هل يساعد دمج "سنيب لابراس" و"دار الصباح" على إنقاذ المؤسسات الصحفية المصادرة في تونس

الحكومة بحاجة إلى دعم الصحافة في خطتها لمكافحة الفساد.
الاثنين 2023/07/31
فوضى إعلامية

أقرت الحكومة التونسية خطة إنقاذ المؤسستين الإعلاميتين "سنيب لابراس" و"دار الصباح"، بدمجهما معا لمعالجة تأزم وضعيتهما المالية والاجتماعية طيلة السنوات الماضية.

تونس - قررت الحكومة التونسية دمج الشركة الجديدة للطباعة والصحافة والنشر “سنيب لابراس” وشركة “دار الصباح”، وذلك في إطار خطة إنقاذ لحل أزمتهما الاجتماعية والمالية جذريا.

واتّخذ المجلس الوزاري الذي انعقد الجمعة، بإشراف رئيسة الحكومة نجلاء بودن، لمتابعة وضعية شركة “دار الصباح” جملة من الإجراءات في هذا الإطار، تتضمن توسيع مهام لجنة القيادة المكلّفة بإعداد برنامج إنقاذ الشركة الجديدة للطباعة والصحافة والنشر، لتشمل إعداد برنامج إنقاذ لشركة “دار الصباح”.

كما أقرت تأمين الحاجيات المالية للمؤسستين خلال فترة إعداد برنامج إنقاذ كل منهما، وذلك حتى نهاية عام 2023.، إضافة إلى العمل على ضمان التغطية الاجتماعية والصحية للعاملين بالمؤسستين خلال فترة إعداد برنامج إنقاذهما، وتعيين مدير عام لشركة “دار الصباح”.

وجاء هذا القرار عقب نقاشات واسعة وأخذ ورد بين الحكومة والهياكل النقابية التي حذرت مرارا من مصير قاتم للمؤسسات الإعلامية المصادرة بسبب تأزم وضعيتها المالية والاجتماعية.

مؤسستا "سنيب لابراس" و"دار الصباح" تعانيان وضعية مالية صعبة، وصلت إلى حد عدم صرف رواتب الصحافيين

وتعاني مؤسستا “سنيب لابراس” و”دار الصباح” وضعية مالية صعبة، وصلت إلى حد عدم صرف رواتب الصحافيين والتقنيين والعمال لأشهر عديدة، وقد أثيرت مخاوف من احتمال عدم استمرارهما وإمكانية إغلاقهما.

وتعتبر “دار الصباح” من أعرق المؤسسات الإعلامية التونسية، وتعاني من فوضى غير مسبوقة. كما تعاني المؤسسات الإعلامية الأخرى المصادرة من تردّي الأوضاع الاجتماعية والإدارية.

وكانت “دار الصباح” مملوكة قبل ثورة 2011 لصخر الماطري صهر الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وقد صودرت بعد الثورة.

وبدورها تصدر مؤسسة “سنيب لابراس” جريدتي “لابراس” و”الصحافة” اليوميتين وتشغل حوالي 240 شخصا.

وخلف قرار الدمج ردود فعل متباينة. وأكد مدير التحرير في دار الصباح “قرار الدمج غير ذي جدوى بالصيغة التي طرح بها، رغم ترحيبنا بالقرارات الأخرى التي أعلنت عنها رئاسة الحكومة”. وأضاف “الخطوة لن تخرج المؤسستان من أزمتهما، دار الصباح ليست عليها ديون كبيرة، وتملك عقارات قادرة على تسديد الديون بمجرد التفريط في أحدها. أما مؤسسة سنيب لابراس فتقدر ديونها بأكثر من 60 مليون دينار تونسي (نحو 19 مليون دولار)، وهو رقم كبير، كما أن عدد العاملين في دار الصباح لا يتجاوز 160 فرداً، بينما يبلغ عدد العاملين في دار سنيب لابراس نحو 350”.

ووصفت نائبة رئيس التحرير السابقة في صحيفة الصباح منية العرفاوي القرار بـ“المتسرع“. وقال الصحافي ظافر عطي “مقررات مجلس الوزراء حول دار سنيب لابراس والصباح قديمة ومعروفة وسبق رفضها حيث بمقتضى عملية الدمج المقررة سيتم ايقاف جريدتي الصحافة اليوم ولوطون ودمج فريقيهما مع جريدتي الصباح ولابراس وهذا ما سيزيد في تفاقم الازمة حيث ستعمل صحيفتان بفريق أربعة صحف وستتحمل دار الصباح الوضعية الكارثية لدار سنيب لابراس”.

وكان صحافيون تونسيون قد طالبوا الحكومة بدعم المؤسسات الإعلامية وأن تتجاوز التقييم المالي الأولي للإعلام، وعقدة الخوف من انتقاد الإعلاميين وقدرتهم على تحصيل معلومات لا تريد هي أن تفرج عنها، لأن الإعلام العمومي الحقيقي يهدف إلى خدمة البلاد على المدى المتوسط والبعيد، ما يساعد الدولة على مواجهة الفساد والمحسوبية والبيروقراطية وكل الظواهر التي تنخرها من الداخل، لاسيما وأن الرئيس قيس سعيّد سبق أن أكد على ضرورة “إيجاد حل جذري لوضعيتي المؤسستين الإعلاميتين “سنيب لابراس” و”دار الصباح”، مؤكدا عدم استعداده للتفريط في هاتين المؤسستين اللتين قال “إنهما تمثلان جزءا من تاريخ تونس”.

وذكر خلال الزيارة التي قام بها إلى “دار الصباح” في مايو الماضي أن المطلوب حفظ الذاكرة الوطنية ولا مانع في أن يصبح هذا الصرح تابعا للدولة. وقال قيس سعيد “إذا فرطنا في ‘دار الصباح’ يعني كأننا فرطنا في متحف باردو”.

ويرى مراقبون أنّ دمج المؤسستين من الممكن أن يكون دعما للصحافة في البلاد، التي تمثل جريدة “الصباح” الرقم المهم فيها، في حال وجود خطة منهجية لتسيير المؤسستين وتطوير العمل الصحفي فيهما.

كما يمثل هذا الخيار تعزيزا للصحافة الحكومية وتوسيع إطار الصحافة الداعمة للخطة الحكومية بمكافحة الفساد في هذا الظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد.

وسبق أن وجّه العاملون في “دار الصباح” رسالة إلى الرئيس قيس سعيد لإنقاذ المؤسسة من الاندثار إذ تمرّ  بوضع استثنائي وباتت مهددة بالتوقف عن إصدار صحفها إثر العجز عن التزود بالورق والحبر ومستلزمات الطباعة، مؤكدة عدم تمكنها من دفع أجور 128.

العاملون في المؤسسة يؤكدون تشبثهم بديمومة المؤسسة وبإصدار الصحيفتين "لابراس" و"الصحافة اليوم"

وكشف سفيان بن رجب أن دار النشر تعيش منذ 12 عاماً وضعية كارثية وصعبة، بعد مصادرتها من الدولة التونسية التي تمتلك 80 في المئة من أسهمها. وأضاف “على الرغم من سعينا للمحافظة على ديمومة الصحيفة واستقلالية خطها التحريري، فإننا نعيش اليوم وضعاً خطيراً يهدد باندثار هذه المؤسسة العريقة التي تحتفل بمرور 72 سنة على تأسيسها”.

وقد أكد بن رجب أنّ مشكلة أبناء “دار الصباح” ليست الرواتب بالأساس، رغم أهميتها الكبرى، ولكن الأهم هو استمرارية صدور جريدة “الصباح”.

وكانت الجامعة التونسية لمدراء الصحف قد عبرت عن “قلقها الشديد” إزاء ما آلت إليه الأمور في مؤسسة “دار الصباح”، معربة عن مساندتها المطلقة للعاملين فيها ولمساعيهم في الدفاع عن بقائها وعن حقوقهم الشخصية، على غرار رسالتهم المفتوحة إلى رئيس الدولة، محملة الحكومة مسؤولية الوضع السائد في قطاع الإعلام.

وفي يونيو الماضي أعرب العاملون في مؤسسة “سنيب لابراس”، من صحافيين وإداريين وفنيين، عن رفضهم القطعي المساس بحقوقهم المالية المكفولة بالقانون، مطالبين بالصرف الفوري لرواتبهم ومستحقاتهم المالية، وذلك على خلفية “تراجع وزارة المالية عن صرفها بعد التطمينات التي كانت قدّمتها سابقا”.

وأوضحت النقابة الأساسية للمؤسسة (التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل) وفرع النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين بالمؤسسة، في بيان مشترك أن العاملين في المؤسسة تفاجأوا بتراجع وزارة المالية عن صرف مستحقاتهم، وتقديم عرض جديد يتمثل في صرف الرواتب دون المنح المكفولة بالقانون.

وأكد العاملون في المؤسسة تشبثهم بديمومة المؤسسة وبإصدار الصحيفتين “لابراس” و”الصحافة اليوم”.

5