هل يقود تعيين أبورزيزة إلى انقسام المحكمة العليا في ليبيا

قرر مجلس النواب الليبي انتخاب عبدالله أبورزيزة رئيسا للمحكمة العليا، بديلا لسلفه محمد الحافي، بعد تزكيته من المجلس الأعلى للدولة والجمعية العمومية للمحكمة، وسط ترقب لرد فعل الحافي وإمكانية رفضه تسليم مهامه.
طبرق (ليبيا) – يتابع مراقبون للشأن السياسي في ليبيا رد فعل رئيس المحكمة العليا محمد الحافي بعد انتخاب البرلمان المستشار عبدالله أبورزيزة، في ظل أزمة كانت قد اندلعت بين الحافي ورئيس البرلمان عقيلة صالح الشهر الماضي.
ويتوقع هؤلاء المراقبون أن يرفض الحافي تسليم منصبه لأبورزيزة، متسلحا بانعقاد جلسة البرلمان للتصويت على رئيس جديد للمحكمة دون النصاب القانوني.
ومن أصل 200 نائب في البرلمان لم يصوت سوى 40 نائبا على تعيين أبورزيزة، في حين يتطلب الوصول إلى المنصب موافقة ثلثي أعضاء البرلمان على المرشح.
وانتخب أبورزيزة رئيسا للمحكمة العليا بعد تزكيته من المجلس الأعلى للدولة والجمعية العمومية للمحكمة، في خضم جهود لإيجاد حل للأزمة السياسية في ليبيا، وذلك خلال جلسة رسمية لمجلس النواب الليبي في مدينة بنغازي (شرق)، نقل بعض منها في بث مباشر على قناة ليبيا المستقبل (تابعة للبرلمان).
من أصل 200 نائب لم يصوت سوى 40 على تعيين أبورزيزة بينما يتطلب الوصول إلى المنصب موافقة ثلثي أعضاء البرلمان
ويأتي الاتفاق بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بشأن تزكية وانتخاب عبدالله أبورزيزة بعد اتفاق بين المجلسين على استبعاد شروط الترشح للرئاسة من القاعدة الدستورية، وترك هذه المسألة للجسم التشريعي الجديد، ما مثل تقدم المشاورات للخروج من مرحلة الجمود بحثا عن مخرج يبعد البلاد عن شبح الحرب.
وقبل الإعلان عن التصويت لصالح أبورزيزة قال صالح خلال افتتاحه للجلسة، إن “أهم ما في جدول أعمالها موضوع المحكمة العليا وقيادتها بعد بلوغ محمد الحافي سن التقاعد”.
وأضاف أنهم سيناقشون “تكليف عبدالله أبورزيزة، وهو مرشح من الجمعية العمومية للمحكمة العليا، وقد وافق عليه المجلس الأعلى للدولة في كتاب رسمي لمجلس النواب”.
ومؤخرا تصاعد الجدل بين المستشار محمد الحافي رئيس المحكمة الحالي ومجلس النواب، وذلك بعد رفض الأول قرارات للأخير تخصص إعادة هيكلة المحكمة العليا وتعيين 35 مستشارا جديدا بها، وهو أمر عارضة الحافي.
وفي أول سبتمبر الجاري وجه رئيس مجلس النواب صالح رسالة لرئيس المجلس الأعلى للقضاء ومستشاري المحكمة العليا قال فيها إن “محمد الحافي غير شرعي كون قرار تكليفه صدر عن المؤتمر الوطني السابق بعد انتهاء ولايته”.
وذكّر عقيلة صالح حينها “بالقانون رقم 1 لسنة 2020 بشأن إلغاء كافة القوانين الصادرة عن المؤتمر الوطني بعد انتهاء ولايته، بعد تاريخ الثالث من أغسطس 2014”.
وقد مثل مكان انعقاد المحكمة العليا أزمة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، حيث اعتبر عقيلة صالح بداية الشهر الجاري أن مكان انعقاد المحكمة الليبية العليا في طرابلس غربي البلاد عوضا عن مدينة البيضاء (شرق)، باطل.
وردّ حينها رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري على رسالة صالح برسالة وجهها لرئيس المجلس الأعلى للقضاء، أكد فيها صحة انعقاد جلسات المحكمة في طرابلس، مستندا إلى حكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا القاضي بانعدام شرعية مجلس النواب منذ تاريخ السادس من نوفمبر 2014.
وطالب “باعتبار ما جاء في مراسلة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بلا جدوى، لعدم ارتكازه على قانون معتدّ به”. حيث رفض “نقل مقر المحكمة العليا من العاصمة طرابلس إلى مدينة البيضاء”.
ويبدو أن في الفترة الحالية تتصاعد الجهود لوضع حد للخلافات السياسية والدستورية في ليبيا، خاصة وأن البلاد، وبالتحديد العاصمة طرابلس وبعض مدن المنطقة الغربية، شهدت في الفترة الماضية أعمال عنف واشتباكات بين ميليشيات موالية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة.
وأدت محاولات قوات تابعة لرئيس الحكومة المدعوم من مجلس النواب فتحي باشاغا لدخول طرابلس إلى سقوط العشرات من القتلى والجرحى، ما هدد بعودة العاصمة إلى مربع العنف، بعد العمليات العسكرية في 2019 بين حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج وقوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري يسعيان لتحقيق تقارب لتسوية عدد من الملفات
ويسعى كل من عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري لتحقيق تقارب بعد فترة من الخلافات، خاصة إثر المشاورات بين الطرفين في العاصمة المصرية القاهرة.
واستقبلت مصر في أغسطس الماضي جولة من المباحثات بين الطرفين لبذل المزيد من الجهود لحل الأزمة السياسية في البلاد، وتحديدا ملفي توحيد الحكومة واستئناف مفاوضات القاعدة الدستورية للانتخابات.
ورغم أن مصادر تحدثت حينها عن حدوث خلافات بين صالح والمشري وصلت إلى حد رفض عقد لقاء بينهما، لكن التطورات الحاصلة في المشهد تؤكد أن الطرفين حققا تقاربا في العديد من الملفات التي كانت سببا في عرقلة التقدم السياسي في البلاد.
وتأتي هذه الخطوات في خضم جهود تمارسها كل من تركيا وقطر للعب دور وساطة في الأزمة الليبية، حيث قام عقيلة صالح بزيارة إلى العاصمة القطرية الدوحة دامت ثلاثة أيام، التقى خلالها أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس مجلس الشورى، ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.
وبالتوازي كشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في تصريح صحافي عن زيارة مرتقبة لوفد برلماني تركي إلى الشرق والغرب الليبي، في محاولة لممارسة ضغوط تهدف بالأساس إلى حماية المصالح التركية.
ومن المنتظر أن تزيد القوى الغربية والأوروبية من ضغوطها لإيجاج مخرج للأزمة السياسية في ليبيا، من خلال دعم جهود المبعوث الأممي عبدالله باتيلي.