هل تنقذ تنازلات حماس مفاوضات الهدنة في القاهرة

حضور وفود قطر ومصر والولايات المتحدة، وإسرائيل تترقب.
الأحد 2024/05/05
الهدنة لتخفيف معاناة الفلسطينيين

حماس أرجأت ردها وأخذا ما يكفي من الوقت ثم أرسلت وفدها إلى القاهرة، ولا يعرف إن كانت المهلة التي أخذتها الحركة ستحمل جديدا يمكن أن يسهل المفاوضات أم يعيدها إلى مربع التصعيد في ظل تلويح إسرائيل ببدء الهجوم على رفح.

القاهرة - وصل وفد من حركة حماس السبت إلى القاهرة لاستئناف مباحثات وقف إطلاق النار في غزة حيث تهدد إسرائيل بشن هجوم بري على مدينة رفح رغم تحذيرات واشنطن والأمم المتحدة. ويراهن متابعون على أن حماس ستقدم بعض التنازلات حتى وإن كانت غير كافية لتسهيل مسار الهدنة حتى لا تبدو في صورة من يعرقل المفاوضات ويديم الحرب.

ومع اقتراب الحرب بين الدولة العبرية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) من إتمام شهرها السابع، واصلت إسرائيل شنّ غارات جوية على أنحاء مختلفة من القطاع المحاصر خصوصا رفح قرب الحدود مع مصر، والتي يقيم فيها أكثر من مليون فلسطيني نزحوا في معظمهم من مناطق أخرى في القطاع جراء الحرب.

وتتواصل جهود الوساطة التي تقودها مصر وقطر والولايات المتحدة، سعيا للتوصل إلى هدنة والإفراج عن رهائن إسرائيليين في القطاع لقاء إطلاق سراح فلسطينيين من السجون الإسرائيلية. ووصل وفد من الحركة إلى مصر برئاسة عضو مكتبها السياسي خليل الحية. وكانت الحركة أكدت خلال الأيام الماضية أنها تدرس المقترح الأخير بـ”روح إيجابية”، مع تمسّكها بأهم مطالبها في هذه المرحلة، وهو أن تؤسس الهدنة إلى وقف شامل لإطلاق النار يضع حدّا للحرب.

وكانت الحركة أوضحت في بيان الجمعة “إننا عازمون على إنضاج الاتفاق، بما يحقّق مطالب شعبنا بوقف العدوان بشكل كامل، وانسحاب قوات الاحتلال، وعودة النازحين، وإغاثة شعبنا وبدء الإعمار، وإنجاز صفقة تبادل جادة”.

وأفاد مسؤول في الحركة فرانس برس أن المباحثات ستعقد “بحضور كل الوفود، القطري والمصري وحتى الأميركي”، مضيفا “إذا تطورت الأمور سيتم إحضار الوفد الإسرائيلي في قاعة منفصلة.. لمحاولة إنجاز الاتفاق”. وأكد أن الحركة “تنظر بعقل منفتح للتغيرات في موقف الاحتلال والموقف الأميركي لكن هناك أمور يجب أن يتم إحكامها”.

من جهته، قال مسؤول إسرائيلي كبير إن إرسال وفد من الدولة العبرية إلى العاصمة المصرية رهن بلمس “تطور إيجابي” بشأن إطار صفقة الرهائن. وصرّح “ما نبحثه هو اتفاق حول إطار عمل لصفقة رهائن محتملة”، متوقعا مفاوضات “صعبة وطويلة من أجل التوصل إلى اتفاق فعلي”. وتابع المسؤول “إذا أرسلنا وفدا بقيادة رئيس الموساد إلى القاهرة فسيكون ذلك مؤشرا على تطور إيجابي بشأن إطار العمل”.

◙ مسؤول في حماس: الحركة تنظر بعقل منفتح للتغيرات في موقف تل أبيب وواشنطن لكن هناك أمور يجب أن يتم إحكامها

وكانت قناة “القاهرة الإخبارية” المقربة من المخابرات المصرية، قد نقلت عن مصدر مصري رفيع تأكيده حصول “تقدم ملحوظ” في المفاوضات. وتدفع واشنطن التي وصل مدير وكالة استخباراتها (سي آي إيه) وليام بيرنز إلى القاهرة الجمعة، الحركة الفلسطينية إلى القبول بالمقترح الذي اعتبره وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن “سخيا جداً” من قبل إسرائيل.

وقال بلينكن الذي تُعدّ بلاده أبرز داعم لإسرائيل في هذه الحرب، إن “الواقع في هذه اللحظة أن العقبة الوحيدة بين شعب غزة ووقف إطلاق نار هي حماس”. وتنتظر دول الوساطة منذ حوالي أسبوع ردا من حماس على المقترح الذي قدمته إسرائيل في نهاية أبريل ويشمل وقفا لإطلاق النار لمدة 40 يوما وتبادل العشرات من الرهائن الذين خطفوا من جنوب إسرائيل خلال هجوم حماس، بعدد من المعتقلين الفلسطينيين لدى إسرائيل.

ورفضت إسرائيل إلى الآن، خصوصا رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، الموافقة على وقف دائم لإطلاق النار في غزة. وبعدما توعدت الدولة العبرية بـ”القضاء” على الحركة، تلوّح منذ أسابيع بشن هجوم برّي على مدينة رفح المكتظة بحوالي 1.4 مليون فلسطيني معظمهم نازحون هربوا من القصف والمعارك.

ويشدد نتنياهو على أن هذا الهجوم ضروري “للقضاء” على آخر كتائب حماس، وهو هدّد بالمضي فيه “مع اتفاق أو من دونه”، في إشارة إلى مباحثات الهدنة. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي الخميس “سنفعل ما هو ضروري للانتصار والتغلّب على عدوّنا، بما في ذلك في رفح”. واعتبر عضو المكتب السياسي لحماس حسام بدران أن تصريحات نتنياهو هدفها “إفشال أيّ إمكان لعقد اتفاق”.

وأوردت صحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن مصادر مصرية أن إسرائيل تمهل المفاوضات أسبوعا إضافيا قبل الشروع في الهجوم على رفح. وأبدت واشنطن مرارا معارضتها لمثل هذا الهجوم ما لم يقترن بخطط موثوق بها لحماية المدنيين الفلسطينيين.

وقال بلينكن الجمعة إن إسرائيل لم تقدم “خطة ذات مصداقية لتأمين حماية حقيقية للمدنيين” في رفح، مضيفا “في غياب مثل هذه الخطة، لا يمكننا دعم عملية عسكرية كبيرة في رفح لأن الضرر الذي ستُحدِثه يتجاوز حدود المقبول”. كذلك حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس الجمعة بأن “عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح قد تؤدي إلى حمام دم”.

وتشكل رفح نقطة العبور البرية الرئيسة للمساعدات الإنسانية الخاضعة لرقابة إسرائيلية صارمة والتي تدخل بكميات ضئيلة لا تكفي إطلاقا نظرا إلى الاحتياجات الهائلة لسكان القطاع البالغ عددهم حوالي 2.4 مليون نسمة.

وفي مواجهة الصعوبات في إيصال المساعدات برا، تشارك دول عدة في إنزال مواد غذائية جوا في غزة. كما تعمل الولايات المتحدة على بناء رصيف بحريّ عائم قبالة سواحل غزة لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية. وفي ظل الصعوبات التي يواجهها سكان القطاع على صعيد المعونات، ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية السبت أن مجموعات مسلحة زعمت إحداها أنها مرتبطة بحماس، سرقت ما يصل إلى 66 مليون يورو في أبريل من فروع لبنك فلسطين في قطاع غزة.

وقالت الصحيفة إنها اطلعت على وثيقة أرسلها البنك “إلى شركاء دوليين” وصف فيها عمليات سطو نوعية، طالت إحداها فرعه الرئيسي في مدينة غزة. وإضافة إلى تلك العمليات، استولى الجيش الإسرائيلي على “مبلغ كبير من الأموال يعود للمؤسسة النقدية نفسها” في القطاع، بحسب لوموند. وهي نقلت عن وسائل إعلام إسرائيلية قولها في فبراير إن “المبلغ الذي صودر يصل إلى ملايين الدولارات وأن العملية كانت تهدف إلى منع حماس من الاستيلاء عليه”.

3