هل فقدت تركيا سيطرتها على فصائل المعارضة شمال سوريا

دمشق - تربك الانشقاقات التي طالت فصائل المعارضة السورية الموالية لأنقرة والمصنفة بـ”المعتدلة” الأجندات التركية في الشمال السوري، بعد أن كانت الانشقاقات منحصرة منذ سنوات في الجماعات الجهادية الموالية لها.
وكشف مصدر في المعارضة السورية عن وجود خلافات بين الفصائل العسكرية في مناطق الشمال، الأمر الذي أدى إلى تعليق عمل بعضها.
وقال المصدر إن الجهود فشلت في حل الإشكال الذي وقع بين فصيل أحرار الشرقية ولواء المعتصم، ما دفع الأخير إلى إصدار بيان لتعليق عمله مع فصيل أحرار الشرقية في مناطق شمال سوريا.
ويعود سبب الخلاف إلى تجاوزات عناصر الشرقية وانفرادها بالقرار والقيادة، وتهميش بقية الفصائل في مناطق ريفي الرقة والحسكة شمال سوريا، الأمر الذي يهدد بتصدّع في التشكيلات العسكرية التي تعمل بتنسيق الجيش التركي ودعمه.
وكان لواء المعتصم أصدر السبت بيانا أعلن فيه تعليق العمل ضمن أحرار الشرقية في مناطق درع الفرات ونبع السلام وغصن الزيتون، بسبب الخلافات في أحرار الشرقية.
ويرى فريق أن الانشقاقات التي حصلت في صفوف المعارضة السورية تنذر بتفككها، وهو مصير شبه محتوم للكيانات المسلحة التي أنشأتها المعارضة في الفترة ما بعد العام 2012، بينما يرى آخرون أن ما يجري هو ترتيب لصفوف الفصائل، وهو الأكثر جدية منذ نشأتها، كما أن الانشقاقات يمكن اعتبارها حالة من الاستقطاب التي تجري بين الفصائل.
الانشقاقات جاءت نتيجة فقدان المخابرات التركية السيطرة على الفصائل بعد تراجع التمويل والاهتمام بمواجهة الفصائل الكردية
ويقول المحلل العسكري العقيد مصطفى بكور إن “ما يحصل هو شكل من أشكال الاصطفاف الفصائلي الشكلي، ومحاولة استقواء الفصائل ببعضها ضد تكتلات أخرى، لذلك يمكننا أن نشهد انفراط عقد هذه التكتلات بسبب الاختلاف على المناصب أو المكاسب”.
ويذهب التحليل الأكثر ترجيحا إلى أن الانشقاقات التي عصفت بالفصائل السورية المعارضة في الشمال السوري جاءت نتيجة فقدان المخابرات التركية السيطرة عليها، بعد تراجع التمويل والاهتمام بمواجهة الفصائل الكردية.
وتحولت رواتب الفصائل في الشمال السوري التي تدفعها تركيا إلى منح تختلف من قطاع إلى آخر، إذ يختلف قطاع إدلب عن قطاعي حماة وحلب.
وتتراوح المنح المالية من 70 إلى 100 دولار، ولا ينطبق هذا الوضع على جميع المقاتلين بل على البعض منهم.
وقبل ذلك كان المقاتل المدعوم من تركيا يتحصل على راتب شهري قدره بين 150 دولارا و300 دولار.
وتستعد أنقرة منذ مدة لعملية توغل في الشمال السوري لضرب الفصائل الكردية هناك، إلا أن فيتو أميركيا يعرقل مساعيها إلى حد الآن.
وسيطرت فصائل المعارضة المدعومة من تركيا في الثامن عشر من مارس 2018 على كامل مدينة عفرين ومحيطها، عقب معارك عنيفة مع قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، أفضت إلى انسحابها من تلك المناطق وبسط نفوذ فصائل المعارضة والقوات التركية على مدينة عفرين والمناطق التابعة لها بريف حلب الشمالي، شمال سوريا.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال في وقت سابق إن “تركيا قد تشن عملية عسكرية ضد الفصائل الكردية في سوريا إذا اقتضى الأمر”، مضيفا أن “العملية قد تنفذ عند الضرورة ولا يمكن التراجع عنها”.
وصادق البرلمان التركي مؤخرا بأغلبية الأصوات على المذكرة التي قدمتها الرئاسة التركية لتمديد الصلاحية الممنوحة لأردوغان، بشأن إرسال قوات لتنفيذ عمليات عسكرية في سوريا والعراق، عامين آخرين اعتبارا من الثلاثين من أكتوبر الماضي.