هل يستطيع ماسك تحويل تويتر إلى منصة إعلامية تنافس الصحف

واشنطن - يسعى الملياردير الأميركي ومالك منصة تويتر إيلون ماسك للمنافسة مع صناعة الأخبار.
ولطالما كان لرجل الأعمال الملياردير نظرة قاتمة لمنافذ الأخبار، قائلاً إنها مدفوعة بالحصول على “نقرات قصوى” لمقالاتها وأنها مملوكة للمعلنين. وبشرائه شركة تويتر يصورهم الآن على أنهم منافسون يحاولون حماية “احتكار القلة للمعلومات” في الوقت الذي يسعى فيه لوضع منصته كمصدر إخباري في الوقت الفعلي تغذيه “صحافة المواطن”.
وقال ماسك الشهر الماضي في أحد المؤتمرات “نريدها أن تكون في الأساس المكان الذي تذهب إليه لمعرفة ما يجري والحصول على القصة الحقيقية”.
وتعارض بعض المنافذ الإخبارية حديث ماسك بأن صحافتها تتأثر بالمعلنين، قائلة إن لديها انقسامات منذ فترة طويلة بين الأعمال التجارية والجوانب التحريرية لعملياتها وأن العديد منها لديها عائدات اشتراك قوية. ولا يبدو تويتر أو يتصرف مثل المنافذ الإخبارية التقليدية. وتويتر لا يوظف غرفة أخبار مليئة بالمراسلين والمحررين لإنشاء مقالات. بدلاً من ذلك، يعتمد قطب الوسائط الذي يبدو طموحًا على المستخدمين وتغريداتهم، ونظام للتحقق من الحقائق يهدف إلى ضمان الدقة من خلال نهج يشبه التعهيد الجماعي. ويقول إن كل هذا يحدث على الهواء مباشرة.
وقال ماسك “إذا قارنت ذلك بما يحدث في إحدى الصحف: يجب عليهم معرفة المعلومات، واقتراح مقال، والحصول على الموافقة عليه، وكتابة المقال وتحريره وتحديد اليوم الذي سيتم نشره فيه”. وأضاف “الخبر هو في الواقع الشيء الذي حدث ويتم الإبلاغ عنه بعد ثلاثة أو أربعة أيام وأحيانًا بعد أسبوع”.
تقليديا، امتنعت شركات وسائل التواصل الاجتماعي عن الاندماج مع وسائل الإعلام القديمة ذات القيمة المنخفضة عادة. وقال مؤسس شركة ميتا مارك زوكربيرغ للكونغرس في عام 2018 “نحن شركة تكنولوجيا”.
إن الإشارة إلى ما يفعله ماسك الآن مع تويتر كتحويله إلى مصدر إخباري هو مصدر قلق لبعض المراقبين.
وقالت كاثي ييتس التي عملت مع ماسك سابقا في شركة “زيب 2” (Zip 2) “من الخطورة جدًا السماح لأي شخص أن يقول ما يريد، دون وجود طريقة للتحقق ووجهات نظر بديلة”.
يذكر أن ماسك قام بالترويج لما يعتبره رؤية خاصة لديه حول كيفية عمل صناعة الصحف منذ ما يقرب من 30 عامًا مع شركة ناشئة شارك في تأسيسها تسمى “زيب 2”. واحتسبت الشركة “نيويورك تايمز” و”هيرست” و”نايت رايدر” كمستثمرين وعملاء لبناء منصات رقمية تهدف إلى محاولة إنقاذ بعض أعمال الإعلانات المطبوعة الخاصة بهم عندما بدأت شبكة الويب العالمية في الانفجار.
وفي أواخر التسعينات، عندما كان ماسك يعمل مع الجوانب التجارية في الصحف في “زيب 2″، أظهر القليل من الاهتمام بالجوانب التحريرية لعمليات شركائه، وفقًا لزملائه السابقين. وقال جيم أمبراس الذي كان نائب رئيس تطوير المنتجات في “زيب 2″، “لم أرَ صحيفة أمامه مطلقًا.. كان يقرأ الكتب دائمًا”.
وقال هؤلاء إن ماسك لم يكن لديه سوى القليل من الصبر على الصحف والمدراء التنفيذيين للشركات.
وقالت ييتس، المديرة التنفيذية السابقة للشركة “منذ البداية، لم يعتقد أبدًا أن هناك أي شيء يمكن أن يتعلمه منا”.
وتم بيع “زيب 2” في عام 1999 مقابل حوالي 300 مليون دولار، مما منح ماسك الأموال الأولية للاستثمار في ما سيصبح إمبراطورية أعماله بعد سنوات. لكن ماسك كان دائمًا يحمل طموحات أكبر لشركة “زيب 2″، ووفقًا لزملائه السابقين، كان يعتقد أنه من الممكن أن تكون ذات قيمة أكبر بكثير.
وقال ماسك لمراسل بعد سنوات قليلة من الواقعة “انتهى بنا الأمر إلى أن نكون مدينين بالفضل للصحف.. لقد كانوا مستثمرين وعملاء وقد أجبروا ‘زيب 2’ أساسًا على التبعية”.
وكانت الشركة ذات يوم واحدة من أكبر سلاسل الصحف في الولايات المتحدة قبل أن يتم الاستحواذ عليها في خضم تحول واسع النطاق بعيدًا عن المنتجات المطبوعة إلى العروض الرقمية.
ولدى ماسك “خطط نبيلة” لتغيير مكانة تويتر المالية، والبحث عن طرق لجعلها أقل اعتمادًا على الإعلانات من خلال وضعها في قلب حياة المستخدمين كتطبيق من شأنه أيضًا أن يحوله إلى أكبر مؤسسة مالية في العالم.
وفي الأسابيع التي أعقبت توليه منصب مدير تويتر في أواخر أكتوبر، حذر ماسك من أن عالم الإعلام التقليدي سوف يقاومه. وقال على تويتر “بينما يسعى تويتر لتحقيق هدف رفع مستوى صحافة المواطن، ستحاول النخبة الإعلامية كل شيء لمنع حدوث ذلك”. وتابع “الإعلام السائد سيستمر في الازدهار، ولكن المنافسة المتزايدة من المواطنين ستجعلهم أكثر دقة، حيث يتم تعطيل احتكار القلة للمعلومات”.
وقام ماسك مؤخرًا بتجريد صحيفة “نيويورك تايمز” من شارة التحقق على تويتر بعد أن قالت الشركة الإعلامية إنها لن تدفع مقابل هذا التصنيف، وهو جزء من خطة ماسك لزيادة الإيرادات.
ويوم الثلاثاء بدأت شبكة التواصل الاجتماعي في تصنيف الإذاعة الأميركية “إن.بي.آر”، التي قالت أيضًا إنها لن تدفع مقابل عمليات التحقق من الشارة الأزرق على تويتر، كمنظمة إعلامية تابعة للدولة تتماشى مع شبكة “آر.تي” الروسية ووكالة أنباء “شينخوا” الصينية. وبعد أيام، بدأ تويتر في الحد من المنشورات التي تتضمن شركة سوبستاك.
امتنعت شركات وسائل التواصل الاجتماعي عن الاندماج مع وسائل الإعلام القديمة ذات القيمة المنخفضة عادة. وقال مؤسس شركة ميتا مارك زوكربيرغ للكونغرس في عام 2018 "نحن شركة تكنولوجيا"
وأكدت “نيويورك تايمز” في بيان أنها لن تدفع مقابل “وضع العلامة الزرقاء” لحساباته، بينما وصف جون لانسينغ الرئيس التنفيذي لـ”إن.بي.آر” التصنيف بأنه غير مقبول. ووصفت سوبستاك التغيير الذي أثر عليها بأنه تذكير بأن الكتاب يستحقون نموذجًا يقدرهم ويكافئهم ويحمي “حرية الصحافة”.
وبعد أن تم تصنيفها على أنها وسائل إعلام تابعة للدولة، توقفت “إن.بي.آر” عن التغريد من حسابها الرئيسي وغيرت سيرتها الذاتية إلى “‘إن.بي.آر’ هي مؤسسة إخبارية مستقلة ملتزمة بإعلام الجمهور بالعالم من حولنا. يمكنك أن تجدنا في كل مكان آخر تقرأ فيه الأخبار”.
ويوم السبت اقترح ماسك أن مشكلات سوبستاك جاءت ردًا على التحركات التي قامت بها الشركة “تمهيدا لاستنساخه”. وقال الرئيس التنفيذي لشركة سوبستاك كريس بيست إن الشركة تعتقد أنها تمتثل لشروط خدمة تويتر.
في المؤتمر الذي عقد في مارس الماضي، روّج ماسك لمستخدمي تويتر البالغ عددهم 250 مليونًا يوميًا وأشار إلى تصنيفه الأعلى باعتباره تطبيقًا إخباريًا. ويوم الجمعة احتل موقع تويتر المرتبة الأولى على متجر تطبيقات أبل بين تطبيقات الأخبار المجانية متفوقًا على ريديت ولكن سبقه في العديد من المواقع على غرار “سي.أن.أن” و”فوكس نيوز”.
وفقًا لما قاله ناثان هوبارد نائب الرئيس السابق للتجارة العالمية والإعلام في شركة تويتر “الخطر هو أن معارك ماسك مع الشركات الإعلامية والمستخدمين البارزين الآخرين يمكن أن تنفرهم. قضى تويتر وقتًا في محاولة الحصول على مثل هؤلاء المستخدمين”.