هل يكسر ترامب العرف الانتخابي بالفوز في انتخابات التجديد النصفي؟

الديمقراطيون يتوقون إلى انتزاع الأغلبية داخل الغرفة الأعلى من الكونغرس، رغم تشكيك نتائج استطلاعات الرأي في تمكن الحزب من تحقيق هذا الهدف.
الثلاثاء 2018/11/06
انتخابات مهمة لكنها ليست حاسمة

يدلي الناخبون الأميركيون، الثلاثاء، بأصواتهم في انتخابات التجديد النصفي التي يتوقع أن تشهد منافسة ضارية بين الجمهوريين الذين يسعون إلى تعزيز مواقعهم والديمقراطيين الطامحين لاستعادة مجلس النواب، ما يمكنهم من بدء تحقيقات برلمانية ضد إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب ومنع إقرار تشريعات وحتى عرقلة التصويت على الميزانية، وإحداث حالة من الشلل في واشنطن.

واشنطن- يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحزبه الجمهوري إلى كسر عرف انتخابي أميركي، الثلاثاء، وذلك بالفوز في انتخابات التجديد النصفي والتي جرت العادة أن يفوز المعارضون بها، فيما يتوقع مراقبون أن تؤدي انتخابات منتصف الولاية إلى تغير في موازين القوى داخل غرفتي الكونغرس، وربما تُلقي بالرئيس في أتون ظروف قاسية.

وتأتي انتخابات مجلسي النواب والشيوخ تقريبا في منتصف الفترة الرئاسية الأولى للرئيس ترامب، التي بدأت منذ مقدمه إلى البيت الأبيض في يناير 2016، حيث يرى الكثيرون فيها اختبارا حقيقيا لسياسات الرئيس على مدار نحو عشرين شهرا.

وتجرى الانتخابات على جميع مقاعد مجلس النواب، التي يبلغ عددها 435 مقعدا. ويسيطر الحزب الجمهوري، يمين-وسط، الذي ينتمي إليه ترامب، على أغلب مقاعد المجلس حاليا، ولكن من المتوقع أن تنتقل الأغلبية إلى خصومهم الديمقراطيين بعد الانتخابات النصفية.

وفي حال انتزاع الأغلبية في هذه الانتخابات، يستطيع الديمقراطيون البدء في إجراءات حجب الثقة عن الرئيس ترامب، فمجلس النواب فقط هو الذي يملك صلاحية الإقدام على هذه الخطوة.

وعلاوة على ذلك، إذا ما سيطرت المعارضة على مجلس النواب، سيخوض الجمهوريون صراعات مريرة في مساعيهم لضمان الموافقة على إصدار تشريعات جديدة، مثل تلك المتعلقة بإصلاح النظام الضريبي أو الرعاية الصحية أو الهجرة. أما في مجلس الشيوخ، فمن المقرر إجراء الانتخابات النصفية على ثلث المقاعد، 35 من إجمالي 100 مقعد، حيث يتمتع الجمهوريون حاليا بأغلبية ضئيلة في المجلس، مكنتهم، على سبيل المثال، من تأكيد مرشحين اثنين للرئيس ترامب لعضوية المحكمة العليا للولايات المتحدة.

ويتوق الديمقراطيون بلهفة إلى انتزاع الأغلبية داخل الغرفة الأعلى من الكونغرس، رغم تشكيك نتائج استطلاعات الرأي في تمكن الحزب من تحقيق هذا الهدف. ووفقا لتقديرات موقع “853” المتخصص في تحليل نتائج استطلاعات الرأي، سيحافظ الجمهوريون على الأغلبية التي يحظون بها في مجلس الشيوخ.

وفي سباق حكام الولايات، يتعين على الناخب الأميركي اختيار حكام جدد لـ36 ولاية، ويتضمن هؤلاء حاليا 26 حاكم ولاية جمهوريا، وتسعة ديمقراطيين، وحاكما واحدا مستقلا.

نانسي بيلوسي: سنفوز بمجلس النواب وسنهيمن على سباق مناصب حكام الولايات
نانسي بيلوسي: سنفوز بمجلس النواب وسنهيمن على سباق مناصب حكام الولايات

وتحظى انتخابات حكام الولايات في الولايات المتحدة بنفس درجة الاهتمام والمتابعة التي تلقاها انتخابات الكونغرس، إلا أنها ذات أهمية قصوى، ليس فقط لأن كل ولاية من ولايات البلاد الخمسين تستطيع وضع قوانين محلية خاصة بها، لكن لأنها أيضا تضع الحدود الخاصة بالدوائر الانتخابية، بما ينطوي عليه ذلك من تأثير مباشر على انتخابات مجلس النواب.

ويتوقع أن يحتفظ الجمهوريون بأغلبية مناصب حكام الولايات، حتى في حال فاز الديمقراطيون بالولايات التي تمثل أغلبية سكان البلاد. وإذا ما تمكن مرشحو الحزب الديمقراطي من انتزاع الأغلبية من الجمهوريين، ربما يجد الجمهوريون بعض السلوى في قاعدة عُرفية ترسخت عبر عقود بشأن هذه الانتخابات النصفية، مفادها: خسارة الحزب الذي يتبعه الرئيس الأميركي.

ومنذ عام 1934، كان الناخبون غالبا يسعون بصورة كبيرة إلى الحدّ من أعداد ممثلي الحزب الذي يتبعه الرئيس داخل غرفتي الكونغرس، مجلسي النواب والشيوخ. وكان هذا يُعد في بعض الأحيان نوعا من التصحيح الذاتي، حيث بدا أن الناخبين لديهم الرغبة في عدم السماح لحزب واحد بالسيطرة على السلطتين التشريعية والتنفيذية في آن واحد، وهو أمر ربما أجبر الساسة في نهاية المطاف على التوصل إلى حلول وسط وتبني قوانين تحظى بقبول واسع. وفي أحيان أخرى، كان ذلك يُعد نوعا من الاحتجاج على الرئيس وسياساته، فالانتخابات النصفية للكونغرس بغرفتيه تمثل استفتاء على “ساكن البيت الأبيض”.

وجرت العادة أن يخسر حزب الرئيس في عهده الأول مقاعد في الكونغرس في انتخابات منتصف الولاية الرئاسية، لكن الوضع الاقتصادي الجيد يميل إلى إبقاء الأمور على حالها في وقت ينمو فيه الاقتصاد الأميركي بقوة قلما حدثت. وأكدت زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي “سننتصر”، في تصريح يتباين مع تحفظها الاعتيادي.وقالت لشبكة سي.بي.أس إن “الديمقراطيين سيفوزون بمجلس النواب”، من غير أن تستبعد احتمال استعادة الغالبية في مجلس الشيوخ والهيمنة على السباق لمناصب حكام الولايات.

وركز ترامب خطابه على قافلة تضم الآلاف من المهاجرين من أميركا اللاتينية متوجهة إلى الولايات المتحدة، ليعيد طرح موضوع الهجرة في صلب جملته الانتخابية لتحفيز قاعدته، موجها أصابع الاتهام إلى الديمقراطيين ومواقفهم، فيما يرى مراقبون أن الرئيس الجمهوري قد ينجو من هزيمة.

وردد ترامب أمام مؤيديه في ولاية تكساس المحاذية للمكسيك “إنه هجوم على بلادنا، هجوم”، مستعيدا وسط تأييد الحشود العارم موضوع الهجرة الذي ركز عليه حملة الانتخابات الرئاسية عام 2016. وتعرض شبكات التلفزيون الأميركية بشكل متواصل منذ الأسبوع الماضي مشاهد للآلاف من المهاجرين من هندوراس يتقدمون في قافلة متراصة عبر غواتيمالا ثم المكسيك.

وأعلن الرئيس الأميركي من دون الاستناد إلى أي وقائع “في الوقت الذي نتكلم فيه، إن الحزب الديمقراطي يشجع الملايين من الأجانب غير القانونيين على مخالفة قوانينها وانتهاك حدودنا واجتياح بلادنا”، ملمحا إلى أن المهاجرين غير القانونيين سيتمكنون من التصويت بصورة غير قانونية.

وربما تُسفِر انتخابات التجديد النصفي عن تغيرات واسعة على الساحة السياسية، ولكنها لا تعد بالضرورة مؤشرا جيدا يمكن من خلاله التنبؤ بحظوظ الرئيس في إعادة انتخابه لفترة جديدة بعد أكثر من سنتين، فالناخب الأميركي، منح جورج دبليو بوش الابن وكلينتون وأوباما فترة رئاسية ثانية، رغم خسارتهم انتخابات التجديد النصفي.

5