هل يصبح وزير الإعلام الكويتي أول ضحايا المواجهة مع البرلمان

وزير الإعلام الكويتي حاول التخفيف من وطأة قانون تنظيم الإعلام الذي يثير غضبا بين الكويتيين. ولذلك حاول في ما يبدو طمأنة بعض النواب والتخفيف من حدة انتقاداتهم بأن اقتصر على ذكر بعض البنود وإغفال أخرى ما اعتبره البعض تضليلا.
الكويت - أعلنت وزارة الإعلام الكويتية عزمها على إجراء "حلقة نقاشية" في شأن مشروع قانون تنظيم الإعلام يقودها وزير الإعلام عبدالرحمن المطيري في 25 سبتمبر المقبل، الأمر الذي نظر إليه عدد من النواب والشخصيات الإعلامية الفاعلة على أنه محاولة للتمسك بـ"مشروع ساقط سياسيا وإعلاميا"، يترافق مع حملة تضليل حول مضامين المشروع سوف تؤدي في النهاية إلى طلب استجوابه أمام مجلس الأمة (البرلمان).
ويشير المراقبون إلى أن استجواب وزير الإعلام، أو الفشل في إقرار مشروع القانون، أمام البرلمان سوف يضع بقاءه في منصبه قيد شكوك كبيرة، لاسيما وأنه ترك ما يبرر الشبهات حول صدقيته. وقالت النائبة جنان بوشهري إن المطيري قام بالتضليل عندما "زوّد النائب عبدالهادي العجمي عضو اللجنة التعليمية بمعلومات مغلوطة، ونفيه صحة ما نشر عن مشروع قانون تنظيم الإعلام، بالرغم من صحته بالمخاطبات والمستندات، (وهو) أمر يجعل بقاء الوزير عبئاً سياسياً على الحكومة".
ورد العجمي على ما قاله المطيري بالقول "يبقى الوزير مسؤولاً عما ألزم به نفسه في اتصاله، ومسؤولا عما اتفق معنا عليه في اللجنة التعليمية بحضوري وحضور الزميلة بوشهري، وبقية أعضاء اللجنة”، معتبراً أن "الفيصل والمحك هو حضور الوزير اجتماع اللجنة القادم".
◙ الوزير يحاول أن ينكر بعض فقرات مشروع القانون وهو أمر غير معتاد بالنسبة إلى مسؤول حكومي تصدر عن وزارته وثائق
وأكد العجمي “لن نوافق على أي قانون يختلف عما التزم به وزير الإعلام معنا في اجتماعات اللجنة، ولاحقاً في مكالمته معي، حينما نفى نفياً قاطعاً المشروع الخطير والسيء تجاه الحريات المُسرب والمتداول في الصحف”، وقال "في حال تم تقديمه مطابقاً لما ورد في المراسلات الحكومية كما نشرت، فعليه أن يتحمل تبعات قراراته سياسيا".
وتشير التلميحات إلى أن الوزير يحاول أن ينكر بعض فقرات مشروع القانون. وهو أمر غير معتاد بالنسبة إلى مسؤول حكومي تصدر عن وزارته وثائق، ثم يحاول الالتفاف عليها بعدما أثارت عاصفة من الانتقادات، مما يجعله يبدو كمن وقع على سيفه. ويقول مراقبون إن المطيري وضع نفسه بين فكي الرحى. فمن ناحية، هناك نص مشروع القانون الذي أصدرته وزارته، والذي تم تداوله على نطاق واسع، وتم الحصول على نصوصه من مصادر الوزارة، بما لا يمكن نكرانه. ومن ناحية أخرى، هناك تصريحاته أمام اللجنة التعليمية، وهي تصريحات موثقة، مما لا يمكن نكرانها أيضا.
وبذلك يكون الوزير قد وضع نفسه ووزارته في وضع غير مسبوق من التناقضات والأقوال المتضاربة، وهو ما يثير الإحراج على الأقل لرئيس الحكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح الذي قد يضطر في النهاية إلى أن يطلب منه الاستقالة لكي يحافظ على استقرار حكومته. وكانت وزارة الإعلام قالت إنه سيتم توجيه دعوة عامة لجميع الإعلاميين والمختصين والخبراء الدستوريين وجمعيات النفع العام إلى حلقة نقاشية في شأن مسودة مشروع قانون تنظيم الإعلام، بعد الانتهاء من ملاحظات واقتراحات الجهات الحكومية المعنية في الدولة.
وذكرت في بيان أنه سيتم خلال الحلقة النقاشية عرض كل تفاصيل مسودة القانون من قِبل الوزير، وأخذ مقترحات وملاحظات المختصين والمهتمين حوله، تمهيداً للوصول إلى المسودة النهائية لتحويلها لمجلس الأمة، وعرضها على اللجنة التعليمية في المجلس بداية أكتوبر المقبل. وردت النائبة بوشهري على هذا المسعى بالقول إن "تسويق مشروع قانون سقط سياسياً ونيابياً وشعبياً محاولة أخرى لن تجدي نفعاً". وأكدت عزمها على حضور الحلقة النقاشية لكي تواجه وزير الإعلام "حتى يدرك الجميع خطر هذا القانون كفكرة قبل أن يكون كمشروع".
وبالنظر إلى أن مشروع القانون المنشور يسعى لتحصين مختلف دوائر السلطة من النقد، بمن فيهم النواب، فقد قال النائب حمدان العازمي "إننا نرفض رفضاً قاطعاً محاولات سلطنة صفة النائب وتحصينه من النقد، فنحن جزء من المجتمع الكويتي ولا رقيب علينا بعد الله إلا الشعب"، مشدداً على التصدي لمثل هذه الاقتراحات الحكومية "الفاشلة".
◙ رئيس الحكومة لم يدل بموقف يدعم مشروع القانون أو يرفضه ولكنه يراقب باهتمام مسارات النقاش ليقرر ما إذا كان يمكن الاكتفاء بإجراء تعديلات جذرية
ودعا النائب خالد المؤنس الحكومة إلى أن تعي جيداً بأن محاولة الانتقاص من المكتسبات الدستورية والحريات لن ينتج عنها إلا التأزيم والصدام. وقال النائب بدر سيار "لتعلم الحكومة أننا لن نقبل بسياسة تكميم الأفواه، مهما كلفنا الأمر، ولن نسمح بمرور أي قانون يمس حرية المواطن ورأيه في كل من تولى مسؤولية عامة، فمن لا يتسع صدره لانتقاد الشعب لا يستحق تمثيله".
ويتضح من المواقف التي يعبر عنها النواب والعديد من الشخصيات الإعلامية في البلاد أن مشروع القانون لا يحظى بأي فرصة للقبول. وسيكون في حال تقديمه حسب فقراته المنشورة، مناسبة هي الأولى من نوعها وحجمها للصدام بين الحكومة ومجلس الأمة.
ويلفت المراقبون الانتباه إلى أن رئيس الحكومة لم يدل بموقف يدعم مشروع القانون أو يرفضه، ولكنه يراقب باهتمام مسارات النقاش ليقرر ما إذا كان يمكن الاكتفاء بإجراء تعديلات جذرية قد تجرد المشروع من الغاية منه، فيصبح مشروعا فاشلا أو لا مبرر له، أو ما إذا كان الوزير نفسه هو الذي يجب أن يدفع ثمن الفشل، لاسيما إذا تحول “التضليل” إلى سبب لإثارة زوبعة انتقادات إضافية.