هل مارست وزارة الإعلام الكويتية التضليل في معرض ترويجها لمشروع قانون تنظيم القطاع

بدأت تظهر في الأيام الأخيرة أصوات تندد بمشروع قانون تنظيم الإعلام الجديد في الكويت، بعد أن أبدى كثيرون ارتياحهم للتعديلات التي جرت على المسودة الأولى، ويقول البعض إن وزارة الإعلام مارست نوعا من التضليل لإقناع المعنيين بالنسخة الجديدة.
الكويت - خبا تحمّس الكثيرين للنسخة المعدلة من المشروع الذي أعدته وزارة الإعلام الكويتية، بشأن تنظيم قطاع الإعلام، بعد أن تبين أن هذه النسخة لا تختلف كثيرا من حيث الجوهر عن المسودة الأولى التي جرى تسريبها، وأثارت غضب النواب والصحافيين لما تضمنته من قيود على الحريات ومن حزمة عقوبات، فضلا عن عبارات مطاطة قابلة للتأويل.
وكان وزير الإعلام عبدالرحمن المطيري حرص خلال استشارة نظمتها الوزارة الأسبوع الماضي على تسويق فكرة أن النسخة الجديدة من المشروع التي يعتزم تقديمها لمجلس الأمة (البرلمان) تشكل نقلة نوعية وتهدف إلى تعزيز الحريات ضمن رؤية تشاركية.
وعرض المطيري خلال تلك الاستشارة، التي شهدت حضور إعلاميين ونواب ومكونات من المجتمع المدني، الخطوط العريضة لمشروع قانون تنظيم الإعلام وحاول إقناع الحضور بأن هذا المشروع ريادي، وهو ما تفاعل معه الموجودون بشكل إيجابي قبل أن تتم عملية تمحيص بنوده ليتضح أنها مثقلة بالقيود والعقوبات.
ويقول مختصون في الشأن الإعلامي إن المطيري في عرضه للمشروع تعمد الإيهام بأنه يقدم طرحا مختلفا يصون حرية الإعلام، معربين عن اعتقادهم بأن عدم توزيع وزارة الإعلام لنسخ من المشروع على المعنيين بالاستشارة قبل عقدها، بما يتيح لهم فرصة الاطلاع على تفاصيلها، لم يكن بريئا.
وأشار المختصون إلى أن حديث وزير الإعلام عن تحصين الديوان الأميري وديوان ولي العهد مما “ينسب من قول أو فعل” لهما إلا بـ”إذن خاص مكتوب” هو طرح غير موضوعي، في ظل البيروقراطية المفرطة في الكويت، والحساسية المبالغ فيها حيال أي نقد.
وكان تجريم التعرض لولي العهد أحد مسببات الضجة التي أثارتها المسودة الأولى للمشروع، ولكن بالنسخة الحالية تم الالتفاف على الأمر عبر التنصيص على أن الإتيان بأي فعل أو قول ينسب إلى ولي العهد يفترض الحصول على ترخيص مسبق وهو أمر غير منطقي.
وبعد أن أبدى عدد من النواب ارتياحهم خلال الاستشارة لمضامين المشروع، بدأت تبرز في الأيام الأخيرة بعض ردود الفعل المتحفظة من أعضاء مجلس الأمة، فيما قام النائب حمد العليان بتقديم مذكرة متكاملة تضمنت ملاحظات جوهرية حول قانون تنظيم الإعلام الجديد.
وقال العليان في تصريح بالمركز الإعلامي لمجلس الأمة إن “موضوع الحريات بالنسبة إلينا خط أحمر غير قابل للمساومة أو المناقشة”، مؤكدا أن الحريات هي أحد المواضيع المهمة التي تم التحرك سنوات طويلة للحفاظ عليها وعدم المساس بها أو الانتقاص منها.
وأضاف أن موضوع الحريات ورد في أول مداخلة له بمجلس الأمة بالقسم على المحافظة على حريات الشعب وعدم المساس بها، لافتًا إلى أن ذلك ما تم تجسيده لاحقا بالتوقيع على كل الاقتراحات بقوانين في شأن تعديلات القوانين المقيدة للحريات.
وأفاد بأنه عندما تقدمت وزارة الإعلام بقانون تنظيم الإعلام الجديد حضر لمناقشة القانون في أكثر من اجتماع للجنة شؤون التعليم والثقافة والإرشاد، مضيفاً أنه شارك كذلك في اللقاء الذي نظمته وزارة الإعلام لعرض القانون بحضور مجموعة كبيرة من الصحافيين المختصين.
وقال “صرحت بعد هذا اللقاء بأن القانون وإن كان أفضل من الوضع الحالي، إلا أننا لن نسمح أو نقبل به وذلك بسبب احتوائه الكثير من المواد التي من الواجب تعديلها”.
13
جمعية دعت مجلس الأمة الكويتي إلى التضامن مع موقفها المبدئي الداعي إلى إنهاء نهج تهميش دور منظمات المجتمع المدني وحماية حقها في المشاركة بالبناء والتنمية
وبين العليان أنه تقدم بمذكرة متكاملة تتضمن ملاحظات جوهرية على القانون، موضحاً أنها تنقسم إلى شقين، الشق الأول يتضمن ملاحظات عامة على فلسفة القانون، والشق الثاني يتضمن ملاحظات تفصيلية على القانون.
وأفاد بأن الشق الثاني من المذكرة ينقسم إلى ثلاثة أقسام، يتضمن القسم الأول منها ملاحظات تتعلق بالصياغة، والقسم الثاني ملاحظات تتعلق بتعديل نصوص بعض مواد القانون، والقسم الثالث يخص مقترحات بإضافة مواد جديدة بالقانون.
وأكد أن أهم التعديلات التي تقدم بها تشمل إلغاء جميع عقوبات الحبس الواردة في القانون أيا كانت المخالفة، وكذلك إلغاء الحبس الاحتياطي والحبس على ذمة القضية أثناء نظرها في التحقيقات أو النيابة العامة أو أي درجة من درجات التقاضي، حتى لا يكون الحبس الاحتياطي أو على ذمة القضية التفافا على إلغاء عقوبة الحبس.
وبين أن من بين الملاحظات الجوهرية التي تقدم بها عدم جواز التحقيق مع الصحافيين إلا بعد إخطار جمعية الصحافيين، والسماح لممثل عن الجمعية بالحضور مع الصحافي في جميع درجات التحقيق والتقاضي.
وأوضح أن التعديلات تعالج موضوع المبالغة الكبيرة في الغرامات والكفالات وتقضي بتخفيض الغرامات والكفالات الواردة بالقانون، فضلا عن الملاحظات التفصيلية الفنية التي تهم شريحة كبيرة من الصحافيين.
إضافة إلى ذلك نددت جمعيات كويتية في وقت سابق بما أسمته عملية تضليل إعلامي مارستها وزارة الإعلام بشأن موافقة المجتمع المدني على النسخة الجديدة.
مختصون في الشأن الإعلامي يقولون إن المطيري في عرضه للمشروع تعمد الإيهام بأنه يقدم طرحا مختلفا يصون حرية الإعلام
وقالت ثلاث عشرة جمعية في بيان إن أي عملية بناء حقيقية تتطلب شراكة منظمات المجتمع المدني، داعية مجلس الأمة الكويتي إلى التضامن مع موقفها المبدئي الداعي إلى إنهاء نهج تهميش دور منظمات المجتمع المدني وحماية حقها في المشاركة بالبناء والتنمية.
وأكدت الجمعيات أن مسؤولية الإعلام هي الدفاع عن الحريات العامة وكفالة حق الناس في المعرفة وإدارة المناقشات الحرة ونقلها بشفافية إلى الجمهور والدفاع عن مصالح المجتمع واحترام قيمه واحترام حق المجتمع في إدارة العدالة، مشيرة إلى أنه لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال انتهاج مبدأ الشراكة واحترام كل الأطراف.
ولفتت إلى أن تهميش الحكومة لمنظمات المجتمع المدني ينبئ بوجود خلل حقيقي في فهم الأدوار والمسؤوليات، وإذ ثمنت توجّه وزارة الإعلام إلى إقامة ندوة عامة لعرض رؤاها حول التعديلات المقترحة على قانون النشر والمطبوعات وقانون المرئي والمسموع وقانون الجرائم الإلكترونية تحت ما يسمى قانون الإعلام الجديد، عبرت عن استيائها من أن تقام تلك الندوة دون دعوة جميع جمعيات النفع العام، التي يتمثل دورها الأساسي في تمكين المجتمع من أجل الانتقال به إلى واقع المواطنة والمشاركة في البناء والتنمية.
وأوضحت أن هذا التهميش الذي أصبح سمة في تعامل الأجهزة الحكومية مع منظمات المجتمع المدني ينبئ بوجود خلل حقيقي في فهم الأدوار والمسؤوليات، على الرغم من إدراج الحكومة ضمن بنود خطة الكويت للتنمية 2035 وبرنامج عملها “وجوب التعاون المشترك بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني”.
والجمعيات الموقعة على البيان هي: جمعية الشفافية، والجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية، وجمعية الخريجين، وجمعية المحامين، والجمعية الكويتية للدفاع عن المال العام، والجمعية الكويتية للإخاء الوطني، والجمعية الكويتية لأمن المعلومات، والجمعية الكويتية لحقوق الإنسان، والجمعية الكويتية لجودة التعليم، والرابطة الوطنية للأمن الأسري “رواسي”، والجمعية الوطنية لحماية الطفل، وجمعية ريادة الأعمال التنموية، والجمعية الكويتية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.