هل يستغني الرئيس التونسي عن وزير الخارجية لتأكيد الحياد في ملف الصحراء

سعيد يوجه الجرندي بضرورة النأي بتونس عن سياسة المحاور.
الأربعاء 2022/10/12
رصيد ضعيف من الإنجازات

تونس - حملت توجيهات الرئيس التونسي قيس سعيد إلى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج عثمان الجرندي بشأن ضرورة الحفاظ على سياسة الحياد والنأي بالبلاد عن لعبة المحاور تساؤلات حول ما إذا كانت هناك تحفظات لدى الرئيس حيال خطوات ومواقف الوزير في الفترة الأخيرة.

واستقبل الرئيس التونسي مساء الاثنين الجرندي، حيث بحث معه جملة من القضايا المتصلة بالأوضاع العالمية والإقليمية الراهنة.

ووفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهوريّة، فقد شدد سعيد خلال اللقاء على تمسك تونس بثوابت سياستها الخارجية لاسيما منها النأي بالنفس عن الدخول في أي تحالف ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد.

ويرى البعض أن توجيهات الرئيس التونسي لممثل الدبلوماسية التونسية تخفي خلفها تحفظات على مسلك الجرندي، لاسيما تعاطيه مع الأزمة الدبلوماسية التي تفجرت مع المغرب.

ويقول هؤلاء إن الجرندي لم يحسن التعامل مع الأزمة، وانخرط بشكل مباشر في لعبة ردود الفعل، الأمر الذي أظهر تونس وكأنها أصبحت منحازة للطرح الجزائري بشأن قضية الصحراء المغربية.

وأثار استقبال الرئيس التونسي لزعيم جبهة بوليساريو إبراهيم غالي بمناسبة احتضان تونس ندوة “تيكاد” اليابانية – الأفريقية التي عقدت في يوليو الماضي أزمة دبلوماسية مع المغرب.

وتبادل على إثرها البلدان سحب السفراء في سابقة وصفت بالخطيرة للدبلوماسية التونسية التي لم تحد يوما عن سياسة “الحياد الإيجابي” في عهد الرئيسين الراحلين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي وحتى بعد الثورة.

ولم يكن تعاطي الجرندي الذي خبر كواليس الساحة السياسية الدولية والإقليمية مع الأزمة مع المغرب بالمرن، الأمر الذي أدى إلى استمرار أزمة سحب السفراء.

ويقول البعض إن سوء إدارة الخارجية التونسية للأزمة مع المغرب بالتأكيد سيخلف أثرا، وقد يدفع الرئيس إلى إعادة النظر في استمرار الجرندي على رأس هذه الوزارة السيادية.

عثمان الجرندي

في المقابل يرى مراقبون أن التوجيهات التي قدمها الرئيس التونسي لا تعدو كونها تذكيرا للجرندي بضرورة الالتزام بسياسة الحياد، خصوصا في ظل التحولات الخطيرة التي يشهدها العالم، والاستقطابات الحادة بين محورين: المحور الأول تقوده الولايات المتحدة والثاني بزعامة روسيا والصين.

ويشير المراقبون إلى أنه من المستبعد أن يتخذ الجرندي قرارات مصيرية بدون العودة إلى رئيس الجمهورية، خصوصا بعد الدستور الجديد الذي أقر للرئيس صياغة السياسات الخارجية للدولة.

وبالتالي من غير المنتظر أن يتجه الرئيس إلى تغيير رأس الدبلوماسية التونسية، حيث أن الجرندي يتوافق إلى حد كبير مع ما يريده سعيّد، لناحية العمل بهدوء بعيدا عن الأضواء والإعلام.

وتدرج الجرندي (71 عاما) في مناصب السلك الدبلوماسي بمختلف رتبه، ليتولى حقيبة الخارجية في أكثر من حكومة تعاقبت على تونس منذ سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في العام 2011.

وحافظ الجرندي على منصبه حتى بعد التدابير الاستثنائية التي أقرها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو 2021، حيث فضلت رئيسة الحكومة نجلاء بودن الإبقاء عليه على رأس الوزارة السيادية حتى اليوم.

وكان الجرندي عمل ضمن الفريق الرئاسي في قصر قرطاج في خطة مستشار أول مكلف بالشؤون الدبلوماسية قبل أن يجري استدعاؤه في العشرين من أغسطس 2020 لحكومة هشام المشيشي التي أقالها سعيد لاحقا، لينتهي به المطاف في الحكومة الحالية.

ويرى المراقبون أن تمكن الجرندي من الحفاظ على حضوره في أكثر من حكومة بعد الثورة يعكس في حد ذاته نجاحا، مشيرين إلى أنه لا يمكن القول بأن الرجل حقق إنجازات كبيرة للدبلوماسية التونسية، لكنه أيضا لم يرتكب أخطاء كثيرة يمكن أن تقود إلى الاستغناء عنه في الأمد القريب على الأقل.

توجيهات الرئيس التونسي قيس سعيد لممثل الدبلوماسية التونسية قد تخفي خلفها تحفظات على مسلك عثمان الجرندي

ويضيف المراقبون أن التمشي الحالي للرئيس التونسي هو الحفاظ على حد أدنى من الاستقرار الحكومي لتمرير الاستحقاقات المقبلة وبينها الانتخابات التشريعية، لكن من المرجح أن يلي ذلك تعديل حكومي واسع خصوصا مع فشل عدد من الوزراء في تحقيق التغير المنشود لاسيما الفريق الاقتصادي.

وقال الوزير التونسي الأسبق حاتم بن سالم إن تونس تحتاج إلى «حكومة حرب» تقدم حلولا للأزمة التي تعيشها البلاد.

ودعا الوزير المخضرم الذي قاد وزارة التربية تحت حكم الرئيس بن علي وشغل نفس المنصب بعد الثورة، إلى تشكيل حكومة مصغرة تتكون من 15 وزيرا.

واقترح الوزير في تصريحات صحافية، أن لا يتجاوز سن الوزراء في الحكومة الأربعين عاما وأن تكون مهمتها «التحضير لمستقبل تونس».

وقال بن سالم «الحكومة الحالية بلا إنجاز ولا إنتاج. حكومة لا تحل مشاكل التونسيين ليس لها مكان في تونس».

وتعيش تونس في ظل وضع سياسي استثنائي وأزمة اقتصادية خانقة و حالة من التململ الاجتماعي وسط ارتفاع الأسعار وكلفة المعيشة وفقدان الكثير من المواد الأساسية في الأسواق.

4