هل خسر عمالقة الذكاء الاصطناعي تفوقهم أمام ديب سيك الصيني

كان هذا التطوّر بمثابة ثورة، فقد سلط الضوء على حركة كانت قائمة منذ أشهر، وهي حركة "تسليع" برامج الذكاء الاصطناعي التوليدية.
الثلاثاء 2025/03/18
سباق محموم

لاس فيغاس (الولايات المتحدة) – هزت شركة ديب سيك الصينية الناشئة قطاع الذكاء الاصطناعي التوليدي يناير الماضي مع برنامجها منخفض الكلفة، ولكن عالي الأداء، إلى درجة أنها دفعت لإعادة النظر في هيمنة الشركات الكبرى ومن بينها أوبن أي.آي، على القطاع.

وعلى مدار العامين الأخيرين، نجحت حفنة من البرامج القائمة على الذكاء الاصطناعي في ترسيخ وجودها، من تشات جي.بي.تي إلى كلود التابعة لأنثروبيك مرورا بجيميناي من غوغل، وذلك بفضل استثمارات بمليارات الدولارات للتعامل مع أفضل المهندسين ونشر القدرات اللازمة (رقائق وخوادم ومراكز بيانات).

وابتكرت ديب سيك، مقرها هانغتشو، نموذجها آر 1 بعدد أقل من المعالجات، من دون استخدام الرقائق الأكثر تقدما، وبتكلفة معلنة قدرها ستة ملايين دولار فقط.

توماس وولف: الكلفة أدت إلى تراجع أهمية تحديد النموذج الأفضل
توماس وولف: الكلفة أدت إلى تراجع أهمية تحديد النموذج الأفضل

وتشير بيانات صينية إلى أن ليانغ وينفينغ، الشريك المؤسس لصندوق التحوط هاي فلاير، يملك حصة حاكمة بها.

وقال الصندوق عبر حسابه على وي.تشات في مارس 2023 إنه “يبدأ من جديد”، وسيكثف تخصيص الموارد لتشكيل “مجموعة بحثية جديدة ومستقلة، لاستكشاف جوهر الذكاء العام الاصطناعي.” وتأسست ديب سيك في وقت لاحق من ذلك العام.

وبالنسبة إلى كثيرين، كان هذا التطوّر بمثابة ثورة، فقد سلط الضوء على حركة كانت قائمة منذ أشهر، وهي حركة “تسليع” برامج الذكاء الاصطناعي التوليدية.

ويقول توماس وولف، المشارك في تأسيس منصة الذكاء الاصطناعي هاغينغ فايس، إن “كلفة إطلاق نموذج تتقلص، ومسألة تحديد النموذج الذي ينبغي الاعتماد عليه تتراجع أهميتها.”

ويضيف في تصريحات لوكالة فرانس برس “الناس يتجهون نحو عالم متعدد النماذج”، مضيفا “أن تكون للمرء حرية الخيار أمر مذهل”.

ويرى أنّ الاستقبال البارد الذي قدمه القطاع ووسائل الإعلام لإطلاق تشات جي.بي.تي 4.5، في نهاية فبراير الماضي، يشكل مثالا على هذا الاتجاه.

وأكد مدير المنتجات لدى أوبن أي.آي كيفن ويل في مؤتمر هيومن إكس.أي.آي الذي أقيم مؤخرا في مدينة لاس فيغاس الأميركية، أن مقولة إن كل النماذج متشابهة “ليست صحيحة”.

وأضاف “لن نكون أبدا بعد اليوم متقدمين على منافسينا بفارق 12 شهرا، لكننا لا نزال متقدمين بما يتراوح بين 3 و6 أشهر.”

ومع 400 مليون مستخدم فردي، تستفيد الشركة الأميركية الناشئة، بحسب ويل، من تأثير حجم يمنحها ميزة مرتبطة بالبيانات المستمدة من الاستخدام الهائل، والمستعملة لتحسين نماذجها بشكل متواصل.

ويقول رئيس شركة ديجيتس الناشئة جيف سيبرت “أعتقد أنها ستبقى في المقدمة، لكنّ الفجوة بينها وبين شركات أخرى ستتقلّص، وفي حالات كثيرة، سيتم استخدامها” مع برامج أخرى.

40

مليار دولار ضختها شركة الاستثمار اليابانية سوفت بنك في رأسمال أوبن أي.آي في فبراير الماضي

ويضيف “بالنسبة إلى التطبيقات الأكثر تقدما، سيكون هناك فرق، ولكن بالنسبة إلى معظم الاستخدامات الأخرى، لن تكون لذلك أهمية كبيرة. لذا فإن نصيحتي لرواد الأعمال والمستثمرين هي التأكد من إمكانية تنقل المستخدم بسهولة بين النماذج.”

وأدى الاستخدام الأفضل للرقائق وتقنيات تحسين النماذج الجديدة إلى خفض تكلفة تصميم أل.أل.أم (نموذج لغوي كبير)، وهو المحرّك المخفي تحت غطاء محرك تشات جي.بي.تي أو جيميناي من غوغل. ويساهم صعود “المصادر المفتوحة”، أي نشر برنامج للاستخدام المجاني والمفتوح، في انتشار منصات الذكاء الاصطناعي التوليدية.

ويقول أنجيلو زينو من شركة سي.أف.آر.أي إنّ “تقييم المتخصصين في النماذج الكبيرة لشركات مثل أوبن أي.آي وأنثروبيك، وهما من المجموعات القليلة التي تقاوم حتى اليوم “المصادر المفتوحة”، “ربما وصل إلى ذروته، مع تبدد التأثير المرتبط بالسرعة.”

لكن ذلك لم يمنع شركة الاستثمار اليابانية سوفت بنك من ضخ 40 مليار دولار في رأسمال أوبن أي.آي في فبراير الماضي. وتقدر هذه العملية الشركة بحوالي 300 مليار دولار، أي نحو ضعف القيمة التي كانت عليها في العام الماضي. وفي مطلع مارس الحالي، جمعت أنثروبيك مبلغا قدره 3.5 مليار دولار، وهو ما يقدر قيمة الشركة بحوالي 61.5 مليار دولار.

ويقول جاي داس من شركة رأس مال المخاطرة سافير فانتشرز “إذا كنت تحصل على مليار دولار نقدا كل شهر، وهذه هي الحال على ما أعتقد مع أوبن أي.آي، فعليك الاستمرار في جمع الأموال حتى يتجاوز حجم إيراداتك هذا المبلغ.” وأضاف “أجد صعوبة في رؤية كيف سيصلون إلى هناك.”

10