هل يكفي اتفاق لجنة 6+6 للوصول إلى الانتخابات في ليبيا

طرابلس - على الرغم من توقيع لجنة 6+6 البرلمانية المشتركة الليبية على قوانين الانتخابات، والتي تحمل طابع الإلزام ولا تحتاج حتى إلى مصادقة مجلسي النواب والدولة عليها، إلا أن الانطباع العام السائد أن هذه القوانين غير قابلة للتطبيق على الأرض، في ظل عدم رضا طرفي الصراع عليها.
وقال خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، “على الرغم من أن التعديل الـ13 (للإعلان الدستوري) يعتبر عمل اللجنة نهائيا وملزما، إلا أننا نأمل في زيادة التفاهم حول بعض النقاط من خلال اللجنة نفسها في لقاءات قادمة”.
ويقر المشري في تغريدة كتبها، ضمنيا بوجود نقاط خلافية لم تحسمها لجنة 6+6 المشكلة من نواب وأعضاء في مجلس الدولة، رغم إعلانها الاتفاق على الصيغة النهائية لقوانين الانتخابات، بعد نحو أسبوعين من الجلسات والمفاوضات في بوزنيقة المغربية.
ويعد عدم توقيع كل من المشري ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح على “الاتفاق النهائي” لقوانين الانتخابات، رغم أنه من الناحية الدستورية والقانونية شكليا باعتبار أن عمل اللجنة “نهائي وملزم”، إلا أنه من الناحية الرسمية والفعلية ضروري لسببين على الأقل، فالسبب الأول أنه لا بد من توقيع رئيس مجلس النواب على قوانين الانتخابات لنشرها في الجريدة الرسمية حتى تدخل حيز النفاذ.
ترشح مزدوجي الجنسية يعتبر أبرز عقبة أمام لجنة 6+6، ومنذ تشكيلها كانت مطالبة بإيجاد حل توافقي لتجاوزها
أما السبب الثاني فمرتبط بقوى الأمر الواقع، فبدون توافق بين القوى السياسية والأمنية تصبح قوانين الانتخابات حبرا على ورق، حتى ولو صدرت في الجريدة الرسمية، على غرار قوانين الانتخابات التي أصدرها مجلس النواب في عام 2021، بدون توافق مع مجلس الدولة، والتي لم تر طريقها إلى التنفيذ.
وتتقاطع رؤية البعثة الأممية مع وجهة نظر المشري بضرورة “زيادة التفاهم حول بعض النقاط”.
وعلقت البعثة الأممية على نتائج عمل لجنة 6+6، بأنها “تدرك أن العناصر الأساسية في القوانين الانتخابية تتطلب قبولا ودعما من مجموعة واسعة من المؤسسات والأطراف السياسية والأمنية الفاعلة، كي يتسنى إجراء انتخابات شاملة وذات مصداقية وناجحة”.
وهو ما يمكن اعتباره إشارة ضمنية إلى أن لجنة 6+6، وبالرغم من الصلاحيات الواسعة الممنوحة لها، إلا أنها لا تمثل مختلف الأطياف السياسية والأمنية الفاعلة على الأرض، والتي بدون موافقتها يصعب إجراء الانتخابات، حتى ولو دخلت قوانينها حيز النفاذ.
ويعد ترشح مزدوجي الجنسية أبرز عقبة أمام اللجنة، ومنذ تشكيلها كانت مطالبة بإيجاد حل توافقي لتجاوزها بعد أن فشلت جميع المفاوضات، منذ الاتفاق السياسي الموقع في 2015، في التوافق بشأنها.
وتضمنت الصيغة النهائية لاتفاق لجنة 6+6، السماح لمزدوجي الجنسية بالترشح للدور الأول من الانتخابات الرئاسية، لكنها في محاولة لإرضاء الطرف الآخر المعارض اشترطت على المتأهل للدور الثاني الحامل لجنسية ثانية أن يقدم خلال أسبوعين من إعلان النتائج النهائية للجولة الأولى “إفادة مصادقا عليها من سفارة الدولة المانحة تثبت تقديم طلب التنازل النهائي عن جنسيتها”.
الأمم المتحدة ترى أن القوانين الانتخابية تتطلب قبولا ودعما من مجموعة واسعة من المؤسسات والأطراف السياسية والأمنية الفاعلة في ليبيا كي يتسنى إجراء انتخابات ناجحة
غير أن اللجنة في محاولة لإرضاء الطرفين أغضبت كليهما، فعدة أطراف في المنطقة الغربية انتقدت السماح لمزدوجي الجنسية بالترشح.
والنقطة الإشكالية الثانية التي حسمتها لجنة 6+6 هي مسألة ترشح العسكريين التي كانت محل خلاف بين مجلسي النواب والدولة وحلفائهما في الشرق والغرب، إذ كان التوجه نحو السماح للجميع بالترشح، فأرضى ذلك المشير خليفة حفتر وأنصاره وأغضب الأحزاب والتيارات المدنية وكتائب الثوار التي أطاحت بنظام معمر القذافي.
واتفق معسكرا الشرق والغرب على إقصاء سيف الإسلام، نجل معمر القذافي، من الترشح للرئاسة، بالنظر إلى صدور حكم نهائي بإعدامه، إذ اشترط مقترح القانون “ألا يكون المرشح محكوما عليه نهائيا في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة”.
لكن الاتفاق بين معسكري الشرق والغرب على إزاحة سيف الإسلام القذافي من السباق الرئاسي، من شأنه أن يثير حفيظة شريحة من أنصاره، وقد تعبر عن رفضها لهذا الإقصاء إما عبر مقاطعة الانتخابات أو الاحتجاج في الشارع، لكنها لا تملك قوة مسلحة من شأنها فرض نفسها بين المعسكرين الرئيسيين.
وتضمن الاتفاق نقاطا مثيرة للجدل تتعلق بنظام الانتخاب بين القوائم والفردي، وتوزيع المقاعد على الدوائر الانتخابية، التي أثارت حفيظة 61 نائبا، اعتبروا أن لجنة 6+6 تجاوزت اختصاصاتها.
وينص مقترح قانون الانتخابات البرلمانية الذي اتفقت عليه اللجنة، على تقسيم البلاد إلى 13 دائرة انتخابية في انتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، وإلى 11 دائرة انتخابية بالنسبة لانتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان).