هل كانت استقالة ظريف مناورة لمنع تعثر تمرير نواب ووزراء بزشكيان

طهران- ترجح أوساط إيرانية أن تكون استقالة وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف من مهمة مساعد للرئيس مسعود بزشكيان بمثابة مناورة هدفها امتصاص غضب المحافظين وتحفزهم لعرقلة مسار الرئيس الإصلاحي الجديد. والآن بعد أن تم تمرير نواب الرئيس بزشكيان ووزرائه ظهر ظريف ليعلن عدوله عن الاستقالة.
ويقف المحافظون بالمرصاد للتعيينات التي أعلنها بزشكيان وكان هؤلاء غير راضين عن ظريف وعن فكرة شخص يجلس بينهم وأولاده يذهبون إلى الولايات المتحدة للحصول على جنسيتها. ويمكن أن يفسر مروره بأن اسمه قد وضع على القائمة ومر باعتباره مستقيلا، ما جعل المعارضين لتعيينه لا يهتمون للأمر.
وأعلن ظريف الثلاثاء أنه سيعاود تولي منصب نائب الرئيس بعدما قدّم استقالته في وقت سابق هذا الشهر.
وعيّن الرئيس الإيراني ظريف نائبا له للشؤون الإستراتيجية في الأول من أغسطس، لكن وزير الخارجية السابق استقال بعد أقل من أسبوعين، معربا عن خيبة أمله حيال التشكيلة الحكومية المؤلفة من 19 وزيرا. كما أفاد بأنه واجه ضغوطا لأن ولديه يحملان الجنسية الأميركية إلى جانب الإيرانية.
وانتقد المحافظون في إيران بزشكيان لاختياره ظريف الذي بات معروفا في الساحة الدولية بفضل الدور البارز الذي لعبه في المفاوضات التي أدت إلى إبرام الاتفاق الدولي بشأن برنامج إيران النووي عام 2015.
وسبق أن أثار ظريف حنق المحافظين حين اشتكى في تسجيل صوتي مسرب عام 2021 من أن الحرس الثوري يمارس نفوذا على الشؤون الخارجية والملف النووي للبلاد أكثر منه وأن القائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني، الذي قضى بضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد، كان يسيطر على الوزارة.
وعلى الرغم من أن بزشكيان لم يَعِد بأي تغيير جذري خلال حملته الانتخابية، إلا أنه أشار إلى أنه سيعتمد على أفراد أكثر خبرة لتشكيل حكومة فعالة قادرة على حل المشاكل طويلة الأمد، من بينها النمو الاقتصادي المنخفض والعزلة الدولية، وهو ما يفسر اعتماده على ظريف كمساعد.
ويحتاج الرئيس الجديد إلى شخصية منفتحة على الخارج وتمتلك علاقات واسعة مثل ظريف من أجل تبديد الصورة الراهنة لبلاده، والتي تتسم بالتوتر والعزلة خاصة في ظل التصعيد مع إسرائيل ومخاطر الانسياق إلى حرب إقليمية قد تخسر فيها طهران المكاسب التي حققتها من خلال التمكين لأذرعها في الإقليم وسيطرتها على عواصم عربية.
◄ المحافظون لا يرضون بتعيين ظريف وبجلوس شخص بينهم وأولاده يذهبون إلى أميركا للحصول على جنسيتها
وبتنحية ظريف (الذي تولى منصب وزير الخارجية بين عامي 2013 و2021) وتولية حسين أمير عبداللهيان فقدت إيران فرصة المناورة التي كانت تتمتع بها، والتي مكنتها من التوصل إلى اتفاق في ملفها النووي.
وكان ظريف (64 عاما) الذراع اليمنى لبزشكيان خلال حملته الانتخابية، ويعتبر أحد العقول المخططة للسياسة الخارجية للحكومة الجديدة.
وقال ظريف على منصة إكس “بعد المتابعات والمشاورات التي أجراها الرئيس وأمره المكتوب، سأواصل ممارسة مهامي كنائب للرئيس للشؤون الإستراتيجية”.
وأشاد ظريف، الذي حضر الثلاثاء أول اجتماع للحكومة الجديدة مع المرشد الأعلى علي خامنئي، بالحكومة الجديدة في منشوره.
والأسبوع الماضي نال جميع أعضاء الحكومة الإيرانية الجديدة تصويتا كاملا بالثقة من البرلمان، لتكون المرة الأولى التي يصادق فيها المجلس على جميع مرشّحي الرئيس منذ أكثر من عقدين.
وشغل ظريف، الذي مثّل إيران في الأمم المتحدة، منصب وزير الخارجية بين العامين 2013 و2021 في عهد الرئيس المعتدل حسن روحاني.
ولئن انهار الاتفاق النووي المبرم في 2015 عمليا بعد ثلاث سنوات عندما أعلنت الولايات المتحدة الانسحاب منه بشكل أحادي، فإنه ساعد في ترسيخ سمعة ظريف كمفاوض قوي جعل إيران منفتحة على الغرب.