هل تنجح قمة بغداد في تخفيف التوترات بين إيران والسعودية

بغداد - دعا العراق كلا من إيران ودول الخليج لحضور قمة تحتضنها العاصمة العراقية بغداد بهدف تهدئة التوترات التي دفعت بالجانبين إلى حافة الصراع المعلن الذي تفاقم في السنوات الأخيرة، وسط شكوك حول مدى قدرته على جمع الأضداد والخصوم حول طاولة حوار لحل الخلافات المتراكمة.
وتسعى حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للتوسط لحل الخلافات وعقد تفاهمات إقليمية تقلل من مساحة التدخلات الخارجية في العراق، الذي وجد نفسه ساحة صراع بين النفوذ الإيراني الإقليمي ومحاولة السعودية احتواء هذا التغلغل.
وكانت التوترات بين السعودية وإيران قد تزايدت بعد اعتداء وقع عام 2019 على منشآت نفطية سعودية أدى إلى توقف نصف الإنتاج النفطي السعودي لفترة وجيزة، وحمّلت الرياض إيران مسؤولية الهجوم غير أن طهران نفت صحة هذا الاتهام.
وتشعر السعودية بالقلق من إحياء إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن المحادثات النووية التي قد تفضي إلى تخفيف العقوبات المفروضة على طهران، وترى في التواصل وسيلة لاحتواء التوترات دون التخلي عن مخاوفها الأمنية من الهجمات التي تحمّل إيران وحلفاءها مسؤوليتها.
ولم تحقق جولات الحوار غير المعلنة بين السعودية وإيران بوساطة الحكومة العراقية في أبريل من العام الماضي أي تقدم في مسار تطبيع علاقات البلدين، باستثناء تخفيف حدة الخطاب العدائي بينهما.
ويأمل المسؤولون العراقيون في مشاركة الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي الذي ينتمي إلى غلاة المحافظين، في الاجتماع المقرر عقده السبت وسط توقعات بحضور وزراء من دول خليجية من بينها السعودية والإمارات.
وأكدت مصادر دبلوماسية في الرياض أن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان سيرأس وفد بلاده إلى قمة بغداد نيابة عن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وأوضحت المصادر أن عددا من كبار المسؤولين السعوديين سيرافقون الوزير إلى العاصمة العراقية.
وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان سيرأس وفد بلاده إلى قمة بغداد نيابة عن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز
وقال مسؤول مقرب من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي "حتى إذا جمعنا وزراء الخارجية على طاولة واحدة فمن الممكن أن يعتبر ذلك انفراجا لإنهاء التوترات بين إيران ودول الخليج".
وأضاف أن العراق الذي استضاف اجتماعات خاصة بين مسؤولين سعوديين وإيرانيين في وقت سابق من العام الحالي، تلقى "إشارات إيجابية" من طهران ودول الخليج تفيد باستعدادهما للمزيد من المحادثات المباشرة.
وتوقعت مصادر إقليمية إجراء جولة أخرى من المباحثات المباشرة بين المسؤولين الإيرانيين والسعوديين على هامش القمة، لكن المصادر لم تتوقع تحقيق انفراجة.
وقال أحد المصادر، وهو مسؤول إيراني رفيع، "لقد رحبنا دوما بتحسين العلاقات مع دول المنطقة مثل السعودية، وهذه أولوية في السياسة الخارجية للرئيس رئيسي. ولدي شكوك كبيرة في ما إذا كان ذلك سيحدث في العراق الأسبوع المقبل".
وبدأت الرياض وطهران المباحثات المباشرة في أبريل لاحتواء التوترات، بينما أجرت القوى العالمية مفاوضات لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع إيران.
وتعارض السعودية وحلفاؤها هذه المفاوضات لأنها لا تتناول برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني والميليشيات التي تعمل لحساب طهران.
وأكدت السعودية مرارا أنها تريد أفعالا يمكن التحقق منها من إيران، وفي وقت سابق من الشهر الجاري قال الأمير فيصل بن فرحان إن إيران ازدادت جرأة وإنها تتصرف بطريقة سلبية في الشرق الأوسط، بما في ذلك اليمن ولبنان وفي بحار المنطقة.
وتأكدت مشاركة وحضور الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمصري عبدالفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، ورئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، وسيمثل روسيا في القمة سفيرها لدى العراق.
وأعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أن "بغداد تلقت أجوبة إيجابية جدا على الدعوات التي قدمتها لعدد من الدول لحضور القمة".
وحول مسألة مشاركة سوريا في القمة قال حسين إن "مسألة سوريا مسألة خلافية وليست معنا، لدينا علاقات جيدة ونحن لم نقطع أبدا علاقتنا الدبلوماسية مع سوريا، وفي الواقع نحن أصحاب الشأن في طرح مسألة سوريا، سواء على المستويات العربية أو الدولية، وندعو إلى إعادة دورها... لكن مسألة عودة سوريا مسألة خلافية إلى حد الآن، وأعتقد أن الإخوة السوريين يتفهمون ذلك".
ويرى مراقبون أنه من غير المتوقع أن يخرج المؤتمر بتوافقات وتفاهمات بين الدول المشاركة التي تسود علاقاتها توترات وخلافات جوهرية على ملفات وقضايا حساسة، إلا أنه يمكن أن يشكل خطوة على طريق حوار مستقبلي واجتماعات ثنائية بين دولة أو أكثر من دول جوار العراق، ويخلق رؤية مشتركة لحل الصراعات، خاصة وأن دولا عدة مشاركة في المؤتمر تعد أطرافا فاعلة في هذه الصراعات.