هل يضمن الاتفاق السياسي في الصومال نجاح الانتخابات؟

مقديشو - رغم حالة الارتياح الشعبي والرسمي التي أعقبت اتفاق المؤتمر التشاوري الصومالي على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في غضون شهرين، إلا أن توجّسا حول تنفيذها لا يزال قائما بسبب عدم وجود ضمانات كافية، ما قد يعرقل إتمامها خلال هذه المدة.
وكان الهاجس حول عدم تنفيذ بنود الاتفاق حاضرا على لسان الرئيس محمد عبدالله فرماجو والرئيسين السابقين شيخ شريف وحسن شيخ بمناسبة اختتام المؤتمر التشاوري، والذين كرروا مطالبهم بضمان تنفيذ بنود الاتفاق لإنهاء التوتر السياسي، مما يوحي بأن مسار الانتخابات لا يزال مفتوحا على احتمالات كثيرة.
وبموجب الاتفاق الأخير، تُجرى انتخابات غير مباشرة في غضون 60 يوما في البلد الذي لم يشهد انتخابات مباشرة منذ عام 1991.
ويرجح محللون أن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية يتطلب مدة أكثر من 60 يوما نتيجة عقبات عدة وملفات شائكة لم تحسم بعد، لكنهم يرون أن الخطوة قد تشكل بداية لإنهاء الأزمة.
ويشير الكاتب والمحلل السياسي أنور عبدالفتاح في تصريحات صحافية إلى أن الاتفاق في حد ذاته يعد “ميلاد مرحلة جديدة” قد تحدّ ولو قليلا من تداعيات الأزمة السياسية التي شهدتها البلاد طيلة الأشهر الماضية.
إنهاء الأزمة السياسية بشكل عام يتوقف على بقاء رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلي على منهج السياسة الوسطية
لكن في الوقت نفسه لا ينهي الاتفاق أزمة العملية السياسية حول الانتخابات بشكل عام نظرا إلى الملفات الشائكة حول مجرياتها.
وبحكم قرب القيادة الحالية من دوائر صنع القرار وإمكانية تأثيرها في مجريات الانتخابات البرلمانية بمجلسيه الشعب والشيوخ، سيبقى الوضع مفتوحا أمام تفجّر الأزمة السياسية من جديد حول ملفات متعلقة بآلية إجرائها.
وبحسب أنور، فإن إنهاء الأزمة السياسية بشكل عام يتوقف على بقاء رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلي على منهج السياسة الوسطية التي أفضت إلى الاتفاق المؤتمر التشاوري حول الانتخابات.
وفي تقديره، فإن تكليف روبلي بمسؤولية حل بعض المسائل الخلافية ما هو إلا اختبار حول مدى حياديته لإدارة هذه الملفات، ما يضمن التزام رؤساء الولايات بوعودهم لتنفيذ الاتفاق.
وتنص بنود الاتفاق للمؤتمر التشاوري على أن يتحمل روبلي مسؤولية إدارة ملف انتخابات ممثلي إقليم صوماليلاند، الذي تتخوف القوى السياسية من احتمالية اختطافها من قبل نائب رئيس الوزراء مهد جوليد المقرب من رئيس البلاد فرماجو.
وإلى جانب قضية إقليم جدو التي تعد من أهم المسائل الخلافية بين الرئيس فرماجو ورئيس ولاية جوبالاند المحلية حول من يدير انتخابات هذا الإقليم.
ويلفت محمد مصطفى المحلل السياسي في مركز سهن للدراسات في تصريحات صحافية، إلى أن إجراء انتخابات في غضون شهرين اتخذ لثلاثة أسباب: الأول امتصاص الغضب الشعبي والدولي تجاه التخبط السياسي في البلاد، وإنهاء حالة عدم اليقين للانتخابات إلى جانب استياء الصوماليين من عدم تحديد سقف محدد للانتخابات وتأجيلها لأكثر من مرة نتيجة إخفاق القوى السياسية في التوصل إلى حل نهائي لخلافاتها.
أما السبب الثاني فهو محاولة دفع المجتمع الدولي أو الإسراع في الحصول على ميزانية الانتخابات، حيث تعهدت الدول المانحة بتقديم نحو 40 مليون دولار لدعم تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
ويتمثل السبب الثالث في إتاحة الفرصة للمفاوضين في المؤتمر التشاوري بمواصلة الاجتماعات للتشاور حول ملفات لم تتم مناقشتها سابقا إلى جانب دراسة العقبات التي تواجه الاتفاق في حال تطبيقه على أرض الواقع.

ويعتقد محللون أنه بالرغم من الإيجابيات التي تضمنها الاتفاق، إلا أن هناك تحديات جمة في ما يتعلق بملفات تختلف حولها الأطراف المفاوضة في المؤتمر التشاوري حول الانتخابات.
وذكر سعيد علي المحلل السياسي في مركز الصومال للدراسات في تصريحات صحافية، أن الأطراف المفاوضة في المؤتمر التشاوري لم تناقش ملف مراكز الانتخابات، حيث ينص اتفاق 17 سبتمبر على تحديد اثنين من مراكز المحافظات في الولايات الفيدرالية كدائرتين انتخابيتين، رغم الظروف الأمنية التي تشهدها بعض محافظات الولايات الفيدرالية كمدن بلدوين، براوة، وجربهاري والتي من الصعب الوصول إليها إلا عبر الطائرات.
ناهيك عن استضافة الكم الكبير من المندوبين الذين سيختارون النواب بواقع 101 مندوب لكل نائب، وهو ما سيعرقل عملية الانتخابات ما لم تتفق الأطراف على هذا الملف الذي يأتي في إطار التحدي الأمني، وفق سعيد.
وسيشكل الاقتصاد بدوره تحديا كبيرا أمام تنفيذ عملية الانتخابات في البلاد، حيث تقدر الميزانية المالية للعملية بأكثر من 40 مليون دولار، على أن تدفع الحكومة 10 في المئة منها بواقع 4 ملايين دولار.
ويأتي ذلك بالتوازي مع إعلان وزارة المالية عن أزمة اقتصادية كبيرة وعجز مالي لصرف رواتب الموظفين، نتيجة توقف المنح المالية لدعم خزينة الدولة إلى جانب جائحة كورونا التي أثرت سلبا على الاقتصاد وقطاعات رئيسية مختلفة، وهو ما يعيق جهود الحكومة لتنظيم الانتخابات.
وخلص علي إلى أن هناك العديد من الملفات الجانبية الشائكة كاللجان الانتخابية وانتخابات أعضاء صوماليلاند وتشكيل لجنة أمن الانتخابات، التي من الممكن أن تخلق خلافات تعرقل تنظيم الانتخابات.
وجرى تأجيل الانتخابات سابقا أكثر من مرة، بعد فشل عدة جولات من المفاوضات بين الحكومة ورؤساء الولايات نتيجة خلافات تتعلق بملفات إقليم جدو واللجان الانتخابية وتأمين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في البلاد.