هل حان الوقت لخروج الادب المصري الجديد من العتمة

القاهرة - انتهت سنة 2013 مخلّفة وراءها واقعا مصريا حافلا بالأحداث السياسية والاجتماعية طالت جوانب كثيرة من ساحات الأدب والفكر. حيث تكشّفت في المشهد الإبداعي مجموعة من الظواهر الإبداعية التي تفاعل أصحابها مع مجريات معيشهم واعتمدوها عجينة يصوغون منها بناءاتهم الأدبية سواء في الرواية أو في القصة. وفي هذا التحقيق تسلط “العرب” الضوء على الأصوات السردية الجديدة في محاولة منها للإجابة عن السؤالين المواليين: هل بإمكان تلك الأسماء رفد حركة الإبداع في مصر؟ وماذا عن هواجس نشر التجربة الأولى؟
|
تقديس الرموز
الروائي طلال فيصل يجيب عن سؤال هاجس الكتابة لديه بقوله: “لا أنتظر من الكتابة كسبا ماديا أو شهرة، فأنا أمتهن الطب ولديّ ميثاقٌ معه، أما الكتابة فأتمنى أن تظل هي الموهبة التي أتلاقى فيها مع روحي، أبحث فيها عن أسباب السعادة وأقلّب في الذات الإنسانية لمعرفة أعمق نحو النفس، أقوم بدور صغير في اكتشاف الجَمَال في بلادي وفي أهل بلادي، أكتب كثيرا عن التراث المنسيّ وأحاول العودة إلى مناطق مهجورة في النفس والأرض علّها تبصّرنا بمستقبل أفضل”. ويضيف طلال فيصل موضحا: “أنا مهتم بشيئين الأول هذا النوع من الفن الروائي، المعروف برواية السيرة وهو نوع أدبي مهم جدا في الخارج في أنكلترا أو أميركا أو فرنسا. للأسف ولأسباب كثيرة -أهمها اعتيادنا تقديس الرموز وعدم تقبل المجتمع لنقد هذه الرموز- صار هذا النوع الأدبي غير منتشر بقوة. ولا تجد له نماذج كافية في المكتبة العربية.
والشيء الآخر الذي يثير اهتمامي هو تلك الشخصيات التي تعتبر مختصرا مفيدا للفترة الزمنية التي عاشت فيها.
|
نجيب سرور مثلا بصداماته ومعاركه الأدبية وحياته الصاخبة المليئة بالدراما هو المختصر المفيد لمصر ما بعد النكسة. هذا المزيج المدهش المؤلم من الألم والجنون. أكتب كذلك الآن عن بليغ حمدي، والذي تعتبر أعوامه الأخيرة وتغريبته في فرنسا مختصرا مفيدا لمصر ما بعد الانفتاح. الثمانينات ودلالاتها.
بطولة المكان
الروائية زينب عبد الحميد تقول في هذا الشأن: “لم تكن فكرة الكتابة الروائية شيئا أخطط له على الإطلاق فقط اقتصرت بعض كتاباتي على القصة القصيرة أو القصة القصيرة جدا.
صادف أن قرأت رواية “كسر الإيقاع" ليوسف نبيل وتناقشنا حول عدة أمور كشفت عن اتجاه ثقافي مشترك. حفزتني فكرة نبيل لخلق نوع جديد من الكتابة يعتمد على رؤية مزدوجة لعمل فني واحد، وينبعث كذلك من صوتين مختلفين يحملان زوايا مختلفة للحياة. فجاءت أولى روايتنا المشتركة “في مقام العشق” ونالت إعجاب من قرأها.
بالطبع النشر في دار شابة يختلف عن الرواج والدعاية الضخمة التي تحتكرها دور النشر التجارية، إلا أن فرحتنا بالإبداع يتجاوز النجاح التجاري؛ فقد جاء عرض فرقة “ولسه” بقيادة المخرج “جون ميلاد” لتقتبس حكيا من رواية في مقام العشق في عرضها بالإسكندرية. وفي الشأن نفسه، يؤكد القاص رضوان آدم أن المجموعة القصصية “جبل الحلب” الصادرة عن دار “روافد” في أواخر أكتوبر الماضي، هي أول عمل أدبي لمراسل صحفي من القاهرة.
ويقول: “الذي دفعني لدخول مضمار الأدب، هو رغبتي القديمة الملحة في إزاحة الستار عن قصص الخالات والجدات، اللائي كن يحكينها لي صغيرا، ونحن نشرب الشاي المخلوط بالحطب والمَحْلب، والنعناع؛ خفت أن تبلعها الشقوق والدروب.
|
ويضيف رضوان آدم قوله: “أعتقد أن العمل لاقى ترحيبا ممتازا من القراء، وهذا يهمني، أكثر، وهو لاقى ترحيبا معقولا من نقاد، لكن لا يجب أن يحزن أو يفرح الأديب لردود الفعل حول العمل، فلو كان هو مرحبا بنصه، فسوف يدافع النص الحقيقي عن نفسه، ويعيش”.
الخوف من القادم
القاصة غادة قدري تقول إنّ كتابة المجموعة القصصية المعنونة بـ”المغتربة” جاءت صدفة، ففي البداية “كانت الكتابة من خلال المدونات خاصة عندما كنت أعيش خارج مصر وكنت أعتبر التدوين نافذة أطل من خلالها على العالم وأتواصل مع الكتّاب من خلالها، وكنت أكتب قصصا قصيرة من واقع الحياة ومن تجارب المحيطين بي، ولم أفكر يوما في النشر لسنوات طويلة.وما حدث هو دخولي عالم الصحافة وتخصصي في الصحافة الثقافية منذ عدة سنوات والتقائي برموز كثيرة من الأدباء خاصة من جيل الشباب الذين شجعوني على نشر ما أكتبه، كنت مترددة في البداية وشعرت بأن كتابتي ربما لا ترقى إلى النشر وبعد أن اقتنعت بضرورة خوض التجربة نشرت مجموعتي الأولى. وقد كان لها صدى جيد، وحققت لي تواصلا أكبر وثقة أكثر ولكن على المستوى الشخصي لست راضية عن تكنيك كتابتي فيها وكنت أتمنى لو كانت بشكل أفضل؛ إضافة إلى أني خائفة جدا من عملي القادم وخاصة أن المنافسين كثر وأقلام النقاد لا ترحم ولا بدّ أن أكتب بشكل احترافي أكثر ممّا سبق لأن القراء ينتظرون وجمهوري يتوقع مني رواية قوية”.