هل يقود التوتر في الضفة الغربية إسرائيل إلى عملية واسعة

تسلط الجولة الأحدث من العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتي جاءت بعد أيام من هدوء نسبي، الضوء على عدم الاستقرار في الأراضي الفلسطينية، حيث يقوم الجيش على مدى أكثر من عام بمداهمات منتظمة أدت إلى اشتباكات متكررة مع المسلحين الفلسطينيين.
القدس - تثير موجة العنف الأخيرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين مخاوف من اتساع نطاق المواجهة بعد الدعوات الإسرائيلية إلى شن عملية أوسع في الضفة الغربية واستنفار الفصائل الفلسطينية المسلحة.
وشيّع الفلسطينيون والإسرائيليون قتلاهم الأربعاء بمن فيهم فتية من الجانبين سقطوا إثر تجدد دائرة العنف في الضفة الغربية.
وقُتل أربعة إسرائيليين وأصيب أربعة آخرون بجروح إصابة أحدهم خطرة في هجوم مسلّح الثلاثاء قرب مستوطنة عيلي بين مدينة رام الله ونابلس. وقال الجيش الإسرائيلي إنه تم إطلاق النار وتحييد مهاجمين أحدهما في مكان الهجوم والآخر بعد فراره.
ونُفذ الهجوم غداة مقتل سبعة فلسطينيين، ستة منهم خلال عملية عسكرية للجيش الإسرائيلي في مدينة جنين في شمال الضفة، أسفرت عن إصابة العشرات بجروح بينهم أكثر من عشرين إصابة بين خطرة وحرجة. وقُتل شاب فلسطيني آخر قرب بيت لحم في جنوب الضفة الغربية المحتلّة.
ورغم تصاعد أصوات إسرائيلية بضرورة تنفيذ عملية عسكرية واسعة في شمالي الضفة الغربية، خاصة بعد مقتل 4 إسرائيليين في إطلاق نار جنوب مدينة نابلس (شمال)، إلا أن خبراء يستبعدون إقدام الجيش الإسرائيلي على ذلك.
ويقول خبراء إن الحكومة الإسرائيلية في “مأزق كبير” والمستويين الأمني والعسكري يعارضان عملية واسعة لمخاطرها الأمنية.
لكن الخبراء يقولون إن إسرائيل قد تذهب إلى تصعيد عملياتها العسكرية في الضفة، وتنفيذ عمليات اغتيال قد تكون في قطاع غزة والخارج.
يأتي ذلك بعد عملية إطلاق نار وصفت بأنها “الأصعب” على طريق بين مدينتي نابلس (شمال) ورام الله وسط الضفة الغربية، نفذها اثنان من عناصر كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وفق بيان للحركة.
وأسفرت العملية عن مقتل 4 إسرائيليين وإصابة 4 آخرين بجراح، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على عملية إسرائيلية في مدينة جنين (شمال)، أسفرت عن مقتل 6 فلسطينيين.
ويستبعد عصمت منصور، المختص بالشأن الإسرائيلي، أن تذهب إسرائيل إلى تنفيذ حملة عسكرية واسعة في شمالي الضفة وخاصة بمدينتي جنين ونابلس، لكنه بالوقت ذاته يشير إلى إمكانية تنفيذ عمليات اغتيال لقادة بالفصائل الفلسطينية بقطاع غزة.
وقال منصور “في إسرائيل حكومة يمينية متطرفة لا تملك إلا خيارا أمنيا ولا يوجد في حساباتها خيار احتواء أو سياسة أو أي خيار آخر سوى القوة”.
وأضاف “لكن غير وارد تنفيذ عملية عسكرية واسعة، والحديث عن ذلك هو تلويح من باب أن هناك أزمة داخلية ويجب تنفيذ انتقام”.
خبراء يقولون إن إسرائيل قد تذهب إلى تصعيد عملياتها العسكرية في الضفة، وتنفيذ عمليات اغتيال قد تكون في قطاع غزة والخارج
وتابع “إسرائيل يوميا تقتحم وتنفذ عمليات عسكرية في جنين ونابلس وأريحا وطولكرم ورام الله وغيرها، ما الذي يقصد به بعملية واسعة؟”.
وقال “بالرغم من العمليات اليومية لم تنجح إسرائيل بوقف الهجمات الفلسطينية أو منعها، بل باتت أكثر قوة وإيلاما، الأمر الذي يدلل على أن القوة غير مجزية ولا تجلب أمنا ولا استقرارا”.
ورجح الخبير في الشأن الإسرائيلي أن “تذهب إسرائيل إلى عمليات انتقامية عبر تكثيف الاقتحامات، وتهديد قادة المقاومة”.
ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل (جنوب) بلال الشوبكي أن “الأيام القادمة ستشهد حالة تصعيد، لكنها لن تصل إلى عملية واسعة”.
وأضاف الشوبكي أن “التصريحات الإسرائيلية الداعية إلى عملية واسعة تأتي متناقضة مع الرؤية الأمنية الإسرائيلية والمستوى العسكري”.
وأشار إلى أن “تلك المستويات لا تريد الذهاب أبعد من ذلك في مواجهة الفلسطينيين لاعتبارات عديدة، أبرزها أن المزيد من العمليات يعني المزيد من رد الفعل”.
وقال “التجارب الإسرائيلية في الضفة تشير إلى أن العمليات الواسعة غير قادرة على تثبيط المقاومة، بل تزيد منها وتخلق حاضنة مجتمعية للمقاومة”.
ورأى أستاذ العلوم السياسية أن “العقيدة الأمنية في إسرائيل تقوم على عدم التفريط بالعلاقة مع السلطة الفلسطينية”.
وقال “إذا ما نفذت عملية واسعة ستجد إسرائيل نفسها أيضا أمام تيارات جديدة كحركة فتح التي تقود الضفة الغربية كما في انتفاضة الأقصى الثانية (2002)”.
وتوقع الشوبكي أن تذهب إسرائيل إلى “تصعيد في عملياتها في الضفة الغربية، واستخدام سلاح الجو، وإطلاق أيدي المستوطنين دون أي ردع”.
وقتلت القوات الإسرائيلية حتى الآن هذا العام 174 فلسطينيا من بينهم مدنيون، لكن معظمهم من المسلحين. وفي الوقت نفسه، قُتل 24 إسرائيليا وأجنبيا في هجمات شنها فلسطينيون في الضفة الغربية والقدس وفي بعض المدن الإسرائيلية.
واعتبر الكاتب والمحلل الفلسطيني طلال عوكل أن عملية “عيلي” مؤشر على تصاعد المقاومة الفلسطينية وتطور قدرتها على المواجهة.
وأشار إلى أن ذلك التصاعد “مرتبط برد الفعل على تصاعد الجرائم الإسرائيلية في الضفة الغربية من اجتياحات متواصلة وآخرها لمدينة جنين”.
وقال “يوميا تنفذ إسرائيل عمليات قتل وهدم وتدمير، ما هو رد الفعل الفلسطيني المتوقع؟ مؤكد سيكون قويا وهذا ما كان في عملية عيلي”.
وذكر أن “مستوى الرد لم يكن متوقعا، ويشير إلى أن المقاومة في الضفة الغربية لديها الإمكانيات والقدرة على الرد السريع والموجع أيضا”.
وعن تبني حماس لمنفذي عملية عيلي، قال عوكل إن “حماس موجودة بقوة في الضفة وهي جزء من حالة المقاومة ولديها إمكانيات كبيرة وعناصر مدربة”.
وتابع “تعرف حماس جيدا نتائج هذا العمل، وتريد أن تقول إنها موجودة كما سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في جنين، وكما عرين الأسود في نابلس، وهي عنصر عامل وقوي في المواجهة”.