هل جربت عصيدة الزقوقو

العصيدة اللذيذة التي يتم إعدادها في ذكرى المولد النبوي تبقى خصوصية تونسية لا تتوفر في أيّ بلد آخر من بلدان العالم.
الأحد 2024/09/15
العصيدة ارتفعت تكاليفها مع غلاء أسعار المادة الأولية

منذ سنوات، أصبح الاحتفال بالمولد النبوي الشريف مرتبطا بعصيدة الزڨوڨو (بالقاف الثلاثية أو المعقودة) التي ارتفعت تكاليفها مع غلاء أسعار المادة الأولية وهي تلك الحبوب التي يجمعها سكان محليون بمناطق الغابات الجبلية في شمال ووسط غرب البلاد، والتي يعتبر التونسيون الوحيدين في العالم الذين يستعملونها في صناعة نوع من الحلوى بعد أن التجأوا إلى تناولها فرارا من المجاعة التي ضربت البلاد خلال سبعينات القرن التاسع عشر.

ويستخرج التونسيون حبوب الزقوقو من المخاريط التي تنتجها الشجرة في إعداد وجبتهم المفضلة، والتي تحولت من رمز للفرار من الجوع القاتل قبل 150 عاما إلى رمز للرفاه الاجتماعي والاقتصادي من خلال ارتباطها بالعصيدة التي بدأت تنتشر على نطاق واسع، لاسيما بعد أن دخلت مرحلة التصنيع والترويج لها عبر الإعلان التلفزيوني ومواقع الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي.

والزقوقو هي ثمار شجرة الصنوبر الحلبي الذي يعتبر من الأنواع الأصلية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، كما باتت تلك الشجرة تنتشر في أغلب دول العالم مثل أستراليا، والولايات المتحدة حيث تعتبر المنطقة الساحلية في كاليفورنيا مثالية لظروف نمو الصنوبر الحلبي.

ويُعتقد أن شجرة الصنوبر الحلبي ربما كانت أول شجرة عيد ميلاد. وفي اليونان، كانت تزين تكريما للإله آتيس وهو إله الخضرة والماء الذي نشأت عبادته في فريجيا في غرب تركيا في تشابه كبير مع طقوس عبادة الإله تموز في العراق والإله أدونيس في سوريا، والذي يندب الناس حظهم ويفرحون ببعثه من الموت كل سنة في فصل الربيع.

وأما اسم الصنوبر الحلبي، فإن من أطلقه على تلك الشجرة هو عالم النبات الأسكتلندي فيليب ميلر، وكان ذلك في العام 1768، نسبة إلى حلب في سوريا، وقد أخطأ في ذلك، نظرا إلى أن الحلبيين والسوريين وأهل المشرق العربي عموما يطلقون اسم الصنوبر على نوع آخر من الحبوب يستهلكها التونسيون مع أكواب الشاي الأخضر ويزينون بها صحفة الزقوقو، ويطلقون عليه "البندق"، في ما يطلقون على ثمار البندق الحقيقية اسم "البوفريوة" وهو منافس عنيد للزقوقو كمادة أولية لصناعة عصيدة المولد النبوي الشريف.

اللافت أن هناك كميات مهمة من "الزقوقو" أضحت تصل إلى تونس مهربة من الجزائر التي يجأ الكثير من سكان مناطقها الغابية لجمع محصول الصنوبر الحلبي واستخراج حبوبه من المخاريط بطرق وأدوات تقليدية ثم بيعها في إطار معركتهم من الفقر والعوز. ولكن المؤكد أن تلك العصيدة اللذيذة التي يتم إعدادها بالخصوص في ذكرى المولد النبوي الشريف تبقى خصوصية تونسية لا تتوفر في أيّ بلد آخر من بلدان العالم.

18