هل ستنسف روسيا الاتفاق النووي الإيراني

إيران والقوى العالمية تعلق المحادثات بشأن إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
السبت 2022/03/12
فيتو روسي يعيد خلط الأوراق

فيينا - قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي الجمعة إن إيران والقوى العالمية ستعلق المحادثات بشأن إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بسبب “عوامل خارجية”، وذلك بعد أن هددت مطالب روسية في اللحظة الأخيرة بنسف المحادثات التي كانت قد شارفت على الانتهاء.

وقال جوزيب بوريل على تويتر “هناك حاجة إلى وقفة في محادثات فيينا بسبب عوامل خارجية. النص النهائي جاهز بشكل أساسي وعلى الطاولة”.

وأشارت طهران الخميس إلى وجود عقبات جديدة أمام إحياء الاتفاق. وأكدت واشنطن أنها لا تعتزم تلبية مطالب روسيا، التي قالت إن لا علاقة لها بالمحادثات الإيرانية. وأضافت أن عددا قليلا من القضايا العالقة والصعبة لا يزال يتعين حله حتى يتم التوصل إلى اتفاق.

وكانت الأطراف في المحادثات تتوقع أن تتوصل الأحد الماضي إلى اتفاق يعيد إيران إلى الامتثال للقيود المفروضة على أنشطتها النووية التي تتقدم بسرعة، ويعيد كذلك الولايات المتحدة إلى الاتفاق. وقبل ما يقرب من أربع سنوات، قرر الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015، وأعاد فرض العقوبات على طهران.

جوزيب بوريل: هناك حاجة إلى وقفة في محادثات فيينا بسبب عوامل خارجية

لكن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف طالب السبت على نحو غير متوقع بضمانات شاملة بأن التجارة الروسية مع إيران لن تتأثر بالعقوبات المفروضة على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا، وهو مطلب تقول القوى الغربية إنه غير مقبول وتصرّ واشنطن على رفضه.

ورفض مبعوث روسيا للمحادثات ميخائيل أوليانوف التلميحات بأن موسكو هي السبب في توقف المفاوضات.

وقال للصحافيين عقب اجتماعه مع منسق الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا إن “إبرام الاتفاق لا يتوقف على روسيا وحدها… هناك أطراف أخرى تحتاج إلى وقت إضافي ولديها مخاوف أخرى تتم مناقشتها”.

وأعرب عن أمله في أن تنتهي المحادثات في أقرب وقت ممكن، لكنه لم يذكر جدولا زمنيا للموعد الذي يمكن أن تستأنف فيه.

وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن توقف المحادثات قد يخلق زخما لحل أي قضايا معلقة، لكنها أكدت أن العوامل الخارجية لن تؤثر على الإرادة في المضي قدما للتوصل إلى اتفاق جماعي.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زادة على تويتر “التوقف في محادثات فيينا قد يشكل زخما لحل أي قضية متبقية… سيكون الاختتام الناجح للمحادثات هو محور التركيز الرئيسي للجميع”.

وقال دبلوماسيون إن مطلب روسيا أثار غضب طهران في البداية ويبدو أنه يساعدها هي وواشنطن على المضي قدما في التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا الشائكة القليلة المتبقية، لكن وابلا مفاجئا من التصريحات العلنية لمسؤولين إيرانيين من بينهم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الخميس أشار إلى تغيير في موقف طهران.

وألقى غزو روسيا لأوكرانيا بظلال قاتمة على المباحثات الجارية في فيينا لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني).

ويقول الدكتور حامد رضا عزيزي زميل المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية ببرلين، ونيكول جريوسكي الباحثة ببرنامج الأمن الدولي بمركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية بجامعة هارفارد “إن ردود الفعل الإيرانية تجاه تصريحات وزير الخارجية الروسي تشير إلى أنه لم يتم التشاور مع طهران أو حتى إبلاغها مسبقا بها من جانب نظرائها الروس”.

وأوضح عزيزي الذي عمل أستاذا مساعدا للدراسات الإقليمية بجامعة شهيد بيهشتي بطهران في الفترة من 2016 إلى 2020، وجريوسكي التي تعد لنيل الدكتوراه من جامعة أكسفورد، ويركز بحثها على المواقف الروسية والإيرانية تجاه النظام الدولي، أنه من الممكن ألا يكون لمطلب روسيا الجديد للحصول على ضمانات أي علاقة بالقضية النووية. وربما لن تكون له علاقة بالتعاون الأوسع نطاقا بين موسكو وطهران. ولكن يبدو أن موسكو تحاول التحايل على العقوبات الغربية المفروضة عليها بعد غزو أوكرانيا. وبذلك، قد تستغل روسيا إيران لتجاوز العقوبات الغربية وإعادة تصدير سلع خاضعة للعقوبات تحت ستار تحقيق مكاسب اقتصادية من وراء الاتفاق النووي الإيراني، وهو مكسب تم إقراره بالنسبة إلى إيران لكن ليس لأطراف الاتفاق الأخرى.

وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يطالب بضمانات شاملة بأن التجارة الروسية مع إيران لن تتأثر بالعقوبات المفروضة على موسكو

وأكد الباحثان أن تأكيد لافروف على الحصول على ضمانات مكتوبة يشير إلى أن مطالب روسيا تنطوي على ثغرات تتيح لها إجراء تعاملات مع إيران لم تعد مقيدة بالعقوبات. ويبدو أن الأطراف الغربية في الاتفاق تدرك خطة مناورة موسكو، ومن ثم ترفض بالفعل طلب الضمانات. ووصف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الطلب الروسي بأنه “غير ذي صلة”، مؤكدا أن العقوبات الجديدة ضد روسيا “لا علاقة لها بالاتفاق النووي الإيراني”.

ويشير الباحثان إلى أنه على هذا الأساس يمكن تخيل تصورين في ما يتعلق بالخطوات المقبلة لروسيا والتداعيات بالنسبة إلى الاتفاق النووي الإيراني. ففي أفضل الأحوال، تشكل المطالب الروسية مناورة سياسية تهدف إلى تذكير الولايات المتحدة والدول الأوروبية بقدرة موسكو على التأثير بصورة عكسية على قضايا ذات أهمية ملحة.

وفي هذا السياق، قد تنتقل موسكو إلى دعم بعض مواقف إيران المتشددة -على سبيل المثال طلب طهران الحصول على ضمانات قانونية بأن الإدارة الأميركية المقبلة لن تتخلى عن الاتفاق- أو اقتراح بنود مختلفة لإحباط الغرب.

وفي نهاية المطاف، قد توافق روسيا على دعم إحياء الاتفاق النووي الإيراني، مع العمل على تأجيل تنفيذه بالتعلل بالعقوبات الغربية كحاجز أمام التنفيذ الفني للاتفاق. وهذا من شأنه أن يتيح لروسيا الحفاظ بالتمتع بتفوق بالنسبة إلى الغرب، لا ينطوي على انهيار كامل للاتفاق. وعموما، فإنه حتى في ضوء صدام روسيا مع الغرب بشأن أوكرانيا، فإنها لا ترغب في أن تمتلك إيران سلاحا نوويا أو في تدخل عسكري محتمل لتجنب أي انهيار نووي إيراني في حالة فشل المفاوضات.

5