشال جهود توحيد مؤسسات الدولة التي كانت هدفنا منذ اليوم الأول كحكومة لكل الليبيين"، معربة عن أملها في التخلص من مسألة "الجهوية والقبلية" التي عانت منها البلاد لسنوات طويلة والتي كانت "أحد أسباب تأخرنا وانقسامنا".
وفي ما يتعلق بالانتخابات، قالت المنقوش "إن هذه المبادرة تهدف إلى حشد الدعم اللازم للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات لتمكينها من أداء دورها بشكل إيجابي". وأوضحت أنها تهدف أيضا إلى "دعم العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية".
وفي الحادي عشر من أكتوبر الجاري، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا تسلمها رسميا قانون انتخاب البرلمان الصادر عن مجلس النواب بعد شهر على تسلمها قانون انتخاب رئيس البلاد، وهو ما رفضه المجلس الأعلى للدولة الليبي.
وتلقّى "مؤتمر استقرار ليبيا" قبل أيام على انطلاقته دعما كبيرا من المسؤولين في القارة الأوروبية، أكبر المستفيدين من استعادة البلاد استقرارها والمتأثرين من تبعات الصراع في الجارة الجنوبية.