هل يدفع الأسد إلى انكماش الانفتاح العربي على سوريا

لجنة الاتصال العربية تتجه إلى تعليق التواصل مع النظام السوري لأن الأخير لم يقدم أي خطوة ولم يحقق أي استحقاق طلبته الدول العربية للتطبيع.
الأحد 2023/10/01
رئيس لا يمتلك القدرة على صناعة القرار

إسطنبول- لم تسفر اللقاءات بين لجنة الاتصال العربية بشأن سوريا مع نظام الرئيس بشار الأسد عن تحقيق أي خرق سياسي في حل الأزمة، وهو ما يدفع إلى التساؤل عن أسباب ذلك، ليجيب خبراء بأن النظام غير قادر على العطاء ولا يستجيب لمطالب الدول العربية.

يأتي ذلك في وقت تناولت فيه مصادر إعلامية دولية مؤخرا أنباء مفادها أن لجنة الاتصال العربية تتجه إلى تعليق التواصل مع النظام السوري كرد فعل على عدم الاستجابة للمطالب العربية، وعدم التقدم سياسيا وأمنيا، ورافق ذلك تصريحات لمسؤولين أردنيين تنتقد النظام السوري.

وفي مايو الماضي، قرر وزراء الخارجية العرب تشكيل لجنة اتصال وزارية تضم الأردن والسعودية والعراق ومصر، بالإضافة إلى الأمين العام للجامعة العربية لمتابعة تنفيذ بيان عمّان، ولاستمرار الحوار المباشر مع النظام السوري للتوصل إلى حل شامل للأزمة.

عبدالمجيد بركات: النظام فقد معظم إمكانياته المتعلقة بفرض سياسات على الدولة السورية
عبدالمجيد بركات: النظام فقد معظم إمكانياته المتعلقة بفرض سياسات على الدولة السورية

وبيان عمّان صدر مطلع مايو الماضي عن وزراء خارجية لجنة الاتصال العربية، بعد مباحثات حضرها وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد في العاصمة الأردنية.

واتفق المشاركون في اجتماع وزراء خارجية لجنة الاتصال العربية في أغسطس الماضي بالقاهرة على الحل السياسي للأزمة السورية.

وأعرب المشاركون عن تطلعهم إلى استئناف المسار الدستوري السوري في سلطنة عُمان، قبل نهاية العام الجاري.

وتحدث نائب رئيس الائتلاف السوري المعارض عبدالمجيد بركات عن موقف النظام وأسباب عدم تفاعله مع المبادرة العربية بالقول “الاستعصاء في العملية السياسية ربما دفع العديد من الدول إلى إيجاد أساليب وطرق تستطيع من خلالها حلحلة الأمور وإيجاد تفاهمات جديدة حول إطار الملف السوري”.

وأوضح بركات في تصريح للأناضول “ربما كان ذلك من دوافع دول عربية لكي تطبّع علاقاتها مع النظام من أجل الحصول على ضمانات منه متعلقة بالداخل السوري وفي قضايا منها العملية السياسية، وضمانات أمنية متعلقة بالدول العربية، وربما بعض الضمانات العسكرية”.

ويرى أن “كل هذه الاستحقاقات التي طلبتها الدول لتطبيع العلاقات مع النظام لم تحصل على أي قيمة أو نتيجة منه، لأن النظام لا يمتلك أساسا القدرة على صناعة القرار”.

وشدد بركات “بالأساس النظام فقد معظم إمكانياته المتعلقة بفرض سياسات على الدولة السورية، خاصة أنه رهن القرار العسكري لإيران وروسيا، كما رهن القرار الاقتصادي وما إلى ذلك”.

وأوضح في ما يخص استجابة النظام للمطالب العربية أن “ما سبق كان هو السبب الرئيسي لإعادة الدول العربية تفكيرها بالتطبيع”.

وأشار إلى أن هناك “أنباء عن إيقاف لجنة التواصل اتصالاتها مع النظام، لأن الأخير لم يقدم أي خطوة ولم يحقق أي طلب أو استحقاق طلبته الدول العربية للتطبيع”.

عمار قحف: هناك استياء كبيرا لدى مجموعة الاتصال العربية بسبب عدم تلبية النظام للمطالب المقدمة
عمار قحف: هناك استياء كبيرا لدى مجموعة الاتصال العربية بسبب عدم تلبية النظام للمطالب المقدمة

وأردف “أثبت النظام أنه غير جدير أن يكون شريكا سياسيا وإقليميا أو عربيا، خاصة أنه بعد مرحلة التطبيع كان هناك تصاعد في التهديد الأمني

للمنطقة العربية، بالإضافة إلى زيادة تهريب المخدرات واستعصاء زائد في العملية السياسية السورية، وعدم رضوخه لأي تفاهمات تتعلق بالعملية، وخاصة اللجنة الدستورية”.

وشدد بركات على أن “النظام غير قابل وغير قادر على القيام بأي استحقاق مكلف به”.

وأضاف “تكلمنا في هذا الإطار مع عدد من الدول العربية، وأكدنا لهم مسبقا بأن النظام لن يقدم أي شيء، لأنه بالأساس لا يمتلك القدرة على صناعة القرار ولا التحرك بحرية”.

والأربعاء الماضي، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن عمليات تهريب المخدرات من سوريا إلى الأردن زادت بعد محادثات التطبيع العربي التي حدثت في جدة وعمّان مع النظام السوري.

وقال الصفدي في مقابلة صحفية “على الحكومة (النظام السوري) التحرك وفقا لنهج خطوة بخطوة لمعالجة جميع العواقب المترتبة على 12 عاما من الحرب”.

من ناحيته، قال عمار قحف رئيس مركز عمران للدراسات، إن “أنباء تعليق التواصل مع النظام صحيحة، لأن هناك استياء كبيرا لدى مجموعة الاتصال العربية بسبب عدم تلبية النظام للمطالب المقدمة، والخطوات التي قدمتها الجامعة العربية”.

وأضاف قحف للأناضول “لا تزال هناك مفاوضات كبيرة تجري خلف الكواليس، حسب علمي”.

واستدرك “لكن الموقف الأساسي أن النظام السوري لا يريد، والأهم من ذلك أنه غير قادر على العطاء، لأن هناك عدم فهم لعدم كينونة النظام الذي بات لا يتحكم بالأطراف”.

وشدد على أن النظام السوري “لا يتحكم بالأمن ولا بالاقتصاد، وهو وإن تحكم فلا يريد أن يعطي أي تنازلات”.

وأشار إلى أن زيارة الأسد إلى الصين “أفضل دليل على سعيه الدؤوب لفتح مسارات جديدة بحيث لا يكون معتمدا على دول عربية، ولا على إيران وروسيا، وإنما يريد أن يدوخ الجميع ويبقى في مكانه، دون أي تنازلات ودون أي تغيير”.

وأوضح قحف أن “مقاربة النظام هي الصبر الإستراتيجي عسى أن يستمر في الساحة لأطول مدة ممكنة، فيتعب الفرقاء، ويبقى في مكانه، ولكنه غير قادر على التنفيذ ولا يريد التنفيذ”.

محمد سرميني: فعليا لم ينفّذ النظام أيّا من المطالب التي طُلبت منه
محمد سرميني: فعليا لم ينفّذ النظام أيّا من المطالب التي طُلبت منه

وفي كلمته التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 19 سبتمبر، قال العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إن “مستقبل اللاجئين السوريين في بلدهم، وليس في البلدان المستضيفة”.

ودعا العاهل الأردني إلى “توفير الدعم لهم حتى حلول الوقت الذي يتمكنون فيه من العودة”.

من ناحيته، قال مدير مركز جسور للدراسات محمد سرميني “لا يوجد إعلان رسمي بتعليق لجنة الاتصال العربية التواصل مع النظام السوري، لكن المعطيات تُشير إلى عدم تقدّم مسار التطبيع أي خطوة إلى الأمام، حيث لم يتم تفعيل عمل مكاتب النظام وبعثاته في مؤسسات الجامعة العربية”.

وبين سرميني في حديث للأناضول أنه “فعليا لم ينفّذ النظام أيّا من المطالب التي طُلبت منه لا من ناحية توفير الظروف لإعادة اللاجئين أو مكافحة الإرهاب أو الانخراط الجاد في العملية السياسية، بل على العكس هناك المزيد من الضغوط التي يُمارسها النظام”.

وشرح هذه الضغوط قائلا إنها “عبر استمرار وزيادة حجم تهريب المخدرات نحو الأردن والدول العربية، والقيام بخطوات شكلية في ما يخص إعادة اللاجئين كإلغاء محاكم الميدان العسكرية”.

ولفت إلى أن محاكم الميدان حتى بعد إلغائها “ما تزال صلاحياتها موجودة لدى أجهزة ومؤسسات أخرى، واستمرار رفع الدعم عن السلع والخدمات رغم الاحتجاجات في مدينة السويداء (جنوب)، وما تُشكّله من تهديد بحدوث موجة لجوء جديدة”.

وحول عدم استجابة النظام لمطالب لجنة الاتصال العربية، أفاد سرميني أن ذلك “يرجع إلى ثلاثة أسباب، وهي: عجزه فعلاً عن تلبيتها، وحرصه على استمرار سياسة الابتزاز، وعمله على حصر التفاهمات حول القضايا المطلوبة منه ضمن مستوى العلاقات الثنائية وليس على مستوى الجامعة العربية”.

6