هل يتولى محمد صباح السالم قيادة الحكومة الكويتية الجديدة

الكويت – تفاعل الكثير من الكويتيين مع تسريبات تفيد بتعيين الشيخ محمد صباح السالم، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية السابق، رئيسا للحكومة، معتبرين أن السالم هو الرجل المناسب لتشكيل حكومة كويتية جديدة تكون قادرة على مواجهة الأزمات التي يعيشها البلد.
وقال نواب في البرلمان المنحل وإعلاميون إن تكليف وزير الخارجية الأسبق بتشكيل الحكومة خطوة مهمة لقيادة خيار الإصلاح المتوقف بسبب الصراع بين الحكومة والبرلمان، وإن الشيخ محمد صباح السالم مؤهل أكثر من غيره بفضل مواقفه الحازمة ضد الفساد.
وكان الشيخ محمد صباح السالم قد استقال من منصبه نائبا لرئيس الحكومة ووزيرا للخارجية في أكتوبر 2011 بسبب احتجاجه على تغاضي الحكومة عن قضية فساد تعلقت بأربعة عشر نائبا تورطوا في ما عرف آنذاك بقضية “الودائع المصرفية المليونية”.

تعيين الشيخ محمد صباح السالم رئيسا للحكومة أمر متوقع ضمن التوازنات الداخلية للأسرة الحاكمة
وقالت أوساط سياسية كويتية إن تعيين الشيخ محمد صباح السالم رئيسا للحكومة أمر متوقع ضمن التوازنات الداخلية للأسرة الحاكمة، خاصة أن الأزمة السياسية التي كانت في ظاهرها صراعا بين الحكومة والبرلمان مثلت -في أحد جوانبها- استعراضًا للقوة بين مكونات الأسرة لاسيما ممن لم يحصلوا على المناصب التي سعوا لها وجنحوا إلى التمترس وراء نواب من البرلمان لإدامة الأزمة.
وأشارت هذه الأوساط إلى أن الاختيار يحمل بصمة ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الذي يسعى لتثبيت أركان الحكومة بعد سنوات من تشكيلها واستقالتها من جهة، وإلى قطع الطريق على مجموعات من الأسرة الحاكمة -وبعضها من فرع الجابر- تستعين كيديًا بأعضاء من مجلس الأمة للنيل من هيبة الحكومة والدولة من جهة ثانية.
وأضافت أن تعيين الشيخ محمد صباح السالم رئيسا للحكومة، إذا تم بمرسوم أميري، سيحل مشكلة مهمّة تعاني منها الكويت تتمثّل في مستقبل جناح السالم في العائلة واستمرار استبعاده من موقع الأمير بعدما كان هناك في الماضي توافق على المداورة بين جناح السالم وجناح الجابر.
وحدثت القطيعة بالتداول بين فرعي الأسرة بعد وفاة الشيخ جابر الأحمد وتولي الشيخ سعد العبدالله السالم الحكم لفترة قصيرة قبل أن يتم عزله بدواعي المرض لصالح الشيخ صباح الأحمد الجابر.
وبعد وفاة الشيخ صباح الأحمد تم اختيار الشيخ نواف الأحمد أميرا للبلاد والشيخ مشعل الأحمد وليا للعهد.
ويحوز استرضاء جناح السالم عبر تعيين الشيخ محمد صباح (67 عاما) خريج جامعة هارفارد، وابن الأمير السابق الشيخ صباح السالم في موقع رئيس الوزراء، على دعم جناح السالم كما يلقى دعما من بقية مكونات الأسرة ومن بعض النواب الذين يراهنون على أن استلامه لرئاسة الحكومة سيساهم في تجاوز حالة الانسداد السياسي في البلد.
وقال النائب المثير للجدل وليد الطبطبائي إن “خبر اختيار الشيخ محمد صباح السالم لرئاسة الوزراء أمر يسعدنا و(هو) قرار موفق”.
وأضاف الطبطبائي في تغريدة له على تويتر أن الشيخ محمد “ستكون أمامه ملفات عاجلة أهمها نزاهة الانتخابات القادمة وحل مشكلة المهجرين وملف العفو كمقدمة لإصلاح سياسي يعقبه مجلس أمة قادر على الرقابة والتشريع والنهوض بالبلد”.
لكن متابعين للشأن الكويتي حذروا من أن استمرار الاستقطاب في محيط الأسرة وتداخل الأجندات سيقودان إلى استمرار الانسداد، وحثوا على ضرورة التوافق حول أجندة الحكومة القادمة، وأن تكون الإصلاحات الاقتصادية على رأس أولوياتها، وضرورة النأي بها عن التسويات السياسية.
وأدى الاحتقان السياسي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى تعطيل الإصلاحات المالية المهمة، لاسيما قانون الدين العام الذي يعتبر أساسيا لتحسين تصنيف الكويت الائتماني الذي تضرر بسبب هذه الخلافات. كما تعطلت كل خطوات الإصلاح الاقتصادي التي يرفضها أغلب النواب، ويصرون على أن على الحكومة أولا أن تبذل جهودا في محاربة الفساد وإيقاف ما يصفونه بهدر الأموال العامة.
وشهدت العلاقة بين مجلس الأمة والحكومة السابقة برئاسة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح حالة احتقان سياسي حاد، منذ أدائها اليمين الدستورية. وتعرض رئيس الحكومة الذي اضطر إلى الاستقالة لثلاثة استجوابات متتالية، استهدفت المعارضة من خلالها وزراء في الحكومة، بمعدل استجواب كل شهر تقريبا.
تعيين الشيخ محمد صباح السالم رئيسا للحكومة يحل مشكلة جناح السالم واستمرار استبعاده من موقع الأمير
وشكل هذا البرلمان تحديا حقيقيا للحكومة التي عانت من أزمات اقتصادية وسياسية في ظل جائحة كورونا، ومن انخفاض أسعار النفط قبل أن ترتفع في الأشهر الأخيرة.
وأعلن الشيخ مشعل، الذي يتولّى معظم صلاحيات أمير البلاد، في يونيو الماضي حل مجلس الأمة (البرلمان) والدعوة إلى انتخابات عامة جديدة وفقا للدستور.
وقال وليّ العهد الكويتي “قررنا مضطرين ونزولا عند رغبة الشعب.. واستنادا إلى حقنا الدستوري المنصوص عليه في المادة 107 من الدستور أن نحل مجلس الأمة حلا دستوريا والدعوة إلى انتخابات عامة”.
وهذا هو أول حل للبرلمان في عهد أمير الكويت الحالي الشيخ نواف الذي تولى الحكم في سبتمبر 2020 بعد وفاة أخيه الشيخ صباح الأحمد الصباح. وكانت آخر مرة تم فيها حل البرلمان عام 2016.
لكن مراقبين قالوا إن هذه الخطوة كانت منقوصة طالما أنها لم تحل عقدة البرلمان وإزعاجه، وإن الوضع سيعود كما هو بعد الانتخابات المبكرة وبنفس الأساليب حتى وإن تغيرت بعض الوجوه.
وأضافوا أن الأسرة الحاكمة الكويتية فضلت التعاطي الروتيني مع الأزمة بأن بادرت إلى حل مجلس الأمة، لكنها تهربت من اتخاذ قرارات فعلية لتغيير طبيعة هذا المجلس وصلاحياته، وكان عليها أن تدعو إلى استفتاء شعبي يغير قواعد اللعبة ويحدث التوازن بين السلطات بالشكل الذي يمنع رهن مصير البلاد لمزاجية عدد محدود من الأشخاص سواء أكانوا نوابا في البرلمان أم عناصر من الأسرة الحاكمة يحركون لعبة التعطيل من وراء الستار لمصالح خاصة.