هل يرفع الجزائريون بالخارج نسب التصويت في الانتخابات الرئاسية

مشاركة الجالية في الانتخابات من منظور السلطة تحمل رمزا سياسيا لترسيخهم ضمن النسيج الوطني، أكثر من كونها فرصة لتحقيق تأثير انتخابي مباشر.
الاثنين 2024/09/02
مشاركة رمزية للجزائرين في المهجر في الاقتراع

الجزائر – بدأ الناخبون الجزائريون خارج البلاد، الاثنين، التصويت في الانتخابات الرئاسية المبكرة المقررة بالداخل في 7 سبتمبر الجاري، ورغم أن مشاركتهم في الاقتراع ليس لها أي تأثير على النتائج إلا أنها تمثل خطوة رمزية يجددون من خلالها انتمائهم الوطني.   

ويتنافس في الانتخابات كل من الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون، ورئيس حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي) عبدالعالي حساني، والسكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية (أقدم حزب معارض) يوسف أوشيش.

يُعَدّ هذا التصويت فرصة للجالية الجزائرية لتجديد انتمائها الوطني، وإن كانت مشاركتهم ذات طابع رمزي أكثر من تأثيرها المباشر على النتائج العامة للانتخابات.

وفتحت مكاتب التصويت في القنصليات الجزائرية بالخارج أبوابها، اليوم الاثنين، أمام الناخبين من الجالية، وتستمر حتى السابع من سبتمبر الجاري، الذي يصادف تاريخ الاقتراع العام داخل الجزائر.

وبناءً على طبيعة الجالية وظروفها، ستظل مكاتب الاقتراع مفتوحة لمدة خمسة أيام متتالية، من الثلاثاء حتى السبت المقبل.

وحسب الأرقام التي قدمتها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، فإن الهيئة الناخبة للجالية الوطنية بالخارج تضم 865 ألفا و490 ناخبا (45 بالمئة نساء و55 بالمئة رجال)، فيما بلغت نسبة الذين تقل أعمارهم عن 40 سنة، 15.43 بالمئة.

وتؤطر السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات هذه الهيئة الناخبة في الخارج عبر 117 لجنة موزعة على 18 لجنة بفرنسا، و30 لجنة بباقي الدول الأوروبية، و22 بالدول العربية، و21 بالدول الأفريقية و26 بكل من آسيا وأميركا.

وبث التلفزيون الجزائري مشاهد لتوافد الناخبين على مكاتب التصويت في عدد من المدن الفرنسية، وفي إسبانيا ومصر.

وقد جهزت القنصليات الجزائرية في الخارج، تحت إشراف مندوبيات السلطة المستقلة للانتخابات، جميع الاستعدادات اللازمة لضمان تصويت أفراد الجالية في ظروف لائقة.

وفي بعض الدول، جُهّزت خطط لوجستية لنقل الناخبين إلى مراكز الاقتراع. كما خُصص عدد محدود من المكاتب الانتخابية المتنقلة لخدمة الناخبين الجزائريين في المدن التي لا تتوفر فيها مكاتب ثابتة، مثل مكتبين متنقلين في كل من القيروان وصفاقس بتونس. وفي المغرب، يصوت الجزائريون في مكاتب التصويت في قنصليات الدار البيضاء ووجدة.

ورغم أن الانتخابات النيابية تتيح للجزائريين في المهجر اختيار ثمانية نواب يمثلونهم بحسب المناطق، لكن تصويت الجالية الجزائرية في الانتخابات الرئاسية لا يؤثر عادة على النتائج النهائية.

وتعتبر مشاركة الجالية في الانتخابات من منظور السلطة الجزائرية رمزا سياسيا لترسيخهم ضمن النسيج الوطني، وإبراز رمزي لمشاركتهم في اختيار الرئيس والمؤسسات السياسية، أكثر من كونها فرصة لتحقيق تأثير انتخابي مباشر.

ويعود ذلك إلى اعتبارات تاريخية وظروف سياسية، حيث تتمتع الجالية بمساحات واسعة من الحريات والديمقراطية في أوروبا، مما جعل الانتخابات السابقة تسجل مؤشرات ثابتة، تتعلق بتدني نسبة التصويت التي لم تتجاوز في أفضل الأحوال 9 بالمئة، إلى جانب أن أصوات الجالية كانت غالبا تذهب لصالح المعارضة والمستقلين، حيث منحت ستة مقاعد من بين ثمانية مخصصة لتمثيل الجالية في البرلمان.

ومع ذلك، تحمل انتخابات 2024 مؤشرات على وجود رهان سياسي جديد من قبل السلطة الجزائرية لتحسين نسب المشاركة في المهجر، خاصة بعد القرارات التي اتخذها الرئيس تبون في ولايته الأولى لصالح الجالية، مثل خفض أسعار تذاكر السفر وتكفل الدولة بنقل جثامين الموتى.

وتهدف هذه الإجراءات إلى تعزيز انتماء الجالية إلى الوطن، ومنح السلطات الجزائرية ورقة قوية في المناكفة السياسية، خاصة تجاه فرنسا التي تضم 82 بالمئة من الناخبين الجزائريين في المهجر.

وخلال تجمعات الحملة الانتخابية في الجزائر، أكد المرشحون الثلاثة، تبون، وحساني، وأوشيش، أهمية الاهتمام بالجالية الجزائرية وحل مشكلاتها، مع التركيز على الاستفادة من الكفاءات الجزائرية في الخارج.

وأوضح تبون في تجمع سابق بقسنطينة أنه سيواصل دعم الجالية في حال انتخابه لولاية ثانية.

من جانبه، أكد المرشح حساني أن "جاليتنا الجزائرية في الخارج يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في تنمية البلاد، ويجب أن نحافظ على النوابغ والإطارات من بين أفراد الجالية ونبقي على قنوات اتصالهم بوطنهم".

بينما شدد المرشح يوسف أوشيش على أن "الجالية الجزائرية التي لعبت أدوارًا متقدمة في مرحلة الكفاح التحرري، تستحق أن تُعنى بها الدولة ويتم الدفاع عن حقوقها على كل الأصعدة، ليشعر المواطن المغترب بأهمية مكانته في وطنه".

ودون إيضاحات أعلنت الرئاسة في يونيو الماضي أن تبون قرر إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في سبتمبر، بدلا من موعدها المحدد في ديسمبر المقبل.

ولاحقا، قال تبون الذي فاز بفترته الرئاسية الأولى في ديسمبر 2019، إن التبكير جاء لـ"أسباب فنية"، دون تقديم تفاصيل.

واختار تبون الذي يترشح مستقلا، شعار "من أجل جزائر منتصرة"، وأعلنت أحزاب جبهة التحرير الوطني (الحاكم سابقا) والتجمع الوطني الديمقراطي (وطني/ قومي) وجبهة المستقل (وطني/ قومي)، وحركة البناء الوطني (إسلامي)، دعمها له.

فيما اختار المترشح حساني "فرصة" شعارا لحملته الدعائية، أما ممثل جبهة القوى الاشتراكية أوشيش فاستقر على عبارة "رؤية للغد".

وهذه هي ثاني انتخابات رئاسية تتم تحت إشراف كلي لسلطة مستقلة للانتخابات بعد استحقاق 2019، بعدما كانت تحت إشراف وزارة الداخلية وصلاحيات أقل للهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات.

ويوجد 24 مليون و351 ألفا و551 ناخبا مسجلا في القوائم الانتخابية، منهم 23 مليون و486 ألف و61 داخل البلاد، وفق سلطة الانتخابات.