هل يشعل لقاح كورونا سباق الاستحواذ داخل أوروبا؟

فرانكفورت- تعزز أوروبا، التي تضررت بشدة من وباء كوفيد-19، تدابيرها لمواجهة مشاريع الاستحواذ على المؤسسات الاستراتيجية التي تنوي شركات أجنبية القيام بها بحثًا عن أرباح عالية.
ويدور اختبار القوة بين الولايات المتحدة وألمانيا حول مختبر "كيور فاك" وهو من أبرز المختبرات التي تعمل في العالم على تطوير لقاح ضد كوفيد-19 والواقع في توبينغن جنوب غرب البلاد.
وكاد المختبر ينتقل الى ملكية أميركية لولا تدخل الحكومة الألمانية التي اتهمت واشنطن بالسعي لوضع اليد على مشروع لقاح ضد فايروس كورونا المستجدّ طوّره المختبر الألماني، محذرة بأنها ستبذل كل ما بوسعها حتى ينجح المشروع في أوروبا.
أنانية ترامب
وتبدي الحكومة الألمانية، التي بذلت قصارى جهدها في مارس للحد من المطامع التي تحوم حول شراء المختبر وبخاصة من قبل الولايات المتحدة، يقظة كبيرة لمراقبة الوضع.
وأكدت الشركة أن "بضعة أشهر" فقط تفصلها عن عرض مشروع لقاح للحصول على المصادقة السريرية عليه في وقت تفاقمت فيه أزمة كورونا وبلغت ذروتها في أوروبا التي أصبحت موبوءة وامتدت إلى الولايات المتحدة وغالبية دول العالم.
وتتهم بعض الأحزاب وحتى المسؤولين الألمان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالأنانية في هذا الصدد ومحاولة استغلال الأزمة العالمية لتحقيق نجاحاته السياسية، حيث يصبو إلى أن يجدد الأميركيون ثقتهم فيه.
وحثت المفوضية الأوروبية مؤخراً دول الاتحاد الأوروبي الـ27 على "حماية نفسها" من هذا التهديد.
كما دعا المفوض الأوروبي للسوق الداخلية تييري بروتون الثلاثاء هذه السوق الى "حماية نفسها، وبخاصة من مشاريع الاستثمار من دول غير أوروبية قد ترى في الأزمة الحالية فرصة للحصول على الجوهرة الأوروبية بسعر بخس".
وإذ أدرجت الآلية الأوروبية، التي تم تبنيها في أبريل 2019، مراقبة أفضل لهذا النوع من الاستثمار، فإن صوغها وفقا للقانون الوطني أصبح له طابع عاجل الآن.
وصرح المحامي في شركة لينكلاترز في فرانكفورت أولريخ وولف ان اوروبا "تريد منع الشركات ذات الأهمية الاستراتيجية التي تتمتع بالتقنيات الرئيسية أو بأهمية بالنسبة للاقتصاد الوطني والتي يكون تقييمها منخفضا في الوقت الحالي، من أن تنهض".
برلين في المقدمة
استبقت ألمانيا هذه الخطوة وتريد في المستقبل التحقق مما إذا كان مشروع الاستحواذ من قبل جهة أجنبية في قطاع حساس له وزن على أراضيها، ولكن هذا الأمر سيتم أيضًا في دول الاتحاد الأوروبي الأخرى وفقًا لمشروع تم اعتماده في مطلع أبريل.
وطرح الإقتصاد الرائد في أوروبا كذك قاعدة "شارة البداية" التي، على غرار معاقبة المتسابق الذي ينطلق قبل إطلاق الاشارة، تمنع المشترين والبائعين من بدء أي تحويل للأصول "قبل ان يسمح الوزراء المعنيون بذلك".
وخفضت فرنسا عتبة الاستحواذ من 33 بالمئة إلى 25 بالمئة، مع وجوب تقديم ملف الاستحواذ إلى الدولة للحصول على إذن، وكانت ألمانيا قد خفضته إلى 10 بالمئة في عام 2018. وتمت اضافة قطاعين جديدين صنفا استراتيجيين، هما الأمن الغذائي والصحافة.
كما تريد باريس حماية شركاتها من الاستحواذ من قبل شركات مقيمة في الاتحاد الأوروبي وذلك عبر رفع قيمة هذا الاستحواذ، وليست برلين بعيدة عن ذلك.
واقرت إسبانيا تشريعات مرتين في مارس لتحسين مراقبة الحوالات القادمة من الخارج، وأعلنت إيطاليا في أوائل أبريل تمديد آلية "غولدن باور" السارية منذ عام 2012.
ويسمح ذلك للسلطات التنفيذية بمراقبة قطاعات جديدة تعد استراتيجية إلى جانب التقليدية كالدفاع أو الاتصالات.
وقال رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي أن القطاعات التي باتت مشمولة بالاجراء هي "المالية والتأمين والطاقة والنقل والمياه والصحة والأمن الغذائي والذكاء الاصطناعي والروبوتات".
الصين والشرق الأوسط
ويرى ميكو هووتاري، الذي يرأس برنامج العلاقات الصينية في معهد ميريكس في برلين أن الإتحاد الأوروبي عليه توخى الحذر من "الدول، وبينها الصين، التي تعمل بشكل مختلف من الناحية الإقتصادية وليست شريكة في السياسة الأمنية".
وأضاف "استمر الاهتمام بالوصول الاستراتيجي للتقنية" وإن انخفضت الاستثمارات الصينية في الاتحاد الأوروبي بشكل عام على مدى السنوات الثلاث الماضية.
ورفع التكتل الصيني سيتيك حصته من 30 بالمئة إلى 57 بالمئة في ميديا، إحدى أبرز المجموعات الإعلامية في جمهورية تشيكيا.
وليست الصين وحدها من لديه مطامع في أوروبا. فقد قفز سعر سهم شركة نوكيا مؤخرًا إثر شائعات تفيد عن مساع سعودية.
وذكرت صحيفة فايننشل تايمز أن الصناديق السيادية الخليجية، بينها صندوق الاستثمار العام السعودي وصندوق مبادلة من أبوظبي، تسعى للتمدد في القطاعات الصحية والتقنيات والخدمات اللوجستية.