هل تنجح تونس في استثمار مشاركتها في قمة باريس

رهان على الفوز باستثمارات بيئية وإيجاد حلول للتخلص من عبء الديون.
الخميس 2023/06/22
تونس الأكثر تضررا من التغييرات المناخية

تونس - يأمل مراقبون للوضع السياسي والاقتصادي في تونس أن يتمكن الرئيس قيس سعيد من الاستفادة من مشاركته في قمة باريس من أجل عقد مالي جديد سواء بالحصول على تمويلات أو تخفيف الديون، في ظل تعطل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وتوجه الرئيس التونسي إلى فرنسا بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، للمشاركة في القمة التي تحتضنها العاصمة الفرنسية باريس اليوم وغدا. وتستضيف باريس القمة بهدف تحديد خارطة طريق لتخفيف عبء ديون البلدان الأقل ثراء وتعزيز صمود الدول الأكثر هشاشة في مواجهة الصدمات الاقتصادية وتداعيات التغيرات المناخية.

كما ينتظر أن تقترح قمة باريس أدوات ضرائب وتمويل دولية جديدة، وتسعى إلى تجاوز الفشل الذي أظهرته الدول الغنية في التعامل مع أزمة المناخ، لاسيما في ما يتعلق بتوفير 100 مليار دولار سنوياً لمعالجة الأزمة، وتخصيص التمويلات اللازمة لخدمة قضايا المناخ ومساعدة البلدان المتضررة من السياسات الصناعية والاقتصادية التي انتهجتها الدول المصنعة.

◙ تونس تحل في المرتبة الخامسة والثلاثين من بين 183 دولة الأكثر عرضة للظواهر المناخية المتطرفة في العالم

وتجمع القمة العشرات من القادة (100 رئيس دولة) في باريس للعمل على التوصل إلى إجماع على مستوى رفيع حول كيفية المضي قدما في تفعيل عدد من المبادرات المعطلة حاليا والمتعلقة بتخفيف الديون وتمويل القضايا المناخية.

ويتوقع محللون أن تستفيد تونس من المشاركة في القمة، سواء من خلال فعالياتها أو بعقد اللقاءات الثنائية على هامشها، إذ يمكنها الإقناع بالحصول على تمويلات لبعض المشاريع البيئية والفوز بعقود استثمار تراعي الوضع التونسي، بالإضافة إلى تحقيق مكاسب في ما يتعلق بالديون.

وينادي خبراء اقتصاديون في تونس باستحداث آليات جديدة لديونها تعود عليها وعلى الدائنين بالنفع وفق خيارات ثلاثة، أولها طرح جزء من الديون، وثانيهما تحويل جانب من الديون إلى استثمارات في تونس، وثالثها تعليق خلاص بعض أقساط الديون إلى أجل مسمى حتى تتمكن البلاد من تحويل تلك الأقساط إلى استثمارات بما يخفف الضغط عن ماليتها ويساعدها على دفع الأقساط بحلول الأجل المتفق عليه (هناك من يقترح تعليق دفع الأقساط مدة خمس سنوات).

وتواجه تونس إشكالا حادا يتعلق بوضعها الاقتصادي المتأزم وعدم استجابتها لشروط صندوق النقد الدولي مقابل الحصول على قرض منه، بالإضافة إلى غياب الضمانات من الدول الغنية والهيئات المالية العالمية. كما أن وكالة التصنيف الائتماني فيتش خفضت في وقت سابق من يونيو الجاري تصنيف تونس الائتماني إلى “CCC-” من “CCC+” وعزت ذلك إلى حالة عدم التيقن بشأن قدرة البلاد على جمع الأموال الكافية لتلبية احتياجاتها التمويلية.

ويراهن المراقبون في توقعاتهم على التوافق الأوروبي بشأن ضرورة مساعدة تونس ماليا التي تحولت إلى فضاء تنسيق أوروبي في ما يتعلق بملف الهجرة غير الشرعية.

وكانت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني قالت، على هامش لقاء جمعها الثلاثاء في باريس بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، “يتوجب علينا التحرك بشكل عملي وجاد على مستوى الاتحاد الأوروبي لإيجاد حلول لتونس". واستغل ماكرون الفرصة ليؤكد أنه "يشارك إيطاليا وجهة نظرها بشأن الحاجة الماسة إلى تقديم مساعدة اقتصادية لتونس في ضوء مشاكل الديون التي تواجهها البلاد".

وتعد تونس من البلدان الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي باعتبار موقعها الجغرافي في الفضاء المتوسطي والأفريقي وتضررها بما شهده هذا الفضاء الجغرافي من انخفاض وتباين في معدل التساقطات وارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى ارتفاع مستوى مياه البحر، بما يلقي بتداعياته السلبية على الديناميكية التنموية الاقتصادية والاجتماعية.

◙ محللون يتوقعون أن تستفيد تونس من المشاركة في القمة، سواء من خلال فعالياتها أو بعقد اللقاءات الثنائية على هامشها

وجاءت تونس في المرتبة الخامسة والثلاثين من بين 183 دولة الأكثر عرضة للظواهر المناخية المتطرفة (الفيضانات، والجفاف، والأعاصير..) في عام 2018.

وتستفيد تونس من وفائها بالتزاماتها في المعاهدات والاتفاقات الدولية السابقة، فقد صادقت على اتفاق باريس حول المناخ بموجب القانون الأساسي عدد 72 المؤرخ في 31 أكتوبر 2016 وعرضت مساهمتها على المستوى الوطني منذ سبتمبر 2016، حيث قامت بمراجعة هذه المساهمة طبقا لمقتضيات الفصل 3 من اتفاق باريس في أكتوبر 2021.

وأكدت في هذا الإطار التزامها علـى الصعيد العالمي بإعداد مساهماتها الوطنية وتحيينها وإنجازها، كما التزمت ضمـن مساهماتها المحينة سنة 2021 بالتخفيـض مـن كثافـة الكربـون للاقتصاد الوطني بنسبة 45 في المئة عوضا عن هدف أولي قدر بـ41 في المئة في غضون سنة 2030، وذلك قياسا بالسنة المرجعية 2010.

وكانت وزارة البيئة التونسية نظمت يومي 25 و26 مايو الماضي 2023 ندوة دولية للاستثمار من أجل تنفيذ المساهمة الوطنية المحددة لتونس في إطار التحالف العالمي للمساهمة المحددة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة لأجل التنمية والوكالة الألمانية للتعاون الدولي، وذلك بهدف عرض المشاريع القطاعيّة ذات الأولويّة للتأقلم والتخفيف من انعكاسات التغيّرات المناخية، حيث أكد الشركاء الأجانب لتونس خلال هذه الندوة على مزيد دعم برامج النجاعة الطاقية والمزيد من الاستثمار في مجال الطّاقات المتجددة لمساهمتها في تعزيز صمود البلاد في مواجهة التغيّرات المناخية.

4