هل عاد وزير النفط الليبي إلى منصبه بعد تمرير صفقة الحمادة

الدبيبة لم يعلن موافقته على مباشرة محمد عون مهامه كما لم يلغي تكليف خليفة عبدالصادق الذي يتولى حاليا مهام الوزير.
الثلاثاء 2024/05/28
هل رضخ عون أخيرا لرغبة الدبيبة

طرابلس – أعلنت وزارة النفط والغاز في حكومة الوحدة الوطنية الليبية اليوم الثلاثاء، عودة الوزير محمد عون لمباشرة مهام عمله في ديوان الوزارة بعد أكثر من عشرين يوما عن صدور قرار رفع الوقف الاحتياطي عنه، وهو ما يطرح تساؤلات حول سبب تأخر عودته إلى منصبه، ما إذا كانت مرتبطة برضوخه لرغبة رئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة أم أن الأخير قد مرر صفقة حقل الحمادة خلال فترة توقيفه.

ومنذ سنوات يعيش قطاع النفط في ليبيا على صفيح ساخن، وبين الأزمات المتوالية والسجالات المتكررة بين أصحاب القرار يظل هذا القطاع زاخرا بالمستجدات، ولعل عودة وزير النفط والغاز إلى مباشرة عمله بعد رفع الوقف الاحتياطي عنه من أبرز أحدث الأحداث حاليا.

وأوضحت وزارة النفط والغاز عبر بيان مقتضب لها أنه بعد الانتهاء من التحقيق، صدر القرار رقم 492 للعام 2024 برفع الوقف الاحتياطي عنه وإخطار الحكومة.

وكانت هيئة الرقابة الإدارية في ليبيا قد رفعت الوقف الاحتياطي عن عون في 12 مايو الجاري، وفقا لقرار عبدالله قادروه رئيس هيئة الرقابة الإدارية.

ونص قرار رئيس الهيئة رقم (347) لسنة 2024 على رفع الوقف الاحتياطي عن عون بناء على مذكرة مدير الإدارة العامة للتحقيق رقم (2837-21) المؤرخة في 12 مايو 2024، وعلى "ما اقتضته مصلحة العمل".

لكن القرار الذي جاء تنفيذه بعد مرور 27 يوما عن رفع الوقف الاحتياطي لا يشير إلى أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية، قد وافق على عودة عون إلى منصبه، لا سيما وأن الدبيبة لم يصدر إلى حد الساعة أي قرار بإلغاء تكليف خليفة عبدالصادق الذي يتولى حاليا مهام الوزير.

ويستبعد مراقبون أن تكون عودة عون المتأخرة مرتبطة برضوخه لرغبات الدبيبة وخصوصا توقيع صفقة مثيرة للجدل تتعلق بالاستثمار في حقل "الحمادة"، وهي صفقة تتزعم المؤسسة الوطنية للنفط المفاوضات الخاصة بها.

ويقول المراقبون إن إبعاد وزير النفط مؤقتا من أجل تمرير الصفقة خصوصا أن التوقيف عن العمل ليس هو مثل الإقالة، مرجحين أن يعلن الدبيبة في وقت لاحق عن موافقته على عودة عون إلى منصبه.

وسبق أن حاول عون خلال الأيام التي أعقبت قرار رفع الوقف الاحتياطي عنه التواصل مع الدبيبة بأكثر من طريقة، لكن الدبيبة لم يكن يرد على مراسلات وزير النفط الليبي، وفق ما ذكرت وسائل إعلام محلية نقلا مصادر في وزارة النفط.

واعتبرت تلك المصادر أن الدبيبة يبدو أنه يريد إنهاء حقبة عون، وعدم عودته مرة أخرى للوزارة، رغم تبرئته، وأضافت أن عون يتمسك بعودته إلى مهام منصبه، خاصة أن قرار إيقافه كان احتياطيا إلى حين انتهاء التحقيق معه من جانب هيئة الرقابة الإدارية، وبعد انتهاء التحقيق ورفع الإيقاف، بات من حقه العودة إلى المنصب الوزاري.

وذكرت تلك المصادر أن الدبيبة كان يخطط منذ مدة للإطاحة بوزير النفط لكنه لم يتخذ القرار خوفا من اتهامات حينها بأنه يريد تمرير عدّة صفقات نفطية يرفضها عون، لكن قرار الرقابة الإدارية بوقف عون احتياطيًا، جاء في صالح رئيس حكومة الوحدة الذي انتهز الفرصة.

وأضافت المصادر أن الأيام المقبلة قد تشهد تغيرا في موقف رئيس الحكومة، الذي يواجه ضغوطا في هذه المسألة، لكن الأمر غير محسوم حتى الآن.

وتأتي عودة عون إلى منصبه في خضم صراع سياسي بين شرق ليبيا وغربها وحتى داخل طرابلس نفسها، حيث سبق أن أصدر أكثر من 50 عضوا في المجلس الأعلى للدولة بيانا اعترضوا فيه على قرار إيقاف عون عن العمل، وطالبوا بإعادته إلى منصبه.

وفي 25 مارس الماضي أصدر رئيس هيئة الرقابة الإدارية عبدالله قادربوه قرارًا بالوقف الاحتياطي لعون، عن العمل مؤقتا، بتهمة "ارتكاب مخالفات قانونية"، دون أن يكشف طبيعتها.

وفي أول تعليق له، أكد وزير النفط الليبي في تصريح إعلامي أنه امتثل للقرارات القانونية مدافعا في الوقت ذاته عما يتعلق بارتكابه مخالفات.

وقال عون "نحن بصفتنا مسؤولين في ليبيا نمتثل للقوانين، وأقسمنا على احترامها أمام مجلس النواب والشعب الليبي، فلا أحد فوق القانون، وبشكل خاص أنا صاحب هذه الإفادة".

وأضاف "أنا على يقين تمامًا بأنني لم أرتكب أيّ مخالفة قانونية، ولله الحمد، بل عملت طيلة وجودي على الحفاظ على ثروات ليبيا.. أسعى دائمًا إلى المحافظة على المورد الأساسي للّيبيين بمختلف الطرق، وأنا متأكد تمامًا بأن التحقيقات ستنصفني، لأنني علي يقين أنني لم ارتكب أيّ مخالفة".

يأتي موقف رئيس الحكومة الرافض لعودة عون ضمن سلسلة الخلافات والانقسامات التي تضرب الدولة الليبية، إذ عارض وزير النفط عددا من الاتفاقيات التي سعت المؤسسة الوطنية للنفط إلى إبرامها بموافقة الدبيبة.

وفي مقدمة القضايا الخلافية بين الجانبين قضية تطوير القطعة (NC97) بحقل الحمادة النفطي التي كانت المؤسسة الوطنية للنفط تعتزم توقيعها مع ائتلاف شركات "إيني" الإيطالية و"توتال إنرجي" الفرنسية و"أدنوك" الإماراتية وشركة الطاقة التركية، إذ اقترح عون طرح مشروع في مناقصة عامة، بدلا من أن يكون موضوعًا للمفاوضات المباشرة.

وتمتلك ليبيا أكبر احتياطيات من النفط الخام في أفريقيا، لكن الصراع السياسي التي دام أكثر من عقد من الزمان قد أثر عليه، وكثيرا ما يظل الإنتاج رهينة للصراعات بين الإدارات المتنازعة في طرابلس والشرق، ويبلغ إنتاج ليبيا النفطي حاليا نحو 1.2 مليون برميل يوميا.

وعُيّن عون وزيرا للنفط في العام 2021، إذ حاولت حكومة الدبيبة المعترف بها دوليا ومقرها العاصمة طرابلس فرض ضوابط أكبر على المؤسسة الوطنية للنفط. وكان رئيس المؤسسة السابق، مصطفى صنع الله، يدير القطاع فعليا سنوات في غياب وزير النفط.