هل خطفت إيطاليا مؤتمر الهجرة من تونس

الحكومة الإيطالية تقول إن الاجتماع الذي تشارك فيه الدول المطلة على البحر المتوسط ودول من الشرق الأوسط سيركز على بناء شراكة لإقامة مشروعات في قطاعات مثل الزراعة والبنية التحتية والصحة.
السبت 2023/07/22
قوراب المهاجرين غير النظاميين مصدر إزعاج مستمر

روما – تعتزم الحكومة الإيطالية تنظيم اجتماعا في روما غدا الأحد يضم بعض الدول المطلة على البحر المتوسط ودول من الشرق الأوسط، تقول إنه يهدف إلى مساعدة البلدان الأفريقية على تقليل دوافع الهجرة إلى أوروبا، وهو ما يثير تساؤلات ما إذا كانت إيطاليا اختطفت مؤتمر الهجرة من تونس.

وقالت الحكومة الإيطالية في بيان مساء الجمعة إن الاجتماع سيركز على بناء شراكة لإقامة مشروعات في قطاعات مثل الزراعة والبنية التحتية والصحة.

وأضاف البيان "يهدف المؤتمر إلى التحكم في ظاهرة الهجرة ومكافحة الإتجار بالبشر وتعزيز التنمية الاقتصادية وفقا لنموذج جديد للتعاون بين الدول".

ويثير استضافة إيطاليا لمؤتمر الهجرة، العديد من التساؤلات، خصوصا وأن الرئيس التونسي قيس سعيّد كان تحدث هاتفيا في 2 يونيو الماضي مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، أي قبل زيارتها إلى تونس، وتناولت المكالمة المبادرة التي كان تقدّم بها سعيّد لعقد مؤتمر رفيع المستوى بين كل الدول المعنية، وهي دول شمال أفريقيا ودول الساحل والصحراء ودول شمال البحر الأبيض المتوسط، لمعالجة أسباب الهجرة غير النظامية ووضع حد لهذه الأوضاع غير الإنسانية.

ومن بين الأسئلة التي طرحتها وسائل إعلام تونسية محلية، لماذا سُحب تنظيم المؤتمر من تونس وأصبح في إيطاليا؟ وهل أن الأمر جرى بالتنسيق بين الطرفين أم أن الحكومة الإيطالية استحوذت على الفكرة لعدم قدرة تونس ربما على تنظيم لقاء كهذا بسبب توتر علاقاتها مع عدد من الدول؟ وهل يقود هذا الأمر إلى توتر بين البلدين أم أنها محطة عابرة ستُطوى بسبب الارتباط الوثيق بين مصالح البلدين، خصوصاً حاجة تونس إلى دعم إيطاليا التي أصبحت محاميها في المحافل الدولية؟.

ويرى مراقبون أن ميلوني سبق أن تداولت فكرة تنظيم مؤتمر دولي حول الهجرة منذ أن قررت مخطط (ماتي) من أجل إنقاذ الدول الأفريقية والمعاملة بالمثل، وسبق أن أثارت مسائل تتعلق بمسألة الهجرة بعيدا عن الطرح الذي يقدمه الرئيس سعيّد حاليا.

ويستبعد هؤلاء المراقبين أن تكون إيطاليا قد خططت للسطو على فكرة سعيّد بشأن تنظيم مؤتمر دولي للهجرة يجمع دولا من ضفتي المتوسط ومن الشرق الأوسط، مشيرين إلى أن عقد مؤتمر يعالج مشاكل الهجرة يندرج في إطار خطة رئيسة الحكومة الإيطالية التي تسعى إلى تنفيذها منذ وصولها إلى السلطة، وذلك في إطار مقاربة شاملة يثار خلالها الملف على مستوى أوسع، تشمل كذلك غرب آسيا التي يتدفق منها المهاجرون أيضا.

والدول المقرر أن تشارك في الاجتماع هي: تونس وتركيا وليبيا والجزائر والإمارات، إلى جانب الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وفق مسؤولين إيطاليين.

ومع ذلك، لا يُتوقع أن تكون فرنسا ضمن الدول المشاركة في الاجتماع وقد يؤدي غيابها إلى إضعاف فرص التوصل لنتائج قوية. ودخلت فرنسا في صدام مع إيطاليا العام الماضي بشأن الهجرة.

وتعطي رئيسة الوزراء الإيطالية، التي تشهد بلادها ارتفاعا في معدلات الهجرة إليها هذا العام، الأولوية لإشراك الدول الأخرى في خطط لمنع المهاجرين من الشروع في رحلة محفوفة بالمخاطر إلى أوروبا.

وميلوني تقود ائتلافا يمينيا منذ أكتوبر، وتعثرت جهودها حتى الآن لوقف هذه الزيادة في عدد الوافدين. ووصل نحو 83400 شخص إلى الشاطئ الإيطالي حتى الآن هذا العام، مقارنة بنحو 34 ألف شخص في 2022.

ولقي 94 شخصا على الأقل حتفهم بعد أن تحطم قاربهم قبالة ساحل إقليم كالابريا في أواخر فبراير.

وقالت الحكومة إن المؤتمر سيناقش أيضا القضايا المتعلقة بتغير المناخ والطاقة في الوقت الذي تعمل فيه إيطاليا على تنفيذ مبادرة تعاون في مجال الطاقة مع أفريقيا، أو ما يسمى "خطة ماتي"، تيمنا باسم مؤسس مجموعة الطاقة الإيطالية إيني إنريكو ماتي في فترة ما بعد الحرب.

وأعلنت ميلوني نيتها طرح الخطة خلال القمة الإيطالية ـ الأوروبية المقررة في أكتوبر المقبل.

وتتمحور خطة "ماتي" حول تحويل إيطاليا إلى مركز رئيسي للطاقة وتوزيع الغاز من شمال أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط إلى بقية أوروبا.

ويأتي المؤتمر بعد أسبوع واحد فحسب من توقيع الاتحاد الأوروبي اتفاق شراكة مع تونس، إحدى البؤر النشطة لإقلاع المهاجرين، تعهد فيه التكتل بتقديم ما يصل إلى مليار يورو (1.1 مليار دولار) كمساعدة للتصدي لمهربي البشر ودعم اقتصاد البلاد المنهك.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الإنسان إن الاتفاق "لم ينطو على ضمانات تمنع السلطات التونسية من انتهاكات حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء"، في إشارة إلى حملة الرئيس سعيد على الأجانب.