هل يذلل شبح الهزيمة صعوبات توحيد نداء تونس

تونس- تصاعد نسق الترتيبات والتحركات بهدف توحيد الأحزاب المتفرعة عن حزب نداء تونس، إضافة إلى أحزاب أخرى تحسب على ما يسمى محليا بـ”الأحزاب الوسطية” في إطار “النداء الجديد” استعدادا للانتخابات القادمة، لكن جملة من الصعوبات ما زالت تواجه تحقيق هذا الهدف، ما يثير المخاوف من إمكانية الفشل.
ويجمع مراقبون على أن الخوف من الهزيمة خلال الاستحقاقات الانتخابية القادمة هو ما يحرك هذه الأحزاب لبحث سبل الاتحاد في جبهة انتخابية، لاسيما أمام نتائج سبر الآراء التي تشير إلى تقدم حركة النهضة الإسلامية وصعود أحزاب جديدة من بينها الحزب الدستوري الحر بقيادة عبير موسى. كما جاءت نتائج الانتخابات الجزئية في بلدية سوق الجديد التابعة لمحافظة سيدي بوزيد مخيبة لنداء تونس والأحزاب المتفرعة عنه.
وتصدّرت قائمة حركة النهضة النتائج بحصولها على 640 صوتا بنسبة 15.02 بالمئة وهو ما يؤهلها لنيل 3 مقاعد من جملة 18 مقعدا، فيما نجحت القائمات المستقلة في حصد أغلبية المقاعد. ووصف رئيس كتلة حركة تحيا تونس مصطفى بن أحمد النتائج التي تحصل عليها حزبه (مقعد وحيد) بـ”المخيبة للآمال”.
وأفضت الخلافات التي شهدها نداء تونس الفائز في الانتخابات التشريعية الماضية، إلى تشكل عدة أحزاب متفرعة عنه هي: “مشروع تونس” و”تحيا تونس” و”بني وطني” و”تونس أولا” و”مستقبل تونس”. وتشير بعض التسريبات إلى أن جهودا حثيثة تبذل لإعادة توحيد نداء تونس الذي سيحمل بعد التوحيد اسم “نداء تونس الجديد”.
وبدأ أول هذه التحركات بلقاءات جمعت حركة مشروع تونس بنداء تونس (شق الحمامات) الذي يقوده سفيان طوبال لبحث سبل إعادة الاندماج. وحركة مشروع تونس هي أول الأحزاب التي تشكلت عقب استقالة محسن مرزوق -الذي كان حينئذ الأمين العام للنداء- وعدد من القيادات، ويشغل اليوم منصب رئيس مشروع تونس.
وقال حسونة الناصفي الأمین العام لحركة مشروع تونس إن بوادر اتفاق قريب تلوح في الأفق لتوحید العائلة الوسطیة في إطار “النداء التاريخي”، وقد يكون في شكل ائتلاف انتخابي. وأضاف الناصفي في تصريحات صحافية محلية إن “التوازن السیاسي في تونس لا يمكن أن يحصل إلا إذا كان المشهد السیاسي واضحا”.
وأعرب الناصفي عن مخاوفه من عرقلة تلك الجهود من قبل بعض الجهات. وقال “هناك عوائق داخلیة وعوائق خارجیة وجبهة صد من قبل عديد الأطراف المتداخلة سواء من أبناء العائلة أو حتى من خارجها لعدم نجاح هذه التجربة”.
ولفت إلى أن “العوائق الداخلیة تتمثل في وجود أطراف سیاسیة لها رؤية ضیقة جدا للأشیاء ورؤية للمشهد السیاسي يغلب علیها الطابع الذاتي، وهذا ما نجده للأسف في كل مكونات العائلة الوسطیة وهو الذي حال دون تجمیعها في الفترات السابقة”.
وتابع في تصريحات لجريدة “الصباح” “أما العوائق الخارجیة فتتمثل في وجود عديد الأطراف الخارجة عن الوسطیة والتي لا يروق لها هذا التوحید والتجمیع وعودة النداء التاريخي، تحاول إفشال عملیة التوحید بطريقة مباشرة أو غیر مباشرة من أجل التشكیك وبث الإشاعات والتفتین لزعزعة مكونات هذه العائلة، لكن أعتقد أن هناك وعیا من التونسیین والعديد اتعظ من الماضي ولن يسقط في الفخ من جديد”.
ويتهم كثيرون حركة النهضة الإسلامية بالوقوف وراء ما حصل من تصدعات لحزب نداء تونس. لكن رئيس الحركة راشد الغنوشي قال في تصريحات إعلامية الأسبوع الماضي على هامش زيارته إلى باريس “تونس لا مصلحة لها من تمزيق هذا الحزب الكبير (نداء تونس)”. وتابع “إن البلاد بحاجة إلى أحزاب كبيرة رغم وجود 217 حزبا”.
أما على الصعيد الداخلي فقد وجه الناصفي اتهامات مباشرة إلى حافظ قائد السبسي نجل رئيس الجمهورية، مشددا على أنه كان السبب الأول في إفشال محاولة الاندماج بين المشروع والنداء في صيف 2018.
وبالتوازي مع المفاوضات التي أطلقتها مع نداء تونس، تجري حركة مشروع تونس مشاورات مع حزب “تحيا تونس” المحسوب على رئيس الحكومة يوسف الشاهد، إضافة إلى حزب البديل التونسي الذي يقوده رئيس الحكومة السابق مهدي جمعة.
ووصف الناصفي المشاورات بين حزبه وحركة تحيا تونس بالبطيئة جدا، ملمحا إلى وضع الحزب المقابل لشروط مسبقة قبل التوحيد. وتعكس تصريحات الناصفي وجود تردد داخل حركة تحيا تونس للعودة إلى النداء التاريخي، وهي التي اختارت الأسبوع الماضي الاندماج مع حزب المبادرة برئاسة وزير الشؤون العقارية كمال مرجان.