هل يسعى بايدن لاستعادة ثقة العرب بلقاء ملك الأردن

الرئيس الأميركي يبحث عن تحسين صورة إدارته و"انحيازها" لإسرائيل من بوابة المملكة لتحقيق مكاسب انتخابية.
الأربعاء 2024/02/14
بايدن يسعى لتحسين صورة إدارته

عمّان - لم تتوقف الولايات المتحدة منذ أول يوم للحرب على غزة عن إظهار دعمها لإسرائيل بشتى الوسائل، لكن النتائج التي آلت إلى قتل ودمار على مرأى العالم، دفعت واشنطن إلى التحرك بحثا عن مخرج من وحل الدماء الذي سقطت فيه.

المواقف الأميركية التي استبقت حملات انتخابية رئاسية تشهدها البلاد العام الجاري، ألقت بظلالها وبشكل ملحوظ على مستقبل الرئيس جو بايدن، خاصة مع صدور العديد من استطلاعات الرأي التي تشير بأنه “غير مؤهل” لولاية ثانية.

بايدن وأركان إدارته خسروا في حرب غزة تأييد حلفائهم بالشرق الأوسط، وباتوا يبحثون عن عودة يستعيدون من خلالها أدوارا فقدتها من “لا شرعية” ما تقوم به إسرائيل، دون أن تلتفت أو تتنبه لمواقف الدول العربية والإسلامية بالمنطقة.

وفي خطوة ربما تكون طريقاً لذلك، التقى بايدن الاثنين العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في أول لقاء يجمعه مع زعيم عربي منذ السابع من أكتوبر الماضي.

بدر الماضي: السقوف الإسرائيلية أرهقت الدبلوماسية الأميركية
بدر الماضي: السقوف الإسرائيلية أرهقت الدبلوماسية الأميركية

ويأتي اللقاء ضمن جولة خارجية غير معلنة المدة، بدأها ملك الأردن الخميس، تشمل الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وألمانيا؛ بهدف “حشد الدعم الدولي” لوقف إطلاق النار في غزة.

ويدرك المراقبون والمتابعون للأجواء العامة، أن عمّان من أهم حلفاء واشنطن بالمنطقة، لذلك من غير المستبعد أن يبحث الرئيس الأميركي عن تحسين صورة إدارته و”انحيازها” لإسرائيل من بوابة المملكة، وبالتالي تحقيق مكاسب انتخابية لدى الشارع عبر التأكيد بأنه ما زال فاعلا.

وفي تصريحات صحفية مشتركة مع بايدن في البيت الأبيض، وصف الملك عبدالله الحرب على غزة بأنها واحدة من أكثر الحروب تدميرا في التاريخ الحديث.

واعتبر أن أي هجوم إسرائيلي على رفح جنوب قطاع غزة سيؤدي إلى “كارثة إنسانية” أخرى.

وتابع “لا يمكننا أن نقف متفرجين وندع هذا الوضع يستمر، نحتاج لوقف دائم لإطلاق النار الآن، وهذه الحرب يجب أن تنتهي“.

ومساء الأحد، قالت هيئة البث العبرية (رسمية) إن الجيش الإسرائيلي صادق على خطة عملياتية لشن عملية برية في رفح، التي تعد آخر ملاذ للنازحين في القطاع المنكوب.

وشن الجيش الإسرائيلي فجر الاثنين، سلسلة غارات عنيفة على مناطق مختلفة في المدينة، أدت إلى مقتل وإصابة عشرات الفلسطينيين بينهم أطفال ونساء، في تجاهل واضح لتحذيرات دولية من عواقب اجتياح المدينة المكتظة بالنازحين.

وأوضح العاهل الأردني أن “الأردن ينظر إلى الخطر المحتمل بتهجير الفلسطينيين إلى خارج غزة والضفة الغربية بقلق شديد، وهو أمر لا يمكن السماح به”.

المواقف الأميركية التي استبقت حملات انتخابية رئاسية تشهدها البلاد العام الجاري ألقت بظلالها وبشكل ملحوظ على مستقبل بايدن

فيما قال بايدن “إن العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح لا ينبغي أن تستمر دون خطة لضمان سلامة أكثر من مليون شخص فلسطيني يعيشون هناك”.

وأوضح الرئيس الأميركي أن “تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني بإقامة دولته الخاصة هو الحل الوحيد لضمان أمن إسرائيل على المدى البعيد”.

وأضاف أنه ناقش مع ملك الأردن ضرورة إصلاح السلطة الفلسطينية بشكل عاجل، لتستطيع قيادة الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة”.

وتعليقاً على اللقاء بين بايدن وملك الأردن، تحدث بدر الماضي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الألمانية الأردنية (حكومية)، قائلا إن “الإدارات الأميركية، بغض النظر عن الحزب الذي يحكم، دائما تتجه إلى التواصل مع زعماء موثوقين بمنطقة الشرق الأوسط ومنهم الملك عبد الله”.

واستدرك ” الملك عبد الله يمثل صوتاً راشداً في تقييم البعد السياسي والاستراتيجي لما يجري في المنطقة”. وأردف “لكن وبلا شك، استطاعت إسرائيل أن تفرض أجندة سياسية وعسكرية، ليس فقط على قطاع غزة، وإنما حتى على الإدارة الأميركية”.

واعتبر أن “السقوف التي تتعامل بها تل أبيب أرهقت الدبلوماسية الأميركية في المنطقة وحلفائها؛ بحيث أن الحيرة والتردد وعدم اليقين مما حدث ويحدث، أصبحت المسيطرة على المشهد برمته”.

ويرى عبدالحكيم القرالة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة العلوم التطبيقية (خاصة)، أن “مكانة واشنطن وصورتها لدى دول وشعوب المنطقة تهشمت إلى حد كبير”. وبين أن “كل الأحداث المتسارعة والمتشابكة، ارتدت سلباً على المصالح الأميركية وعلاقاتها الاستراتيجية مع دول المنطقة، وبالتوازي تتعرض قواعدها للاستهداف الدائم”.

ويعتقد القرالة أن “الولايات المتحدة وجدت نفسها أمام حالة معقدة في تشابك أطراف الصراع”. ومضى قائلا “واشنطن تريد العودة دبلوماسيا عبر الأردن؛ بغية الوصول إلى حل، خصوصا وأن المملكة من أكثر الدول انغماساً واهتماماً واشتباكاً بالقضية الفلسطينية”.

2