هل يسهم بعث قاعات سينما خاصة في تحرير السينما الجزائرية

رغم أهمية الكثير من الأفلام الجزائرية التي نالت شهرة عالمية، فإن الإنتاج السينمائي في الجزائر ما زال قاصرا عن تحقيق حركية حقيقية تحرر قطاع السينما والعاملين فيه. وإلى اليوم ما تزال وزارة الثقافة تدرس قانون منح قاعات السينما للمستثمرين، ما من شأنه أن يكون خطوة في اتجاه تحرير السينما التي باتت تعاني من النظرة الأحادية.
الجزائر - أعلنت وزيرة الثقافة والفنون الجزائرية صورية مولوجي، أخيرا في الجزائر العاصمة، أنه “سيتم الإفراج عن دفتر الشروط الخاص باستغلال القاعات السينمائية وتسييرها من طرف الخواص في غضون الأيام أو الأسابيع القادمة”.
وتأتي هذه الخطوة بعد مطالبة الكثيرين بتحرير القطاع الثقافي وخاصة السينمائي في البلاد من هيمنة الدولة التي صارت تكرس وفق آرائهم الصوت الواحد، إذ اعتبر الكثير من السينمائيين أنه كان من الضروري دخول القطاع الخاص إلى الإنتاج السينمائي، لتطويره وفتح آفاق جديدة أمام السينمائيين الشباب الذين يواجهون عراقيل كثيرة.
تطوير القطاع
يجب أن يشارك في السينما رجال الأعمال المهتمون بهذا الاستثمار ويرونه مربحا وهو ما سيساهم في توزيع الأفلام
وأوضحت مولوجي في كلمة لها خلال لقاء عقدته، بحضور ممثل عن وزارة الصناعة، مع عدد من حاملي المشاريع الاستثمارية في مجال السينما من أجل التشاور والاستماع إلى انشغالاتهم والمعوقات التي تعترضهم لتجسيد مشاريعهم ، أن هذه الخطوة تأتي “في إطار تفعيل قاعات ودور السينما على المستوى الوطني”، مضيفة أنها تهدف إلى إحياء وبعث الحس السينمائي لدى الجمهور وتشجيع الاستهلاك الثقافي في المجال السينمائي”.
وذكرت الوزيرة أن قطاعها يعمل “منذ شهور” على إعداد مشروع قانون يتعلق بالإنتاج السينمائي الذي “سيتيح بعد صدوره آفاقا جديدة لمختلف العاملين وأصحاب المشاريع في المجال السينمائي ومرافقة الحركية الاقتصادية التي تشهدها البلاد بغية جعل السينما قطاعا منتجا ومتناغما مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية”.
وفي ذات الصدد، أشارت إلى أن هذا اللقاء المندرج في إطار العمل التنسيقي ما بين مختلف الدوائر الوزارية هو “فرصة للقاء عدد من حاملي المشاريع الاستثمارية في مجال الإنتاجات السينمائية ونابع من الرغبة في مرافقة ودعم هذه المشاريع ومحاولة أيضا لإيجاد حلول تشاركية لرفع كل المعوقات والعراقيل التي تحول دون تنفيذ محكم لهذه المشاريع”، مؤكدة على “إيلاء الأهمية للاستثمار في المجال السينمائي والتعاون مع القطاع الخاص”.
وقالت مولوجي إن “المقاربة الاقتصادية للثقافة مقاربة جديدة تدخل ضمن مخطط عمل الحكومة”، مبرزة أن دائرتها الوزارية “تعكف على تجسيدها من خلال الاستثمار الجاد ومرافقة جميع المبادرات التي تندرج في صلب عملية بعث الإنتاج السينمائي بالشراكة مع مختلف القطاعات ذات الصلة من أجل تطوير هذا القطاع الإستراتيجي الذي سينعكس دون شك على مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية في بلادنا”.
ولفتت مولوجي إلى أن الإنتاج السينمائي “من الصناعات الأكثر رواجا في العالم بدليل الأرقام والإحصائيات التي تنشرها معظم الهيئات الدولية ونظرا أيضا إلى المداخيل التي تدرها ومناصب الشغل التي تساهم في خلقها”.
كما أكدت الوزيرة على أن “الدولة الجزائرية تعي هذا الرهان وتعمل على رفعه وتدعيم الترسانة القانونية التي تعززت مؤخرا بإصدار القانون الخاص بالاستثمار الذي شكل محور المناقشة خاصة في الجانب المتعلق بدعم الإنتاج السينمائي”، مشيرة إلى أن هذا القانون الجديد “سيحفز كل المبادرات والمشاريع في قطاع الإنتاج الثقافي عموما والإنتاج السينمائي بوجه خاص”.
وشددت على أن الإنتاج السينمائي عبارة عن حلقات مترابطة متعلقة بمجالات متعددة على غرار التدريب، الإخراج، الإنتاج والتوزيع، مردفة أن “كل هذه المراحل تحتاج إلى مرافق ومنشآت تعنى بالتكوين والإنتاج والتصوير وقاعات السينما، وهي المرافق التي تساهم في إعطاء دفع وتشجيع الاستهلاك الثقافي ما يساهم في خلق طرق لدعم الإنتاج السينمائي”.
ويواجه الإنتاج السينمائي الكثير من العراقيل في السنوات الأخيرة في الجزائر، إذ هيمنت بدعم من الدولة الأفلام المتعلقة بالثورة الجزائرية، التي تحظى بدعم وترحيب كبيرين من المؤسسات الرسمية الداعمة، وهي معاملة لا تلقاها أفلام من أنماط أخرى، وخاصة الأفلام الشبابية.
مواجهة العراقيل
تغيب السينما التجارية، إذ لا يوجد حراك متكامل في القطاع السينمائي، الذي تقر الدولة الجزائرية بأنه صناعة هامة، ولها مردود اقتصادي وتنموي علاوة على أهميتها الثقافية، وفي المقابل فإن القطاع تسيطر عليه الدولة، وتأخر كثيرا دخول المستثمرين فيه، وهو ما من شأنه أن يخلق حركية هامة في الإنتاج وخاصة في التوزيع والعرض، وهو ما يمكن للقاعات الخاصة أن تساهم فيه.
وكان الممثل الجزائري حسان كشاش قد عبر في حوار سابق مع “العرب” أنه “يلزمنا موزعون، كيف نوزع الفيلم داخل وخارج الوطن؟ وكل مرحلة لها متطلباتها. وتأتي القاعات السينمائية في ما بعد. هل توجد قاعات سينما؟ موجودة وحسب الوضع الحالي أكثر من 80 قاعة جاهزة، والوزارة تبحث في الصيغة الأنسب التي يمكن من خلالها استغلال هذه القاعات، والمفروض ألا يتأخر الموضوع لوضع دفتر شروط لدخول المهتمين بالموضوع”.
وواصل “يجب أن يشارك في السينما رجال الأعمال المهتمون بهذا الاستثمار ويرونه مربحا، وأيضا البنوك يمكن أن تدخل من خلال عملها أثناء الانتظار لتقديم تمويلات أساسية للإنتاج وتمكين أصحابها من الاستمرار. مهمة وزارة الثقافة توفير البنى التحتية والسياسة الثقافية العامة، وليس الدخول في تفاصيل إنتاجية صغيرة”.
ويواجه السينمائيون الشباب في الجزائر القوانين المشجعة بقوة لأحداث الثورة الجزائرية والدعم الحكومي المباشر لها، بينما يشعرون بإقصاء المخرجين الشباب ومواضيعهم الآنية، خاصة في ندرة قاعات السينما الخاصة التي من شأنها خلق سوق سينمائية داخلية هامة.