هل يكون الأردن مدخل الأسد لإعادة وصله بمحيطه العربي

عمّان - تشهد العلاقات السورية الأردنية تطبيعا تدريجيا، فبعد زيارة نواب أردنيين برئاسة وزير العدل الأسبق عبدالكريم الدغمي هذا الأسبوع، العاصمة دمشق ولقائهم برئيس النظام بشار الأسد ووزير خارجيته وليد المعلم وجّهت عمّان بشكل غير مباشر دعوة إلى وزير سوري لزيارتها.
ويثير هذا التطوّر تساؤلات في الأوساط السياسية عمّا إذا كان سيجري تطبيع كامل في القريب بين الطرفين، وإمكانية أن يلعب الأردن دورا في إعادة وصل نظام الأسد بمحيطه العربي، الذي تراجعت اهتماماته بشكل واضح بالأزمة السورية.
وأفادت مواقع إخبارية أردنية أن وزير النقل وليد المصري، وجّه دعوة غير مباشرة إلى نظيره السوري علي حمود، لزيارة عمّان. وأظهر كتاب الدعوة أن الغرض من الدعوة هو “عقد اجتماع الجمعية العمومية للشركة الأردنية السورية للنقل البري”.
وبحسب الكتاب، الذي لم ينقله الإعلام الرسمي في المملكة، لم يُشر إلى دعوة مباشرة إلى الوزير السوري، وإنما اقتصر الكلام على “دعوة إلى عقد الاجتماع في عمّان لتعديل النظام واتخاذ قرارات تضمن ديمومة العمل”.
ورغم أن صورة الكتاب الذي تم تناقله، تظهر رسمية المخاطبة، إلا أنه لم يصدر أي تأكيد من وزارة النقل الأردنية بشأن صحته.
وتأسست شركة النقل الأردنية السورية عام 1975 بين عمّان ودمشق؛ بهدف القيام بجميع أنواع النقل للأشخاص والبضائع على شبكة الطرق المشتركة بين البلدين وعلى أراضيها.
ويقول متابعون إن تطبيع العلاقات مع دمشق بات يلقى تأييدا ملموسا داخل الأردن، في ظل موقف دولي لم يعُد يمانع بقاء رئيس النظام بشار الأسد.
ورحلة التطبيع التدريجي بين الطرفين بدأت في 15 أكتوبر الماضي حينما أعلنت عمّان ودمشق عن قرارهما بفتح معبر جابر نصيب، بعد إغلاق دام 3 سنوات.
وفي خطوة كانت متوقعة جرى التحضير لها منذ يوليو الماضي، توجه الاثنين الماضي وفد نيابي أردني إلى دمشق حيث عقد لقاء مع الأسد، الذي سلّم رسالة شفوية للملك عبدالله الثاني أعرب فيها عن استعداده لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الأزمة.
ويرى مراقبون أن الأردن كان أكثر المتضرّرين من الأزمة السورية سواء على الصعيد الأمني أو الاقتصادي، حيث اضطر جيشه منذ العام 2015 إلى حماية الحدود المشتركة بين البلدين بمفرده، فضلا عن لجوء مئات الآلاف من النازحين إلى أراضيه الأمر الذي شكّل عبئا كبيرا على اقتصاده.
ولعلّ الضرر الأكبر كان في اضطراره لغلق الحدود وبالتالي انقطاع شريان حيوي لاقتصاده المتدهور.
ويقول سياسيون موالون لعودة العلاقات السورية الأردنية أن هناك قناعة لدى دوائر صُنع القرار في الأردن بضرورة كسر حالة الجمود مع دمشق، غير مستبعدين أن تقوم المملكة في مرحلة مقبلة بدور أكبر لجهة تهيئة الأرضية لإعادة وصل دمشق بالعواصم العربية التي ما تزال ترفض التعاطي مع النظام القائم قبل التوصّل إلى تسوية سياسية عادلة للأزمة.
ويشير هؤلاء إلى أنّ التحوّل في موقف الأردن لا يمكن قراءته بعيدا عن التحوّل الحاصل في الموقف الغربي، الذي بدا غير ممانع لاستمرار الأسد، وإن كان يصرّ على المطالبة بحلّ يستوعب جميع الطيف السوري، مع رحيل القوات الإيرانية وميليشياتها، التي تشكّل تهديدا لاستقرار المنطقة.
وأكد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري في حوار له مع وكالة “نوفستي” الروسية بأن بلاده لا تهدف إلى تغيير النظام في دمشق، وأن على الشعب السوري أن يقرر من يحكمه.
وقال جيفري الجمعة “نعتقد أنه (الرئيس السوري) عار على البشرية ومجرم حرب، وربما أكبر مجرمي الحرب في عالم اليوم وأشدّهم قسوة، ولن تكون لبلادنا علاقات جيدة مع بشار الأسد أبدا، لكن مع ذلك نحن متمسكون بعملية سياسية تتحقق بالتعاون مع الشعب السوري ومن قبل الشعب نفسه”.
وشدّد على أنّ واشنطن “لا تسعى إلى أي شكل من أشكال تغيير النظام”، بل تستهدف “تغيير سلوك هذا النظام إزاء شعبه بالدرجة الأولى، ثم تجاه جيرانه، فالمجتمع الدولي… بما يشمل استخدام السلاح الكيمياوي وممارسة التعذيب وما يهدد المنطقة من مخاطر هائلة نتجت عن تدخل إيران وإطلاق عنان، ولو بطريقة غير مباشرة، لكارثة تتمثل في داعش في المنطقة وأوروبا”.